بيروت ـ (أ ف ب) – يعيش نحو 20 الف شخص ظروفا مأسوية في مخيم اليرموك…
بيروت ـ (أ ف ب) – يعيش نحو 20 الف شخص ظروفا مأسوية في مخيم اليرموك في جنوب دمشق، المحاصر منذ حزيران/يونيو، ما يدفع العديد منهم للاقتتات من لحوم الحيوانات الشاردة، وارغم بعض النساء على ممارسة البغاء لتوفير الغذاء لعائلاتهن.
ويقول علي، وهو من احد سكان المخيم، لوكالة فرانس برس عبر الانترنت “كنت انظر الى قطة في الشارع، وانا افكر بذبحها”.
ويضيف هذا الشاب الذي كان طالبا جامعيا عند اندلاع الازمة منتصف آذار/مارس 2011 “العديدون هنا (في اليرموك) قاموا بذبح القطط والكلاب وتناولوها، حتى ان البعض ذبحوا حمارا. احد الرجال قتل كلبا، لكنه لم يجد اي لحم لسلخه عن عظامه، لان الكلب نفسه كان هزيلا من شدة الجوع″.
ويتابع بحسرة “ما كان غير ممكنا تخيله قبل اشهر قليلة، بات أمرا طبيعيا”.
وأنشىء اليرموك في العام 1957 كمخيم للاجئين الفلسطينيين، الا انه تحول خلال العقود الماضية الى منطقة تجارية وسكنية تضم مباني من طبقات عدة يقيم فيها عشرات الآلاف من الفلسطينيين والسوريين. وقبل اندلاع الاحتجاجات المناهضة لنظام الرئيس بشار الاسد، قارب تعداد الفلسطينيين في اليرموك 150 الف شخص.
ومع تمدد المعارك في صيف 2012 الى احياء على اطراف دمشق، نزح العديد من سكان العاصمة الى اليرموك، ما رفع عدد سكانه بشكل ملحوظ.
لكن المخيم نفسه سرعان ما تحول الى ساحة حرب، وانتقل اليه العديد من السوريين الذين حملوا السلاح ضد القوات النظامية.
وشارك مسلحون فلسطينيون في القتال، بعضهم الى جانب المعارضين، وآخرون الى جانب القوات النظامية، لا سيما منهم عناصر الفصائل الموالية للنظام، ابرزها الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين-القيادة العامة.
وفي حزيران/يونيو، فرضت القوات النظامية حصارا على المخيم البالغة مساحته كيلومترين مربعين. ويسيطر المعارضون على غالبية أحيائه.
ودفعت اعمال العنف التي شملت في بعض المرات غارات من الطيران السوري، والدمار الكبير الذي لحق باليرموك، بعشرات الآلاف من المقيمين فيه الى مغادرته. وتفيد ارقام وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الاونروا)، ان 18 ألف شخص ما زالوا مقيمين في اليرموك.
ومع مرور سبعة اشهر على الحصار، باتت المواد الغذائية والطبية عملة نادرة في اليرموك، ووصل سعر الكيلوغرام الواحد من الارز، في حال تواجده، الى نحو مئة دولار اميركي.
ويقول علي “الوضع مأسوي لدرجة تدفع بعض النساء الى بيع اجسادهن لرجال يتوافر لديهم مخزون من الغذاء” يعود الى ما قبل الحصار، مشيرا الى ان “سعر” هؤلاء النسوة هو “كوب من الارز او البرغل”.
يضيف “تخيلوا شعور أب عاجز عن توفير الطعام لاطفال يئنون من الجوع″.
وافاد المرصد السوري لحقوق الانسان الاربعاء ان 85 شخصا بينهم 25 امرأة وخمسة اطفال، توفوا خلال الاشهر الماضية بسبب الجوع ونقص المواد الطبية في اليرموك.
وتعاني وكالة الاونروا من صعوبات جمة في ادخال المواد التموينية الى المخيم، وهي تمكنت من ادخال قافلتي مساعدات فقط خلال الاشهر الماضية، اي ما يوازي 138 وحدة غذائية فقط.
ويقول المتحدث باسم الوكالة كريس غونيس ان “المساعدات التي سمح بادخالها قاصرة في شكل صادم عن توفير الحاجات الملحة لهؤلاء المدنيين”.
ويوضح بان هذه الحاجات تشمل “حليبا جافا (بودرة) للاطفال، لقاحات ضد شلل الاطفال، ومواد غذائية اساسية”.
واعلنت الحكومة السورية في 18 كانون الثاني/يناير انها ستسهل دخول قوافل المساعدات الى اليرموك. الا ان غونيس يعرب عن “خيبة امل كبيرة (…) لان الضمانات التي اعطيت من قبل السلطات لم يتم دعمها بخطوات على الارض تتيح ادخالا سريعا ودوريا لكميات كبيرة من المساعدات الاغاثية المطلوبة لتحدث فرقا بالنسبة لآلاف المدنيين”.
وفي حين يعقد وفدا النظام والمعارضة مفاوضات في جنيف سعيا للبحث عن حل للازمة السورية، شملت حديثا عن ادخال مساعدات الى المناطق المحاصرة في حمص، لا يبدو مصير اليرموك مطروحا على بساط البحث.
ويحمل المتحدث باسم “القيادة العامة” في دمشق انور رجا مقاتلي المعارضة مسؤولية الوضع الراهن في اليرموك.
ويقول “الامور للاسف معلقة بسبب اصرار المسلحين على التمترس في مواقعهم. وكان الاتفاق ان يقوم المسلحون الفلسطينيون في داخل المخيم بالضغط على المسلحين غير الفلسطينيين (…) للانسحاب من المخيم”.
اضاف “نتمنى المزيد من الضغط من القوى الشعبية داخل المخيم والمسلحين الفلسطينيين الذين تعهدوا بالضغط على الجماعات الاخرى، ومنها (جبهة) النصرة” التي تعد الذراع الرسمية للقاعدة في سوريا، لكي “يتم تأمين مناخ افضل لمتابعة ايصال المساعدات”.
من جهته، يحمل وسام سباعنة، العضو في مؤسسة “جفرا” الفلسطينية، القوات النظامية والموالين لها مسؤولية الوضع في المخيم.
ويقول “الناس يطلبون الحصول على الحليب الجاف للاطفال واللقاحات. ما سيفعل المقاتلون بالحليب الجاف؟”، في اشارة الى تصريحات الاطراف الموالية للنظام عن ان مقاتلي المعارضة يتخذون المدنيين “رهينة” للحصول على المساعدات.
واوضح ان المجموعات المقاتلة داخل المخيم، باستثناء الجهادية منها، احترمت الاتفاق مع النظام (لضمان دخول المساعدات)، وان “المدنيين مستعدون للضغط على النصرة في حال اثبت النظام انه جدي”.
وافاد المرصد الاثنين عن خروج تظاهرة في المخيم ضد جبهة النصرة.
ويشدد مدير المرصد رامي عبد الرحمن على ضرورة ان يرفع الحصار في شكل كامل. ويقول لفرانس برس “يتم تجويع المدنيين لتأليبهم ضد مقاتلي المعارضة. حصار المناطق التي يتواجد فيها مدنيون جريمة حرب”.