“أتمنى أن…
“أتمنى أن ترزقوا أطفالاً في شهر أكتوبر المقبل، بنفس عدد الأزواج المشاركين بالعرس″.. كلمات نطق بها الرئيس الفلسطيني محمود عباس، بعد مباركته لـ300 زوج (600 عريس وعروس)، شاركوا في العرس الجماعي الذي نظمه المكتب التنفيذي للاجئين الفلسطينيين (يتبع منظمة التحرير الفلسطينية)، برعاية وتمويل مؤسسة الرئاسة، أمس الأول الثلاثاء، بمدينة أريحا، شرقي الضفة الغربية.
كلمات محمود عباس (أبو مازن)، الموجزة، خرجت معبرة عن مكنون الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي، والذي يعتبر التحدي الديموغرافي (السكاني)، أبرز جوانبه الهامة، والرئيسية، والمؤثرة فى نتائج هذا الصراع ومستقبله، كما يراه فلسطينيون.
وجاءت مشاركة رغدة عتمة، وعريسها عدي حميض، في العرس الجماعي، الذي أقيم في أحد الفنادق الراقية بمدينة أريحا، بعد عامين من خطبتهما دون قدرة على تحديد موعد للعرس بسبب تكاليفه الباهظة.
العروس عتمة قالت لوكالة الأناضول” لا يمكن لشاب فلسطيني في منتصف العشرينات تحمل أعباء الزواج، ومن ثم الإنجاب بسبب تراكم الديون والأقساط، وغلاء المعيشة”.
كانت عتمة (صحفية)، وخطيبها (مهندس)، من مدينة نابلس، شمالي الضفة الغربية، يخططان لإنجاب ثلاثة أطفال، على أن يبدءا بذلك بعد عام على الأقل من زواجهما، وإلى حين الانتهاء من تسديد أقساط الأجهزة الكهربائية وأثاث المنزل.
وحصل العروسان من خلال مشاركتهما بالعرس الجماعي، على مكرمة بمبلغ 4 آلاف دولار، وهو المبلغ الذي صرف لـ 300 زوج منهم 80 من قطاع غزة (اتهم عباس، حركة حماس، بمنعهم من حضور حفل الزفاف، وهو الاتهام الذي لم يتسن الحصول على تعقيب بشأنه من قبل حماس) من أجل تيسير زواجهم.
وقال المسؤول باللجنة العليا لتنظيم العرس الجماعي ناصر شرايعة، للأناضول، إن “اللجنة تلقت أكثر من 600 طلب، للمشاركة من شبان وشابات، غير قادرين على إتمام زواجهم بسبب ضيق الحال”.
وأوضح أن “الاختيار وقع على نحو 300 زوج من الخاطبين، وغالبيتهم من الشباب اللاجئين، الذين ينتمون لعائلات الشهداء، أو الأسرى، أو من ذوي الاحتياجات الخاصة، ومن الأسر الفقيرة”.
وحسب شرايعة، فإن “البطالة في مخيمات اللاجئين الفلسطينية بالضفة الغربية، وقطاع غزة، أثرت في قدرة الشباب على تحمل أعباء الزواج المكلفة، وبالتالي على نسبة الإنجاب”.
وتصل معدلات البطالة في المخيمات الفلسطينية إلى نحو 45%، فيما تقدر أعداد اللاجئين بالضفة بنحو 900 ألف لاجئ، بحسب إحصاءات رسمية.
و مع ارتفاع أعداد المستوطنين الإسرائيليين على الأراضي المحتلة عام 1967، والتي تخطط السلطة الفلسطينية لإقامة دولة عليها من خلال مفاوضات السلام (التي انطلقت أواخر تموز/يوليو الماضي، ويفترض أن تستمر لمدة 9 أشهر)، يعتقد الفلسطينيون أنهم أمام تحدٍ “ديموغرافي”، خشية من السيطرة السكانية الإسرائيلية، التي تحول دون تحقيق هذا الحلم.
وكانت حركة “السلام الآن” الإسرائيلية (منظمة غير حكومية مناهضة للاستيطان في الأراضي الفلسطينية) كشفت في وقت سابق، عن ارتفاع مخيف في البناء الاستيطاني الإسرائيلي على الأراضي المحتلة منذ عام 1967 في الضفة الغربية، والقدس المحتلة العام الماضي، بزيادة مذهلة قدرها 335%.
وحسب معطيات جهاز الإحصاء الفلسطيني، فقد ارتفع عدد المستوطنين في الأراضي المحتلة عام 1967 إلى أكثر من 560 ألف مستوطن نصفهم يعيشون في مدينة القدس، فيما تضاعف أعداد المستوطنين في الضفة الغربية أكثر من 40 مرة خلال السنوات (1972 – 2013).
وتقدر الإحصاءات الرسمية عـدد الفلسطينيين بحوالي 11.8 مليون، 4.5 مليون منهم فقط يعيشون فـي الضفة الغربية، وقطاع غزة، وحوالي 1.4 مليون في الأراضي المحتلة عام 1948، ويتوزع الباقون على دول عربية وأجنبية.
وتتحدث التقارير الرسمية عن انخفاض معدلات الخصوبة للفلسطينيين نسبيا، حيث سجلت الفترة بين 2008-2009، معدل إنجاب 4.4 مولوداً لكل امرأة مقارنة بستة مواليد عام 1997.
وكان الرئيس الفلسطيني الراحل، ياسر عرفات (توفي في 11 نوفمبر/تشرين ثاني 2004)، من أبرز داعمي مبادرات تشجيع الإنجاب في أوساط الفلسطينيين، من خلال تغطيته تكلفة عمليات الإخصاب الصناعي لغير القادرين على الإنجاب بصورة طبيعية، وخاصة خلال سنوات الانتفاضة (من 1987- 2005)، حيث كانت تسجل حالات قتل يومية للفلسطينيين بالرصاص الإسرائيلي.
وبرزت مؤخراً، تجربة تهريب نطف الأسرى الفلسطينيين من السجون الإسرائيلية، لزراعتها في أرحام زوجاتهم، بعمليات تخصيب صناعية، لاقت تشجيعاً، واستحساناً كبيراً في المجتمع الفلسطيني.