سجن العقرب.. أصبح…
سجن العقرب.. أصبح المكان الجامع لقيادات الصف الأول من جماعة الإخوان المسلمين ورموز نظام الرئيس المعزول محمد مرسي، وهو سجن شديد التحصين لدرجة جعلت أحد المسؤولين السابقين عنه يحذر من يقترب منه “بالموت لدغا”.
وتردد اسم هذا السجن في وسائل الإعلام المصرية، مؤخرا، مع تزايد شكاوى قيادات الأخوان ورموز نظام مرسي المودعين به من سوء المعاملة، وهو الأمر الذي نفاه مصدر أمني، مؤكدا عدم وجود معاملة استثنائية لهؤلاء السجناء.
يقع سجن 922 شديد الحراسة الشهير بـ (سجن العقرب)، علي بعد 2 كيلو متر من بوابة منطقة سجون طرة الرسمية، جنوبي القاهرة، ويحاط بسور يبلغ ارتفاعه سبعة أمتار وبوابات مصفحة من الداخل والخارج، كما أن مكاتب الضباط تقع بالكامل خلف الحواجز والقضبان الحديدية، بحسب ما قاله مصدر أمني لوكالة الأناضول.
وأوضح المصدر ذاته أن فكرة “سجن العقرب”، جاءت من مجموعة من ضباط الشرطة شاركوا في بعثة تدريبية بالولايات المتحدة عام 1991، واعتبرتها وقتها وزارة الداخلية فكرة جيدة، حيث بدأ وزير الداخلية الأسبق حسن الألفي ومجموعة من مساعديه، من بينهم حبيب العادلي مساعد الوزير لشؤون أمن الدولة، آنذاك، في تجهيز السجن.
واستغرق بناء السجن مدة عامين، حيث تم الانتهاء من بناءه في 30 مايو/ آيار 1993، وأودعت أول مجموعة من المساجين فيه في 26 يونيو/ حزيران من نفس العام، وهم متشددون دينيا اتهموا بتنفيذ هجمات إرهابية في أواخر الثمانينات وأوائل التسعينات من القرن العشرين.
ولا يعرف بالتحديد سبب تسميته بـ”سجن العقرب”، لكن تصريحات وردت على لسان المأمور السابق لهذا السجن، اللواء إبراهيم عبد الغفار، ربما تفسر سر تسميته، حيث قال: “مَن يقترب نحو العقرب يُلدغ فيموت، ولا أحد يستطيع الاقتراب منه”، في إشارة إلى صعوبة اقتحامه.وبحسب المصدر الأمني، تم تجهيز هذا السجن بأبواب تعمل جميعها بدوائر إلكترونية تصعب من عملية اقتحامه وتجعل الهروب منه أمرا مستحيلا.
وأضاف المصدر ذاته: “يتكون السجن من 320 زنزانة (غرفة احتجاز) مقسمة علي 4 عنابر أفقية تأخذ شكل الحرف (H) باللغة اللاتينية، في دور أفقي واحد، بكل زنزانة مصباح تتحكم به إدارة السجن، بحيث تستطيع الإدارة قطع المياه والإضاءة وغلق الشبابيك حسب ما تراه مناسبا.
وينفصل كل عنبر في هذا السجن بشكل كامل عن باقي العنابر السجن بمجرد غلق بوابته الخارجية المصفحة فلا يتمكن المعتقلون حتي من التواصل عبر الزنازين (غرف الاحتجاز)، كما يفعل المساجين في السجون العادية، نتيجة الكميات الهائلة من الخرسانة المسلحة التي تمنع وصول الصوت.
كما خصص الرسم الهندسي مساحة 25 مترًا في 15 مترًا علي شكل الحرف (L) بغرض التريض، كما تستخدم 20 زنزانة للتأديب، خاصة بالمعتقلين السياسيين يمنع عنهم فيها الإضاءة ومصادر المياه.
وضم سجن العقرب علي مدار سنوات انشاؤه، المتشددون دينيا، ومن اعتبرتهم السلطات الحالية خطرا علي أمنها القومي، إلا أنه بعد الإطاحة بالرئيس محمد مرسي في 3 يوليو/ تموز الماضي، تم نقل أغلب قيادات الصف الأول لجماعة الإخوان المسلمين، وأعضاء الفريق الرئاسي إلي السجن.
وأجرت مصلحة السجون المصرية، التابعة لوزارة الداخلية، الشهر الماضي تجهيزات مشددة للغرف الخاصة بزيارة السجناء في سجن العقرب، حيث تم إنشاء غرفة جديدة يستقبل فيها السجناء زياراتهم على غرار الغرف الأمريكية مكونة من حاجز زجاجي، ودائرة تليفونات مغلقة.
وقال مصدر أمني وقتها، إن هذه الغرفة صممت بهذا الشكل لمنع تسريب أي رسائل من قيادات الإخوان السجناء إلى أعضاء الجماعة في الخارج.وعلي مدار الأسابيع القليلة الماضية، تكررت شكاوى قيادات الإخوان المسلمين المحبوسة في السجن، من سوء المعاملة، والتفتيش الدقيق لعنابرهم وتجريدهم من كل شيء، حيث قال معاذ نجل محمد سعد الكتاتني رئيس مجلس الشعب (البرلمان) السابق ورئيس حزب الحرية والعدالة، لوكالة الأناضول، أن “والده أخبرهم خلال الزيارة أن القائمين على السجن يتعاملون معهم بطريقة غير آدمية؛ حيث يمنعون دخول أي طعام من الخارج لهم، كما قاموا بتفتيش الزنازين ومصادرة كل ما لدى السجناء من دواء وغطاء وملابس″.
الأمر نفسه، ذكره أحمد نجل أسامة ياسين وزير الشباب الأسبق، علي صفحته بموقع التواصل الاجتماعي (فيس بوك): “سلطات السجن جردت والدي من كل أغراضه”.
فيما قالت آسية نجلة محمد إبراهيم عضو مكتب إرشاد الإخوان، لوكالة الأناضول: أن “والدها أخبرها خلال الزيارة الأخيرة له أن ما يحدث معهم هو قتل على المدى البطيء، فهم ينامون على الأرض الباردة ومعهم بطانية فقط ، أخذوا منهم كل ما معهم حتى الأدوية الضرورية لعلاجهم”.
الأمر نفسه، اشتكى منه محمد البلتاجي القيادي بالجماعة وعضو المكتب التنفيذي لحزب الحرية والعدالة، وقال في رسالة بعث بها الشهر الماضي: “قامت إدارة السجن بنقلي إلى زنزانة أشبه بالقبر ومصمتة من كل الجوانب لا يدخلها الضوء وليس بها إنارة، وتم منعي من صلاة الجمعة ومن أداء الفروض الدينية في جماعة، وكذلك منعي من الزيارة المستحقة إلا بطريقة غير لائقة من خلف حاجز زجاجي وفصله عن العالم الخارجي”، وهو ما رد عليه البلتاجي بالإضراب عن الطعام.
وكانت آخر الشكاوى من إيمان سعفان زوجة أحمد عارف المتحدث الإعلامي باسم الإخوان، التي قالت لوكالة الأناضول، إن “إدارة السجون تتعنت بشدة مع المعتقلين الأحرار المحتجزين في أماكن غير آدمية وظروف لا صلةَ بينها وبين حقوق الإنسان”.
وأوضحت أن المعتقلين ممنوعون من التريض ومن إدخال أي ملابس أو بطاطين أو أي متعلقات شخصية.لكن مصدر أمني نفى وجود أي معاملة استثنائية لقيادات جماعة الإخوان ورموز نظام مرسي، وقال: “قيادات الإخوان يحفظون لوائح السجون ظهرا عن قلب، خاصة قانون 396 لسنة 56، الذي ينظم وضع السجناء واللوائح الداخلية بالسجن، باعتبارهم قد تكرر حبسهم أكثر من مرة”.
وأضاف: “كل ما يقولونه من باب المزايدات، وما يعتبروه تجاوزات حول تقليل فترة التريض جاء بسبب دواع أمنية”، مضيفا: “ليس هناك تعامل بينهم وبين الضباط من الأساس لأن أغلب وجودهم داخل الزنازين”.واختتم حديثه مؤكدا: “نحن نطبق القانون علي الجميع، ومن لديه شكوى فليقدمها إلي جهات التحقيق الممثلة في النيابة العامة”.