عمد مؤيدو الرئيس المعزول محمد مرسي، إلى استخدام استراتيجية جديدة لمواجهة ما يصفونه بـ”الانقلاب العسكري”، وذلك عبر تظاهرات خاطفة أطلقوا عليها اسم “الفراشة”، تهدف إلى إرهاق الأمن، دون الدخول في مواجهات مباشرة معه.
ومنذ عزل مرسي، في 3 يوليو/ تموز الماضي، دخلت جماعة الاخوان المسلمين، والقوى المؤيدة للرئيس المعزول في صدامات، مع الجيش والشرطة، خلال احتجاجات ومسيرات وخلفت عددا كبيرا من القتلى، فضلا عن القبض على أعداد أخرى، ما أدى إلى ظهور حركات شبابية، لم يعرفها الشارع المصري من قبل، مثل: “وَلعْ” و”مولوتوف” و”الردع السلمي”.
وتقول تلك الحركات، بحسب صفحاتها على مواقع التواصل الاجتماعي إن مهمتها هو “الرد على بطش وزارة الداخلية بحق الثوار، والدفاع عن النفس، والقصاص للشهداء”، بانتهاج أسلوب “الفراشة” لإرهاق قوات الأمن.
وبحسب مراقبين، فإن الفترة الأخيرة، شهدت تزايدا في وتيرة العمليات التي قامت بها هذه المجموعات الشبابية، سواء بحرق سيارات الشرطة أو المدرعات، فيما التزم التحالف المؤيد لمرسي الصمت، تجاه هذه الأعمال دون أن يدينها بشكل رسمي.
وقال قيادي في “التحالف الوطني لدعم الشرعية ورفض الانقلاب”، الداعم لمرسي، فضل عدم الكشف عن هويته، “إن التحالف بدأ في اتخاذ استراتيجية جديدة تقوم على زيادة الفاعليات النوعية في الشارع المصري، واستخدام أساليب جديدة من المقاومة السلمية وحرب اللاعنف، والتي قد تؤثر علي حجم وأعداد المتظاهرين”.
ورغم أن التحالف المؤيد لمرسي، لم يتبن رسميا المجموعات الشبابية، التي أعلنت عن نفسها على مواقع التواصل الاجتماعي، إلا أنه قال على لسان أحد قيادييه، إنه انتهج “استراتيجية جديدة تستهدف إرهاق السلطات الحالية عبر تظاهرات محدودة، تجنبا لخروج أعداد كبيرة، والتي تواجه بعنف مفرط يؤدي إلي إصابات واعتقالات وقتلي بين صفوف المتظاهرين”.
وعادة ما تقول الداخلية المصرية، إنها تتعامل مع المتظاهرين وفق قانون التظاهر، الذي أصدرته السلطات المؤقتة في نوفمبر/ كانون الثاني الماضي، والذي يسمح لها باستخدام “القوة المتدرجة”، مع المظاهرات غير المرخص لها.
كما تستند قوات الأمن كذلك في التعامل مع المتظاهرين إلى قرار حكومي، صدر في ديسمبر/ كانون الثاني الماضي باعتبار جماعة الإخوان المسلمين “جماعة إرهابية”، فيما يتهم أنصار مرسي أجهزة الأمن بـ”الاستخدام المفرط للقوة” في مواجهة المتظاهرين السلميين.
وقال القيادي في التحالف المؤيد لمرسي، “نحاول استغلال كل الوسائل المتاحة من أجل إسقاط النظام الحالي، فالشعب أصدر الأمر والقرار وليس أمام من أجرم بحقه سوى الرحيل أو السقوط”، مشيرا إلى أن “الفاعليات الجديدة تزيد من قوة الشارع وتأثيره في إسقاط الانقلاب، وستكون أكثر فاعلية من المظاهرات الكبيرة التي تدخل عادة في اشتباكات مع الأمن”.
وتابع أن “التحالف يضع رؤية أو خطة للتعامل مع الأوضاع الحالية، ولكن الشارع هو من يستجيب أم لا، فلم يعد فقط مؤيدو وأفراد الأحزاب المكونة للتحالف هي من تتظاهر، بل ينضم إليهم يوميا الكثير من المواطنين من غير ذوي التوجه السياسي”.
وأشار إلي أنهم “في بياناتهم علي مدار الأسبوعين الماضيين طالبوا الشعب أن يبدع في طرق ووسائل الاحتجاج في الشارع، فالمجال مفتوح لهذا الإبداع الثوري ومواجهة أي معتد عليهم، في إطار حق الدفاع الشرعي عن النفس″.
من جانب أخر شهدت الفترة الأخيرة تصعيدا إعلاميا من قبل مؤيدي مرسي، ضد السلطات الحالية، حيث قام عدد من النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، بنشر صور وعناوين سكن أفراد الشرطة، الذين يتصدون للتظاهرات المؤيدة لمرسي.
كما تضمنت الحرب الإعلامية نشر أسماء وعناوين سكن عدد من القضاة، الذين أصدروا أحكام بحق مؤيدي مرسي، والتي يعتبرونها “قاسية” و”مسيسة”، مهددين عبر مواقع التواصل الاجتماعي، بتوسعة نطاق عملهم ليشمل المحرضين من إعلاميين وكتاب ومذيعين ووكلاء نيابة وسياسيين وحزبيين يساندون السلطات الحالية.
من جانبه، قال إمام يوسف، عضو الهيئة العليا لحزب “الأصالة” والقيادي بالتحالف الداعم لمرسي، لوكالة الأناضول: “التصعيد الآن في الشارع بيد الشباب، وليس للتحالف سيطرة علي كل من يخرج رافضا للانقلاب العسكري”.
وأضاف: “نثمن التصعيد الثوري وحرب اللاعنف شريطة، ألا ينجر هؤلاء لعنف تسيل علي إثره دماء المصريين، فلا بديل عن السلمية”.
وختم قائلا: “يهمنا كسر الانقلاب، ولا نتحدث عن الوسيلة، فكل الوسائل متاحة طالما تعتمد علي السلمية”.
وقال مختار غباشي، نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والاستراتيجية، لوكالة الأناضول عبر الهاتف، إن “الضغط الذي يقوم به تيار الإسلام السياسي والتحالف الداعم لمرسي، سيؤتي ثماره في وقت من الأوقات طال أم قصر”.
واوضح أن “المبادرات السياسية التي ظهرت علي الساحة السياسية علي مدار الأيام القليلة الماضية، تؤكد أن الكل يبحث عن مخرج سياسي، والاقتناع بأن الخيار الأمني غير مجدي الآن”.
وأشار إلي أن “التحالف الداعم لمرسي أثبت أنه قادر علي الاستمرار في الشارع، وتغيير الاستراتجية تأتي في إطار التصعيد من أجل تحقيق مآرب ومكاسب جديدة”.