ويعد هذا أول فيلم سينمائي عربي يتناول بشكل مباشر قضية الإلحاد التي تتسم بحساسية شديدة في المجتمعات العربية والإسلامية.
"أنا ملحد. النظام الإلهي لا يوجد به أي نوع من أنواع المصداقية ولا العدل ولا الرحمة. أين الإله الذي يتحدثون عنه؟". هذ جملة تتردد على لسان بطل فيلم "الملحد".
ويقول الناقد السينمائي طارق الشناوي لبي بي سي إنه ليس من الممكن "الحكم على الفيلم قبل مشاهدته، ولكن موافقة الرقابة على عرضه تعني أنه لا يهاجم الدين ولا يدعو للإلحاد، بل أتصور العكس".
وقد وافق الأزهر على عرض الفيلم، بعد إجراء تعديلات على النص، كما أجازت هيئة الرقابة على المصنفات عرض الفيلم دون حذف أي مشاهد.
وقال أحمد عواض، رئيس الرقابة على المصنفات الفنية: "الرقابة وافقت على الفيلم، ولن يتم منع أي فيلم من العرض، شريطة أن لا يتعارض مع القوانين الرقابية، والدليل على ذلك عرض فيلم "لا مؤاخذة" الذي يتناول قضية الطائفية والتمييز".
وأضاف: "فيلم الملحد لا يسيء للأديان ولا يدعو للإلحاد، ولذا تم الموافقة على عرضه".
نجل داعية إسلامي
وقال الممثل الشاب أحمد مجدي، الذي يقوم بدور مدير تحرير إحدى الصحف ويعمل على فضح الملحد وإحداث وقيعة بينه وبين والده: "لم أتردد في قبول الدور، بل على العكس وافقت عليه فورا بسبب جرأته".
وتابع: "من المؤسف انتقاد الفيلم قبل رؤيته. لا يجب أن نضع رؤوسنا في التراب مثل النعام، ولكن يجب أن نناقش الموضوعات بكل جرأة".
وبسؤاله عن توقيت عرض الفيلم، قال مجدي: "بدأنا العمل على الفيلم بعد ثورة يناير، وتم تعديل السيناريو أكثر من مرة. وكان هناك قلق من عرض الفيلم أيام وجود جماعة الإخوان المسلمين في سدة الحكم خوفا من الهجوم على دور العرض".
وتدور أحداث الفيلم حول إلحاد نجل داعية إسلامي شهير، على الرغم من أن والده يدعو الناس للدين على الفضائيات.
الكبت الشديد
لا يوجد إحصاء مستقل لعدد الملحدين في مصر. ولكن بعض المثقفين يشير إلى أن المجاهرة بالإلحاد أصبح ظاهرة خلال السنوات الأخيرة.
وقال القس إكرام لمعي، رئيس المجلس الأعلي للكنيسة الإنجيلية: "التطرق لهذا الموضوع شيء رائع، في ظل زيادة أعداد الملحدين في مصر في السنوات الأخيرة نتيجة العنف والفتاوى الغريبة وتراجع مستوى التعليم والكبت الشديد للشباب في كل شيء، بداية من الملبس ووصولا إلى حرية الفكر".
وأضاف لمعي لبي بي سي: "الكنيسة تشجع المعالجة الموضوعية لقضية الإلحاد، شريطة التطرق للأسباب الحقيقة ورائه والابتعاد عن الطرق التقليدية المتعارف عليها في خطب الجمعة وعظات الأحد".
واختتم لمعي حديثه قائلا: "لا بد من مناقشة هذه الموضوعات الجريئة بشكل متعمق. من الجيد أن يتناول الفيلم قضية إلحاد نجل داعية، سواء كان مسلما أو مسيحيا، لأن هذا يعكس القصور الشديد في الدعوة الدينية".
على المواقع الاجتماعية
وكان منتج الفيلم أدهم عفيفي والمخرج نادر سيف الدين قد تلقيا تهديدات على صفحتيهما على موقع التواصل الاجتماعي "فيسبوك" أثناء تصوير الفيلم.
وأثار الإعلان عن الفيلم ردود فعل غاضبة على مواقع التواصل الاجتماعي، فقد وصف المستخدم محمد جاد على حسابه الخاص على موقع تويتر الفيلم بأنه "كارثة سينمائية" تشجع على نشر الأفكار الإلحادية. في حين قال المستخدم عمر الدقن إن الفيلم خطوة جيدة على الطريق ويجب أن يكون هناك أعمال أخرى جريئة تساعد على زيادة الوعي في مجتمعاتنا العربية.
وتقول مستخدمة تويتر أميرة بدوي على حسابها: "بغض النظر عن المحتوى، من الجيد أن توافق الرقابة على فيلم بهذه الجرأة ويكون هناك حرية أكبر لصناع السينما".
وترى المستخدمة لمياء حاتم على حسابها الخاص إلى عدم الحكم على الفيلم قبل مشاهدته، قائلة: "من الممكن أن يكون هذا الفيلم توعوي. الدكتور مصطفى محمود أصدر كتابا بعنوان حوار مع صديقي الملحد ولم يكن له علاقة بالإلحاد، بل كان يهاجم الإلحاد".