قال الدكتور أنور محمد قرقاش وزير…
قال الدكتور أنور محمد قرقاش وزير الدولة الاماراتي للشؤون الخارجية أن الربيع العربي وخاصة تحكم الإسلام السياسي ببعض مراحله أوجد تحالفا غريبا خلط بين قيم أراد الغرب أن يدفع بها وانتهازية ارادت أحزاب الإسلام السياسي والحزبي أن تستغلها”.
اوضح ان المرحلة ومخاضها شهد هجوما يستهدف الإمارات وسجلها وقد أدركنا أن شبكتنا الدبلوماسية عليها أن تبني قدراتها في هذا الجانب أمام هجوم حزبي يؤلب ضد الإمارات لأنها تحمل راية الاستقرار والاعتدال وتبني الأساس لتجربة عربية حداثية ومتطورة.
جاء ذلك في محاضرة شهدها الشيخ هزاع بن زايد آل نهيان مستشار الأمن الوطني نائب رئيس المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي امس بمجلس الشيخ محمد بن زايد آل نهيان بقصر البطين بعنوان ” آفاق السياسة الخارجية للإمارات”.
واستعرض قرقاش النجاحات التي حققتها دولة الإمارات في المحافل الدولية .. مشيرا الى الجهود الناجحة والمكثفة التي اثمرت فوز الدولة باستضافة الوكالة الدولية للطاقة المتجددة ” ايرينا”.
وقال “كانت مهمتي زيارة امريكا الجنوبية.. تلك القارة البعيدة كل البعد عن عالمنا .. فجولتي شملت الارجنتين والبرازيل والبيرو وتشيلي والاورغواي ولمست حجم الاحترام الذي تكنه تلك الدول للإمارات.. فهو احترام مبني على معرفة واطلاع بتجربتا ومكانتنا في العالم”.
وأشار الى الانجاز الكبير في ملف اكسبو 2020 وهو الفوز الذي يعبر عن تقدير كبير للامارات ونجاحها التنموي وريادتها في شتى المجالات.
وتناول إنجازات دولة الإمارات في ملف العمالة حيث ذكر ان عددا من الدول المصدرة للعمالة أِشادت خلال الاجتماعات الدولية بجهود الدولة في هذا المجال .. موضحا ان ملاحظات بعض تلك الدول كانت بناءة وايجابية بينما قامت ملاحظات دول أخرى لا تعرف الواقع الإماراتي ولا هي مطلعة على الجهود الإماراتية في هذا المجال على بيانات صحافية تفتقر إلى الدقة.
وأكد الدكتور قرقاش أن الامارات بنت رصيدا تراكميا ايجابيا وبناء على ذلك لا بد ان يكون طموحنا في سياستنا الخارجية وفي علاقتنا الخارجية كبيرا.. وقال ان الانطباع العام هو أن الإمارات بلد يتبنى أحدث الممارسات في مختلف المجالات كما أنه وسطي يسعى الى الاستقرار والتنمية ويقدم نموذجا ناجحا في المنطقة.
وأضاف ” من خلال تجربتي اجد نفسي شاهدا على حرص قيادتنا على سمعة الامارات وكرامتها وسيادتها فلا تسرع ولا رد فعل طائش في أي مسألة أو قضية تطرأ”.
وأوضح أن التوازن الدقيق بين المصالح والقدرات ضروري ومن خلال هذا القياس تبنى سياسة خارجية تعزز مكانة الإمارات وتخدم مصالحها دون أن تثقلها بدور مغامر لا يصب في مصلحة شعبها .. مشيرا الى ان من أسس هذا التوازن معرفة وادراك ومتابعة طبيعة النظام الدولي والمشهد الاقليمي لمعرفة هامش الحركة المتاح امام الدولة الوطنية فالسياسات الخارجية لا تتحرك من فراغ بل عبر نظام دولي متغير ولو ببطء ومعه مشهد اقليمي مصاحب ولا يعني ذلك ان السياسة الخارجية للإمارات لازمها الحذر دائما أو عانت من تواضع مزمن بل إنها لم تتردد في اتخاذ المواقف الشجاعة والمتقدمة عندما تدعو الحاجة إلى ذلك .
واستشهد معاليه بعدد من مواقف المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان وخاصة موقفه التاريخي في حرب اكتوبر 1973 إضافة الى مبادرته الشجاعه بالطلب من صدام حسين التنحي وتوفير الممر الآمن لذلك حرصا على العراق وتجنيبا له العنف والفوضى والارهاب .. وهو مشهد لا زال العراق الشقيق يعاني منه .. مؤكدا أنه بقيادة صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله استمرت هذه السياسة في المواقف الحاسمة ورأينا كيف تجلى ذلك في كل من أفغانستان وليبيا ومساهمة قواتنا المسلحة فيهما وكذلك في كوسوفو والصومال.
وأضاف وزير الدولة للشؤون الخارجية بالقول ” إنه لا شك أن دعم الإمارات لاستقرار مصر ولخيارات شعبها الشقيق يجسدان مثالاً آخر للموقف المتقدم والشجاع للسياسة الخارجية للإمارات التي تأخذ مصلحة الأشقاء في الاعتبار “.. مشيرا الى ان العالم العربي ما زال يخوض معاركه بين دوافع الاستقرار والتنمية وضرورات تطوير مؤسسات الدولة الحديثة والإمارات في هذا المشهد تنحاز للتنمية والاستقرار والمستقبل وتريد للعرب ما تريده لنفسها .
وقال قرقاش ” إن احتلال جزرنا في ساعات الاستقلال يمثل جرحا في وعينا الجماعي ومع هذا يبقى منهجنا العقلاني القانوني سبيلنا مع استمرار الاحتلال برغم قوة المشاعر والعواطف ” .
وأضاف ” إن دولة الإمارات توجهت إلى دعم القضايا العربية في مقاربة طبيعية لانتماء الإمارات لهذه الأمة واستجابة لأجواء المنطقة وبعد عزلة فرضتها الحماية البريطانية الممتدة والتي تعود في جذورها للعام 1820 وفي الوقت نفسه توجهت الإمارات شأنها شأن الدول حديثة الاستقلال إلى الانفتاح على العالم من خلال بناء شبكة من العلاقات الثنائية والانضمام إلى المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة”.
وقال ” لاشك أن دعم الإمارات لاستقرار مصر ودعم إرادتها الشعبية هو مثال آخر للموقف المتقدم والشجاع للسياسة الخارجية للإمارات فالموقف الصلب في الانحياز لشعب مصر وإرادته ومستقبله موقف سيقيمه التاريخ كلحظة حرجة كان لجرأة الإمارات وشجاعتها قول فصل في تحديد الاتجاه وحسم الخيار لصالح مصر وشعبها .. مشيرا الى ان عالمنا العربي ما زال يخوض معاركه بين دوافع الاستقرار والتنمية وضرورات تطوير مؤسسات الدولة الحديثة والإمارات في هذا المشهد تنحاز للتنمية والاستقرار والمستقبل وتريد للعرب ما تريده لنفسها ” .
وأضاف معاليه ” أن هذه المواقف الملتزمة وضمن الشراكات الدولية ضمنت لنا رصيدا دوليا كبيرا ومقعدا للدبلوماسية الإماراتية في قضايا اقليمية ودولية تشكل هما وقلقا دوليين” .
واستذكر معاليه السنوات الصعبة التى ركزت خلالها سياستنا الخارجية على أساسيات فرضتها تحديات المرحلة واستحقاقات سنوات التأسيس وتضمن ذلك حل العديد من الخلافات الحدودية بين الدولة الوليدة والدول المجاورة بالطرق الودية والسلمية ووجب الشهادة أن الإمارات الدولة الحديثة لم تكن مسؤولة عن أيا من هذه الخلافات ولكنها كانت ضحية مطامع وأهداف أكبر حجما من إمكانياتنا في سنوات التأسيس.
وقال ” ان دولة الإمارات توجهت إلى دعم القضايا العربية في مقاربة طبيعية لانتماء الإمارات لهذه الأمة واستجابة لأجواء المنطقة وبعد عزلة فرضتها الحماية البريطانية الممتدة والتي تعود في جذورها للعام 1820 وفي الوقت نفسه توجهت الإمارات شأنها شأن الدول الحديثة الاستقلال إلى الانفتاح على العالم من خلال بناء شبكة من العلاقات الثنائية والانضمام إلى المنظمات الدولية وعلى رأسها الأمم المتحدة”.
وأكد ان الامارات استطاعت من خلال بناء تجربة تنموية ناجحة أن تعزز ثقلها الاقليمي وصوتها وأدائها الخارجي وموقعها في المنطقة منوها الى حرص صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي رعاه الله على التنمية في كل اجتماع لمجلس الوزراء وبأن هاجسه الرئيسي هو أن تكون الإمارات الرقم واحد.
وأشار معاليه إلى انه في هذه السنوات الصعبة وضع المغفور له بإذن الله تعالى الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان مؤسس الدولة وباني نهضتها المبادئ التي توجه سياستنا الخارجية فالحكمة والوسطية والطموح والانفتاح على العالم هي امتداد طبيعي لشخصية هذا القائد الفذ ولقيم وطنه ومجتمعه .. منوها الى انه مع هذه الخصال الحميدة وجه الشيخ زايد بن سلطان رحمه الله دفة الدولة الحديثة في خضم ظروف اقليمية صعبة وأسس للسمعة الطيبة والسجل الإيجابي لسياستنا الخارجية”.
وشدد قرقاش على أن مسألة أمن الإمارات وأمن الخليج العربي كانت وتبقى أحد أهم مسائل سياسة الإمارات الخارجية ففي مثل هذا الموضوع الوجودي لا يمكن لنا أن نغلب العواطف والشعارات والأيديولوجيا على الحسابات الواقعية الباردة وان هذا الموضوع سيبقى حيويا في منطقة مضطربة حيث يمر عبر مضيق هرمز 35 بالمائة من النفط المنقول بحرا و50 بالمائة من الواردات النفطية لاقتصاديات آسيا الصاعدة .
وقال إن حماية الدولة وضمان أمنها مكوناته هي جبهة داخلية صلبة وشرعية تعززها العدالة والتنمية وجيش وطني حديث ومنظم وشبكة تحالفات تعزز هذه العوامل .. منوها بان هذه المعادلة لم تأت بالصدفة ولكنها إمتحنت عدة مرات في حروب شهدتها المنطقة وللأسف كثيرا ما كان مصدرها الجار والقريب.
وأكد ” أن أول ثوابت سياستنا الخارجية ينطلق من المصلحة الوطنية للإمارات وشعبها وأنه من الطبيعي أن تكون سياستنا الخارجية مرآة عاكسة لقيمنا وتطلعاتنا ومن هذا المنطلق لا يمكن إلا أن تكون سياستنا الخارجية وسطية في توجهاتها نحو المحيط والعالم كما أنه من البديهي أن تعنى سياستنا الخارجية بالتنمية والعدالة والاستقرار ” .
وأشار الى ان سياستنا الخارجية عززها برنامج تنموي ممتد وجهود اغاثية سخية تعبر عن كرم الإمارات ومسؤوليتها وتعاضدها مع الدول الأقل حظا ولاشك أن هذا التوجه بحصن سياستنا الخارجية وسمعتنا الدولية.
وأوضح ان العلاقة الطردية بين السياسة الخارجية والقيم أساسية للنجاح وهي مسؤولة عن تراكم التقدير والاحترام للإمارات وزيادة مخزونه والذي تأسس عبر السنوات والتجارب.
ولفت الى أن الاستراتيجيات والخطط الداخلية والتي عززت مسارنا الاقتصادي في دولة الامارات ونوعته وابتعدت به عن النموذج التقليدي للدولة الريعية ليصل الناتج الاجمالي المحلي إلى ما يقارب 350 مليار دولار كما تجاوزت الاستثمارات الأجنبية في الإمارات بنهاية 2012 / 95 / مليار دولار.
وذكر ان التسامح والتواصل والسياسات الاجتماعية غير الضاغطة ساهمت في خلق بيئة داخلية جاذبة عززت من نجاح تجربة الإمارات .
وتطرق معاليه الى ملف تمكين المرأة في الدولة والذي يعد أحد أهم قصص النجاح في الامارات إن لم يكن أهمها على الاطلاق حتى أصبحت الدولة نموذجا لنجاح الدولة العربية والمسلمة وقبلة للشباب والكفاءات العربية وغيرها من الكفاءات حيث انعكس هذا النجاح الداخلي على قوة وقدرة السياسة الخارجية للإمارات وكان من الطبيعي أن يتلمس العالم نجاح هذا النموذج وأن تتجذر علاقاته مع الإمارات وأن يقدر تدريجيا هذه الصداقة العاقلة وهذه العلاقة التي بالإمكان الاعتماد عليها.
وقال ” نسمع ملاحظات مرارا وتكرارا في لقاءاتنا تقدر الإمارات ودورها وتوجهها فالصديق يدرك أنه سيسمع من الإمارات رأيا صريحا دون تجريح وتحليلا منطقيا متجردا من أهواء المصلحة الضيقة ونشعر بذلك في عملنا في وزارة الخارجية حيث نرى العديد من الدول الغربية تريد رأينا حول التطورات الاقليمية وهي تدرك أنها ستحصل على تقييما متوازنا وعاقلا دون مواربة أو مجاملة ” .
وبشأن الأوضاع الاقليمية قال معاليه “ من الطبيعي أن تشغلنا سياسة الاقليم وتقلقنا في العديد من الحالات فلا مفر من الجغرافيا والتاريخ وهذا الاقليم يشمل الخليج العربي والعالم العربي بل ومنطقة متسعة تضم الهند وباكستان وأفغانستان والصومال فتحديات المنطقة ومشاكلها تنساب غير معترفة بحدود وطنية وللأسف تحمل في ثناياها تحديات أكبر وأكثر مما تحمل من الفرص كما أن انعدام حاجز اللغة يخلق عالما عربيا ذو ثقافة مشتركة فإن غياب هذا الحاجز بالمقابل ينقل أفكارا نشأت في بيئة مختلفة عن بيئة الإمارات فالتقطها البعض مخدوعا ومتوهما ونرى ذلك واضحا في هذه الفترة من خلال دعوات كاذبة تسوق للحزبية والفرقة والكراهية والطائفية ” .
وأضاف قرقاش ” أن قضايا الاقليم وتحدياته تمثل جانبا كبيرا من مشاغلنا وعملنا اليومي وفي سعينا هذا نعمل لنؤثر إيجابا في هذا الجوار المضطرب فكل قضايا المنطقة أصبحت ذات طابع دولي من أفغانستان إلى سوريا إلى مصر إلى ليبيا إلى العراق إلى اليمن ..مشيرا الى ان الدولة تعمل على الاستقرار وعلى تجنيب المنطقة تطرف الايدولوجيا وعلى لم شمل العرب في هذه المرحلة الحرجة من تاريخنا المشترك ولعلنا في مرحلة ما يعرف بالربيع العربي ندرك الطبيعة السائلة والمتحركة للمرحلة ومحاولات استغلال هذه المرحلة وتجييرها لصالح الإسلام السياسي الحزبي والتأسيس لرؤية رجعية منغلقة “.
وقال معاليه ” ميزنا منذ بداية ما سمي بالربيع العربي بين حركة التاريخ وأهميتها والمسائل السياسية الآنية وبين ضرورة إدارة الملفات الاقليمية وصيانة مكتسبات الإمارات ودعم الوسطية والاعتدال وأدركنا في خضم ذلك الخطط الحزبية للجماعات الحزبية وعلى رأسها الإخوان المسلمين وعرفنا تشعباتهم الاقليمية والدولية وتدخلهم في الشأن الداخلي ومن ضمنه الشأن الداخلي الإماراتي وإتضح أن موقفنا الصلب والواضح كان دقيقا في تحليله متقدما في تنفيذه وبينما اعتقد بعض الأخوة بداية أن حساسياتنا تجاه تجار الدين مفرطة أثبت سير الأحداث لهم أن موقفنا وصراحتنا تجاه هذا الخطر كان في محله” .
وأضاف ” أن قضايا ومشاكل المنطقة بإمكانها أن تستهلك جهد سياستنا الخارجية بأكمله فلا تبقى لنا طاقة نستثمرها مع عالم أوسع وأرحب وجهد نوجهه لقضايا أصبحت مهمة ورئيسية في التطور الإنساني والعالمي ومثل هذا السيناريو يمثل تحديا لأية سياسة خارجية عربية تنشغل بقضايا المنطقة برغم خطورتها وأحيانا صغائر مناوراتها ولا تترك جهدا وطاقة لإدارة علاقات أخرى متشعبة ومعنية بالاقتصاد والتنمية والموارد البرية والنهوض الاجتماعي “.
من جهة أخرى أشار معاليه الى الدراسات التي تقارن بين حال بلد عربي وكوريا الجنوبية وكيف تساوت المؤشرات بين البلدين في بداية الخمسينات لتتفاوت في يومنا هذا وكأننا نتحدث عن عالمين مختلفين .. مؤكدا اهمية التوجه نحو تعميق علاقات الإمارات مع آسيا ودول الاقتصادات النامية .
ولفت في هذا السياق إلى أن أهم 16 سفارة في تصنيف وزارة الخارجية جاءت خمس سفارات منها في دول آسيا واوقيانوسيا ” الهند والصين والكوريا الجنوبية وأستراليا” .. موضحا انه من المتوقع أن تتفوق الصين على الولايات المتحدة بحلول العام 2017 كأكبر مساهم في الناتج المحلي العالمي.
وقال ” برغم نجاحنا في تطوير علاقاتنا مع هذه الدول والشرق بوجه عام وبصورة تميزنا عن محيطنا الخليجي والعربي إلا أن السقف ما يزال متواضعا مقارنة بالآفاق المتاحة .. مشيرا في هذا الصد الى أن شركاء الإمارات في بيع النفط كانت اغلبها من الدول الاسيوية وأن 45 بالمائة من تجارة الإمارات الخارجية هي مع الدول الآسيوية غير العربية موضحا ان تلك الدول ما زالت ملامح قوتها في اقتصادياتها ولكن من الطبيعي أن تتطور هذه القدرات الاقتصادية لتشمل نفوذا سياسيا وأن يصل تأثيره إلى منطقتنا شيئا فشيئا”.
وأعرب عن قناعته بضرورة تعزيز مصالح الامارات مع الشرق الصاعد وانه يجب ان يواكب ذلك آلية عملية قابلة للتنفيذ ويحول تلك القناعات إلى خطط قابلة للتطبيق وعلينا كحكومة وكسياسة خارجية أن نعزز توجهات عضوية نراها في العلاقات الثنائية وقد سبقنا إليها أحيانا القطاع الخاص وندرك ذلك وندرك معه أن الحكومات تستطيع أن تعزز الأبعاد الاستراتيجية للعلاقات بطريقة لا يستطيع القطاع الخاص أن يقوم بها وضرب على ذلك مثالا في تطوير العلاقات الاستراتيجية مع أستراليا وبريطانيا وفرنسا.
وقال إن المناطق المجاورة إن كانت آسيا الوسطى أم أفريقيا تحمل كذلك في نموها الحالي فرص عديدة للإمارات وعلينا أن نعزز هذه العلاقات ونطورها فأفريقيا على سبيل المثال تضم 7 من 10 اقتصادات أكثر نموا عالميا حيث شهدت استثماراتنا الطبيعة تغيرا خلال الفترة الماضية ..
موضحا ان غينيا خير نموذج على ذلك اضافة الى استثماراتنا في الموانئ والطاقة المتجددة.
وأضاف معاليه” أن النظام الدولي متبدل متحول وغير مستقر ولا يسعنا إلا أن نقرأ هذه التحولات بدقة وحرص فالعالم الذي ترك قطبيته الثنائية أكثر تعقيدا اليوم وصورته المركبة ستبقى ملامحها غامضة إلى حين كما أن التحولات في مشهد الطاقة وخاصة في الولايات المتحدة أحد المؤثرات التي علينا متابعتها آخذين بعين الاعتبار احتمال أن تتفوق الولايات المتحدة على السعودية في إنتاج النفط بحلول 2020 موضحا ان مثل هذه التحولات تحمل في أتونها آثار عميقة على أسعار النفط ودخل دول النفط وانعكاسات كبيرة محتملة حول توازنات النظم الاقليمية والدولية بل حتى على أولويات سياستنا الخارجية.
وأشار قرقاش إلى التطور الكبير الذي شهدته علاقة الامارات مع واشنطن في السنوات الماضية نتيجة لتوجه استراتيجي ومتابعة وتواصل عزز هذه العلاقة المحورية بأبعادها السياسية والاقتصادية والعسكرية.
وقال ” إننا في عالم بعيد عن القطبية الأحادية ما زالت واشنطن الأقدر على ممارسة النفوذ على الصعيد السياسي والاستراتيجي برغم المنافسة الحادة على الصعيد الاقتصادي وأراها متربعة على كرسي التأثير السياسي والعسكري المدى المنظور وكما أن التحول في الاقتصاد والأيديولجيا يحل معه بذور تحول سياسي في النظام السياسي الدولي فعلينا كذلك أن نرى التحول في طبيعة القضايا السياسية التي أمامنا”.وقال معاليه ” خلال حديث مع دبلوماسي إماراتي مخضرم ذكر لي تغير القضايا التي تعنى بها وزارة الخارجية اليوم مقارنة بوتيرة عمله في بداية الثمانينيات فمع أن الموضوع السياسي التقليدي ما زال يشغلنا ومعه قضايا المنظمات والقانون الدولي والعديد من المتابعات التي تتعلق بالجاليات العديدة على أرض الإمارات لذا فالعمل اتسع أفقيا ليشمل تنوع لم يكن يخطر على البال جزء من هذا التحول يعود إلى المشهد الدولي وجزء تعدو أسبابه إلى تشعب مصالح الإمارات وتصاعد موقعها الدولي ” .
وأضاف ” أن جزءا كبيرا من عمل وزارة الخارجية هو متابعة مصالح الإمارات الاقتصادية ورعاية مصالحها الاستثمارية ويقودنا ذلك إلى متابعات في غينيا كونكري إلى أنغولا وإلى فنزويلا وبيرو إضافة إلى مواقع اهتمامنا التقليدية كمصر والهند وباكستان وأوروبا .. منوها الى وجود 44 اتفاقية حماية وضمان استثمار و74 اتفاقية منع الازدواج الضريبي وقد عززت هذه الاتفاقيات استثماراتنا الخارجية ووفرت على الشركات والهيئات الوطنية مبالغ كبيرة ويعني ذلك حرصا على قطاع الاتصالات والتنقيب وصناعة الطيران التي جعلت من بلادنا محورا للتواصل بين الشرق والغرب.
وقال معاليه ” عبر توجيهات مباشرة من صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله وصاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي عززت وزارة الخارجية من اهتمامها التقليدي برعاية مصالح مواطني الدولة وهم في الخارج ومن خلال أدائها في هذا الجانب ميزت سياستنا الخارجية نفسها ولم تبقى حبيسة الأبراج العاجية للمسائل الدبلوماسية الكبرى وفعلت الشعار الذي رفعه صاحب السمو رئيس الدولة أن المواطن أولا وثانيا وثالثا كما اهتمت الوزارة بموضع التأشيرات إلى بريطانيا والشنغن ومتابعة احوال المواطنين خلال الطوارئ والحوادث والكوارث ” .
وأضاف ” من هذه المواضيع التي أصبحت تحتل حيزا بارزا في عملنا العديد من الملفات التخصصية ومنها مواضيع تسعى دولة الإمارات إلى تطوير أدائها وتشمل فيما تشمل ملفات الطاقة النووية والطاقة المتجددة والدبلوماسية العامة وحقوق الإنسان .. موضحا ان للنجاح والتفوق مسؤولياته مما يضاعف حجم العمل حول هذه المسائل والمواضيع .
وأكد أن بناء القدرات في هذه الجوانب يعزز من تواصل الدولة مع العالم في قضايا بناءة محط اهتمام المجتمع الدولي وتحجز لنا مقعدا في الاهتمام الدولي والإنساني وهو ما ذكرته سابقا بضرورة الا نتقوقع في محيطنا ولسان حالنا أن ظروف المنطقة وأزماتها تفرض مثل هذا التراجع والانغلاق .. مشددا إن قدراتنا على الانخراط في هذه الملفات المهمة كما أنه يعزز مسيرتنا التنموية فإنه يعطينا السبق والريادة في توجهات سياستنا الخارجية.
وقال ” بينما تتحدث العديد من دول المنطقة نظريا حول الطاقة النووي والطاقة المتجددة تجدنا نعمل عبرها ومن خلال تفاصيلها ولنا رأينا في المحافل والاجتماعات الدولية فالريادة تأتي من الممارسة ووزن الدولة وموقعها يتعزز من خلال هذه التوجهات .. مشيرا إلى أن الدولة لديها 9 اتفاقيات تعاون ثنائي نووي سلمي وهي أحدى الدول المؤسسة لمبادرة حظر الانتشار في 2010 ” .
وفيما يتعلق بالدبلوماسية العامة قال معاليه ” أن الربيع العربي وخاصة تحكم الإسلام السياسي ببعض مراحله أوجد تحالفا غريبا خلط بين قيم أراد الغرب أن يدفع بها وانتهازية ارادت أحزاب الإسلام السياسي والحزبي أن تستغلها” .. موضحا ان المرحلة ومخاضها شهد هجوما يستهدف الإمارات وسجلها وقد أدركنا أن شبكتنا الدبلوماسية عليها أن تبني قدراتها في هذا الجانب أمام هجوم حزبي يؤلب ضد الإمارات لأنها تحمل راية الاستقرار والاعتدال وتبني الأساس لتجربة عربية حداثية ومتطورة .. وفي مقاربتنا لا ندعي الكمال فبرغم أننا قطعنا أشواطا إلا أنه أمامنا أشواط عديدة أخرى نسعى للعمل على قطعها وهو المنطق الذي أكسبنا احترام دول العالم خلال استعراض سجلنا في ملف حقوق الإنسان في جنيف ومن خلال هذا التوجه العملي العاقل قررنا أن نتواصل ونشرح وجهة نظر وتوجه الإمارات وصعوبة تضاريس المنطقة في هذه المرحلة.
ورأى معالي الدكتور قرقاش ان على دبلوماسيينا مسؤولية ما يعرف بالدبلوماسية العامة أي الترويج لإنجازات وطنهم وقيم مجتمعهم كل يوم من أيام السنة وذلك من خلال سلوكهم وعملهم وتواصلهم بمحيطهم وترويجهم لقيم الإمارات وإنجازاتها.
وختم معاليه محاضرته بالتذكير بوعورة الطريق الذي سلكته الامارات منذ نشأتها وبرغم قلَة الخبرة وصعوبة المحيط.. وقال “استطاع المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان أن يعبر تحديات الاستقلال والاستقرار والتنمية بنجاح واليوم نرى هذه الخطوات الواثقة في سياسات صاحب السمو الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان رئيس الدولة حفظه الله ومهمتنا أن ندرك أن بعض المشكلات تبقى إدارتها ضمن رادار انتباهنا وتبرز ملفات جديدة وفرص علينا اقتناصها واستغلالها”.
وفي نهاية المحاضرة أجاب الدكتور أنور محمد قرقاش على أسئلة الحضور واستفساراتهم ..ففي سؤال حول تفاؤله بشأن المرحلة المقبلة للمنطقة بين معاليه صعوبة المرحلة المقبلة وان ما تم تجاوزه يمثل بعضا منه من المرحلة الصعبة وليس كلها .. مشيرا إلى أن سنة 2013 كانت جيدة لدولة الامارات ولكن اذا نضع الامارات والمحيط الاقليمي نجد انها كانت صعبة ولا يمكن ان تكون مستقرا وناجحا ومحيطك مضطربا.
وقال ان من أهم التحديات التى تواجهها السياسة الخارجية للدولة تتمثل في امن واستقرار المنطقة والبحث عن آفاق جديدة.. معربا عن أمله في عودة الاستقرار والامن الى مصر وهو عبور هيكلي للمرحلة التي نراها ونريد بدايات حل انتقالي سياسي سلمي في سورية.