سمحت شرطة مدينة إدمونتن في مقاطعة ألبرتا غربي كندا، للشرطيات المسلمات بارتداء الحجاب، في خطوة رحب بها مسلمو المدينة فيما اعتبرها آخرون تقليلا لشأن المرأة المسلمة.
وذكرت شرطة إدمونتن في بيان أنها أصدرت زيا خاصا بالمسلمات في سلك الشرطة، الراغبات في ارتداء الحجاب، يغطي الشعر والعنق، مشيرة إلى أنه صمم ليعكس التنوع في المنطقة وليشجع اهتمام مسلمي المدينة بوظائف داخل الشرطة، فضلا عن أنه يحترم كافة المعايير المهنية للجهاز.
وقالت "هناك تفسيرات مختلفة لمعنى الحجاب وقرار ارتدائه، لكن شرطة إدمونتن تحترم قرار المرأة المسلمة التي تختار ارتداء غطاء الرأس".
هناك تفسيرات مختلفة لمعنى الحجاب وقرار ارتدائه، لكن شرطة إدمونتن تحترم قرار المرأة المسلمة التي تختار ارتداء غطاء الرأس
وكشف مصدر مسؤول في شرطة إدمونتن، فضل عدم ذكر اسمه، لـ"راديو سوا" أن مسلمين في المدينة، التي تحتل المرتبة الخامسة في كندا كوجهة للمهاجرين الجدد، سألوا الشرطة إذا كانت ستقبل انضمام محجبات إلى صفوفها، فقرر الجهاز دراسة الطلب وتعاون مع جمعيات إسلامية ونساء مسلمات لتطوير زي يحترم معايير السلامة والدين.
وكان بيان الشرطة قد ذكر أن وحدة الإنصاف والتعدد وحقوق الإنسان في الشرطة ووحدة التدريب التكتيكي طورت الزي الجديد بالاستعانة بخياط متخصص في الألبسة الإسلامية لتصميم الزي الرسمي للضابطات المسلمات الراغبات في ارتداء الحجاب.
وذكر البيان أن تصميم الزي بسيط ولا يعيق الحركة ويمكن خلعه بسهولة، مشيرا إلى أنه بعد اختبارات عديدة توصل الجهاز إلى أن الحجاب لا يشكل أي خطر على الضابطة التي ترتديه ولا ينقص من فعاليتها ولا يتصادم مع مهامها كشرطية خلال تعاملها مع المواطنين.
وتشدد شرطة المدينة على أهمية التحاق الجنس اللطيف بصفوفها، مشيرة إلى أن أكثر من 350 امرأة يعملن في أجهزتها في الوقت الراهن، وأنها تتطلع لاستقطاب المزيد من النساء.
وقالت رئيسة المجلس الكندي للمرأة المسلمة فرع إدمونتن صوريا حافظ لموقع "راديو سوا" إن المسلمين رحبوا بالقرار الإيجابي وتلقوه بفرح وإعجاب.
زي في انتظار متقدمات
وصدر قرار إدخال زي بالحجاب على لباس الشرطة بعد عامين من دراسته، لكن لم تتقدم أي من نساء الشرطة بطلب لارتداء الزي الجديد، وفق المسؤول في الجهاز.
إلا أن رئيسة المجلس الكندي للمرأة المسلمة، قالت إن على الشرطة أن تكثف إعلاناتها حول اعتماد زي بالحجاب للملتزمات بارتدائه، عبر اتخاذ خطوات للترويج للقرار تشمل الذهاب إلى المساجد والاجتماعات والجمعيات الإسلامية والجامعات والتواصل مع الشابات المسلمات.
وأرجعت حافظ سبب عدم التحاق أي مسلمة ترتدي الحجاب بالشرطة، إلى عدم علمهن بالخطوة التي اتخذها الجهاز لتسهيل وتشجيع انضمامهن إلى صفوفه.
وكان بيان الشرطة قد أشار إلى أن الجهاز استبق تحديث معايير زي ضباطه من النساء.
إدمونتن ليست الأولى
شرطة إدمونتن ليست الأولى في الترحيب بانضمام مسلمات محجبات إليها، إذ كانت شرطة تورونتو سباقة في هذا الإطار، إلى جانب الجيش الملكي الكندي الذي يضم نساء يرتدين
شرطة تورونتو تعكس المواطنين الذين تخدم
الحجاب كذلك.
وقال مدير وحدة التنوع في شرطة تورونتو أندري غوه لـ"راديو سوا"، إن الحجاب أدخل على زي الشرطيات قبل عامين وإن الجهاز يضم في صفوفه ضابطة واحدة فقط ترتديه.
وقال إن المواطنين في منطقة تورونتو لم يكن لديهم أي رد فعل إزاء إظهار نساء الشرطة انتماءهن الديني، مشيرا إلى أن شرطة تورونتو تعكس المواطنين الذين تخدم وأن القرار لا يختلف عن قرار بالسماح للضباط الرجال بارتداء العمامة قبل أكثر من 20 عاما.
تباين داخل المجتمع الكندي
وفي مقابل الترحيب بالتنوع والتعاون مع مختلف فئات المجتمع بهدف إدماج كل منها في خدمة البلاد، هناك بعض المناطق الكندية، وعلى رأسها كبيك الناطقة بالفرنسية، من يرون أن اتباع ذلك المسار سيقضي على المبادئ والأسس التي قامت عليها الدولة، على حد
اعتماد الحجاب في الشرطة يعطي شرعية لفكر يعود إلى القرن السابع يقلل من قيمة المرأة ويعتبرها متاع
قولهم.
وكتبت فرزانا حسن في مقال عنونته "الخطأ الفادح لشرطة إدمونتن"، إن الخطوة تساهم في ربط الحجاب بالمرأة المسلمة بشكل أوتوماتيكي ما يعزز الصورة النمطية، مضيفة أنه يفترض ضمنا أن النساء اللائي يرتدين الحجاب يمثلن "المسلمات الحقيقيات".
وكتبت أن على الشرطة أن ترفض الحجاب وأن تعتبره تعزيزا لسلطة الرجل على المرأة "وألا تعطيه قيمة من خلال الاعتراف الرسمي"، مشيرة إلى أنه يعطي شرعية لفكر يعود إلى القرن السابع يقلل من قيمة المرأة ويعتبرها متاعا، على حد تعبيرها.
يذكر أن الحزب الكيبيكي الحاكم، الذي ينادي باستقلال المنطقة عن كندا، تقدم بمشروع قانون يدعو إلى اعتماد قوانين علمانية شبيهة بتلك المتبعة في فرنسا، مثل حظر الحجاب والصليب والقلنسوة وأي رمز ديني آخر، في المدارس ومكاتب الدولة والمحاكم ومراكز الشرطة وغيرها.
وعلى الرغم من أن الكثيرين اعتبروا أن المشروع يعكس "الكراهية تجاه الأجانب" أو "العنصرية"، إلا أن استطلاعا للرأي في منطقة كيبيك كشف أن غالبية المواطنين يؤيدونه. أما الحكومة الفدرالية الكندية فتعتزم في حال إقرار القانون في كيبيك، مطالبة وزارة العدل بمراجعته.
وقال وزير التعددية الثقافية جيزون كيناي "سنتحدى أي قانون نعتبره غير دستوري، ينتهك ضمانات حرية الدين التي كفلها الدستور".
الإسلام أسرع الأديان انتشارا
في سياق آخر، قال المسؤول في شرطة إدمونتن إن الإسلام يشكل الدين الأسرع انتشارا في كندا في الوقت الراهن، وإن شرطة إدمونتن تضم في صفوفها موظفين مسلمين لكن لا يوجد رقم محدد لعددهم. وأضاف أن إدمونتن تحتل المرتبة الخامسة في كندا كوجهة للمهاجرين الجدد إلى البلاد.
وقالت رئيسة المجلس الكندي للمرأة المسلمة فرع إدمونتن إن عدد المسلمين في إدمونتن يقدر بحوالي 80 ألف نسمة، من بين أكثر من 812 ألف نسمة وفق إحصاء أجري عام 2011.
أما تورونتو فيمثل المهاجرون 49 في المئة من سكانها، فيما يبلغ عدد المسلمين فيها ثمانية في المئة، حسب إحصاء أجري عام 2011.
وحسب الإحصاء، فإن بين سكان كندا الذين يتجاوز عددهم 29 مليونا، أكثر من 579 ألفا من المسلمين.