فيما تمضي أثيوبيا فى تنفيذ مخططاتها لبناء مجموعة من السدود على مجرى نهر النيل ، حذر خبراء مصريون من مخاطر كارثية تهدد المنطقة بالكامل وتمتد إلى شبه الجزيرة العربية وما بها من مقدسات إسلامية ، فى حالة نجاح أثيوبيا فى إكمال تلك المهمة إنتهاء ببناء ” سد الألفية ” .
وقال الخبراء فى حلقة نقاشية عقدت الثلاثاء أن أثيوبيا بالتعاون مع قوى دولية وإقليمية على رأسها إسرائيل تحاول وضع مصر ضمن منظومة مخاطر تفوق الوصف ، إلا أن تلك المخاطر لن تطال مصر وحدها بسبب دخولها مرحلة ” الشح المائي ” ، بل تمتد لتطال المقدسات الإسلامية فى المنطقة العربية وخاصة السعودية .
وقال المهندس ابراهيم الفيومي رئيس مجموعة تنمية أفريقيا ومشروع نهر الكونغو أنه تم رصد عدد من المخالفات الهندسية والبيئية فى أعمال بناء السدود الأثيوبية ، محذراً من أن سد الألفية يجرى تشييده وتخزين المياه به بطريقة خاطئة ستؤدي إلى إنهياره ، وهو ما قد يتسبب فى غرق السودان ومصر .
وأضاف أن هناك عدة تجارب نووية تجري بالمنطقة هدفها الخفي والحقيقي هو تحريك ” الفوالق الأرضية ” بشبه الجزيرة العربية والقرن الأفريقي بالاضافة إلى الفوالق الفرعية ، مما يؤدي إلى حدوث زلازل مدمرة قد تغير جغرافية المنطقة , وأشار فى هذا الصدد إلى أن تلك المخاطر ظهرت جلية فى مجموعة الزلازل التى ضربت منطقتي جازان ونجران بالسعودية خلال الأيام الماضية ، موضحاً أن ما جرى من هزات إرتدادية كبيرة بلغ عددها 27 هزة يوضح مدى الخطورة الكامنة في تحرك الفوالق الأرضية بتلك المنطقة مثلما تحرك منذ عامين الفالق الأرضي الذى يمر بمكة المكرمة .
وأوضح أن المخطط الذى يجري تنفيذه حالياً ببناء ” سد الألفية ” هدفه الأساسي إحداث خلل فى التوازن الجيولوجي بالمنطقة ، مؤكداً أن جميع من خطط لهذا المشروع يعلم جيداً حجم الكوارث الطبيعية التى سوف يتسبب فيها هذا السد ونوه فى هذا الصدد إلى رفض أثيوبيا أى تعاون مع الخبرة المصرية ، مع الإستمرار فى تنفيذ المخطط وهو ما يؤشر إلى الإصرار على تضرر المنطقة دون النظر إلى مصالح الدول المعنية وما يتهددها من مخاطر .
ومن جانبه قال الخبير الجيولوجي الدكتور عبد العال عطية أن ما يمكن أن ينتجه ” سد الالفية ” من زلازل وبراكين سوف يؤدي إلى إتساع المسافات بين الحدود القارية ، مشيراً إلى أن البحر الأحمر الذى يسمى فى علم الجيولوجيا بـ ” الفالق الأرضي العظيم ” يوجد به مجموعة من البراكين يمكن أيضاً أن تؤدى إلى زلازل , وأضاف أن مناطق التماس الأفريقية الآسيوية تعد مناطق شديدة الخطورة ، حيث توجد براكين ملاصقة للفالق الأرضي العظيم ، محذراً من حدوث زلالزل مدمرة ، لأن هذه المنطقة لها نشاط زلزالي غير ملحوظ ، حيث لا تمر ساعة دون وقوع عدة هزات أرضية .
وأكد أن أثيوبيا تصر بإكمال مشروعات السدود على إدخال المنطقة بالكامل ضمن ما يعرف ب ” البؤرة الزلزالية الخطرة ” ، وهي لا يعرف مداها إلا الله ، وذلك بسبب التدخل فى الطبيعة التي ترد بمنتهى القسوة لمحاولة إصلاح هذا التدخل والعودة إلى الصورة الأولى التى تشكلت على أساسها , وأشار في هذا الصدد إلى أن التراث الإنساني بما فيه المقدسات الإسلامية هو أكثر الأشياء تأثرا بتلك الفورة وهذا التدخل الانساني فى مسارات الطبيعة ، مذكراً بأن فنار الإسكندرية ومكتبتها العظيمة إنهارا نتيجة غضب الطبيعة الذي يتمثل في البراكين والزلازل .
وإتهم عطية بعض الدول بممارسة ” الإنتهازية السياسية ” في قضية مياه النيل ، مطالباً الجميع بمراجعة مواقفه من تلك القضية الخطيرة بهدف إنقاذ المنطقة من الكوارث المحتملة ، لأن الخطر سوف يطال الجميع خاصة السودان , فيما حذرخبير المياه والسدود الدولي الدكتور أحمد عبد الخالق الشناوي من أن مخاطر ” سد الألفية ” لا تتوقف عند مليارات المترات المكعبة من المياه التى سوف تفقدها مصر ، بل يتجاوزها إلى تحريك الأرض وفوران الزلازل ، وذلك بسبب تراكم الطمى الذي يترسب من المياه خلف البحرة وهو ما يمثل عبئاً كبيراً عليها ، كما أن ترسب تلك الكميات من الطمى يمكن أن يؤدي إلى تحول نهر النيل إلى ” نهر غير ناضج ” ، وهو ما يهدد بتغيير مساره بحيث لا يصل إلى مصر .
وحول تأثير التفجيرات التي تقوم بها إسرائيل جنوب صحراء النقب وإتصال تأثيرها بتأثيرات سد الالفية وما يمكن أن ينتجه من زلازل ، أوضح الدكتور الشناوي أن هذه المناطق تقع على فالق أرضي مشترك يمتد إلى الجزيرة العربية وهو ما يمكن أن يؤثر فى المنطقة بالكامل ويهدد بتدمير مناطق مقدسة , ولفت إلى أن ما جرى لجزيرة مدغشقر يمكن أن يجري مرة أخرى بسبب الزلازل والفوالق الأرضية ، حيث كانت تلك الجزيرة جزءاً من قارة افريقيا وانفصلت عنها ، وهو ما يمكن أن يجري لمنطقة القرن الافريقي ، حيث تنقسم أثيوبيا على مرحلتين إلى جزر فى المحيط وتضيع منابع النيل تماماً من مصر ، وهذا أمر بالغ الخطورة يجب الإنتباه له .
ومن جانبها أوضحت خبيرة الشئون الافريقية الدكتورة رودينا ياسين أن ما يجري فى أثيوبيا ما هو إلا حلقة ضمن سلسلة أحداث ذات هدف استراتيجي يتمثل فى هدم مصر والسيطرة على أرضها وشعبها بعد ضرب أمنها المائي فى مقتل , وأشارت فى هذا الصدد إلى التعاون الكامل بين إسرائيل واثيوبيا الذى يصب فى خانة حرمان مصر من مياه النيل ، بعد فشل كل المساعي منذ سبعينات القرن الماضي لتوصيل المياه اليها عن طريق مصر .
وحول التعاون المصري الخليجي فى إطار تقليل حجم المخاطر ومواجهتها عند الضرورة ، قال المهندس ابراهيم الفيومي أن هناك مساعي لتأصيل التعاون مع السعودية ضمن مجموعة عمل منظمة لدراسة الأمر وكيفية التعاون لمواجهته , وأعرب عن الأمل فى تنمية أوجه التعاون مع الأشقاء فى الخليج وخاصة السعودية فى هذا الإطار ، موضحاً أن الأمن القومي العربي جزء لا يتجزأ من الامن العربي ، لاسيما مع وجود مخاطر تهدد المقدسات الإسلامية .