قال الكاتب الأمريكي توماس فريدمان ”إنه في حالة ما إذا كنت متحيرا بشأن حجم الفساد الموجود في الدول العربية وتتساءل عن دور الولايات المتحدة تجاه هذه القضية، فسأقوم بطرح ثلاثة أسئلة يجب أن توضع بعين الاعتبار”.
أول هذه الأسئلة – بحسب فريدمان في مقاله بصحيفة نيويورك تايمز – كان: ”لماذا كان الدور الأمريكي وتدخلها في تونس طفيفا بالمقارنة بباقي دول الربيع العربي، ولماذا تركتها واشنطن تخطو بثبات نحو الديمقراطية؟”
”أما ثاني تساؤل له كان لماذا هذه الأرقام (1، 5.000، 500.000) تعد أهم أرقام تحضر إلى ذهنك إذا تطرأت للتفكير في دول الربيع العربي؟”.
وجاء سؤاله الأخير عن عبد الفتاح السيسي وحول عدد الأوسمة التي يضعها على بذلته العسكرية على الرغم من عدم خوضه أي حروب من حروب مصر الكبيرة لصغر سنه؟ وأردف متسائلا أليس هذا أمرا يثير القلق؟
ثم قام الكاتب الأمريكي بترتيب إجاباته حسب ترتيب طرح الأسئلة، فبدأ بتونس التي صاغت دستوراً جديداً حاز على اعجاب انصار حزب النهضة الاسلامي وكذلك العلمانيين المعارضين للحكومة، متسائلا عن سر هذا الاجماع على دستور تونس الذي تمت صياغته بشكل دقيق جدا؟
وكانت إجابة فريدمان هي أنه بعد وصول كلا من التيارين الاسلامي والعلماني إلى شفا حرب أهلية خلصوا إلى ضرورة الاتحاد من أجل النصر وإرساء الديمقراطية، فالوضع في تونس لم يكن يقبل مبدأ غالب أو مغلوب فوجبت الوحدة بين جميع أطيافه.
وهنا نأتي لسؤال الأرقام فإذا كنت تريد الاتحاد من أجل بناء الوطن فكل الذي ستحتاجه هو شخص واحد فقط مثل ”نيلسون مانديلا”، أما إذا كان الناس لا يرغبون في العيش معا بل يريدون العيش كل على حدة مثل البوسنة أو لبنان التي دخلت بلادهم في حروب أهلية فهنا تحتاج إلى 5.000 من قوات حفظ السلام لمراقبة الوضع.
وتابع الكاتب لتفسير آخر رقم موضحا أنك ستحتاج 500.000 من قوات حفظ السلام للناس الذين لا يرغبون في العيش معا نتيجة انعدام الثقة لإزالة الديكتاتور أو العناصر الفاسدة، وذلك مثل الكثير من البلدان التي تحتاج لقوات من هذا النوع لتعيش في استقرار بعض الشيء.
ولفت فريدمان إلى عدم القدرة على إدارة التعددية بطريقة ديمقراطية، والتي لا يستطيع الغرب إصلاحها في العالم العربي، كما أن الغرب لا يستطيع أن يسمح بتدهور الأحوال للأسوأ كما في العراق.
وتحدث الكاتب الأمريكي عن الرئيس السوري بشار الأسد ووصفه بأنه ”مسخ”، غير أنه سيتم الإطاحة به بطريقة تجلب الزيد من الفوضى في صفوف المعارضة السورية وتظهرها على الأرض أنها لا تؤمن فقط بالتعددية لكنها لديها القدرة على تطبيقها.
من جهة أخرى، قال الكاتب إن الأقليات السورية التي تجمعت حول الأسد لن تحميه، فجميع الذين يحثون الرئيس أوباما على التدخل في سوريا يحتاجون لأن تكون تلك الأمور في عقولهم.
وبالنسبة لمصر، قال الكاتب إنه ليس لديه أية تعاطف مع قادة الإخوان المسلمين، معربا عن أمله لو أنه تم التصويت ضدهم، وأفهم أن العديد من المصريين أرادوا الجيش أن يقتلعهم.
ورأى فريدمان أنه شعر وكأن النموذج القديم بالاعتماد على نموذج الرجل العسكري القوي لجلب الاستقرار من خلال الاستبداد والإقصاء، عندما تقرر القبض على من وصفهم بالنشطاء الشرفاء السلميين وقيادات المجتمع المدني الشبابية.
وأشار الكاتب الأمريكي في نهاية مقاله بأن المصريين وقعوا في البحث عن الكرامة في المناطق الخطأ، واحتفوا بماضي بلادهم، وليس الفوز بمستقبلهم، مضيفا أنه سيشجع السيسي حال أعلن عن نماذج يهزم بها أعداء مصر الحقيقيين، مثل محو أمية المرأة أو بناء مدارس عليا للتكنولوجيا وبناء نظام سياسي غير إقصائي حقيقي. ”واليوم الذي يبدأ فيه (السيسي) تقديم هذه النماذج للمصريين، فستكون مصر دولة قوية لا تحتاج لرجل قوي”.