بيروت ـ حمزة تكين ـ الأناضول ـ اعتبر مفتي لبنان الشيخ…
بيروت ـ حمزة تكين ـ الأناضول ـ اعتبر مفتي لبنان الشيخ محمد قباني اليوم الإثنين أن التطرف الذي يعصف في الأمة الاسلامية وينمو في لبنان “حرام”، داعيا قادة العرب والمسلمين لإنقاذ بلدانهم من مخطط فتنوي أمريكي لصالح حماية إسرائيل المستمرة في تهويد القدس.
وقال قباني خلال مؤتمر صحفي عقده في بيروت أن “المخطط الأمريكي المحاك للمنطقة العربية يهدف الى جعل إسرائيل الدولة الأقوى المهيمنة فيه”، مضيفا أنه “في حين تتلهى الدول العربية في النزاعات والتقاتل تنشط اسرائيل في إنشاء مزيد من المستعمرات اليهودية وتطرد الفلسطينيين من مدنهم وقراهم وتقوم بتهويد القدس الشريف، لم يجرؤ أحد منا نحن العرب أن يوقفها عند حدها”.
وحذّر من خطر تقسيم المنطقة العربية الى “دويلات طائفية ومذهبية متناحرة ضمن مشروع إعادة تشكيل المنطقة العربية في ما يسميه الأجنبي الشرق الأوسط الجديد”، مشيرا إلى أن “أميركا درست في سبيل تحقيق هذا المخطط الجماعات التي تتألف منها المنطقة ونجحت بإدخال الفتن الى 8 دول واستطاعت إيقاع التقاتل بين أبناء هذه الدول ولكنها مهما أنفقت في سبيل ذلك من أموال لن تحصد سوى الفشل”.
وانتقد قباني الأمم المتحدة التي “لم تتطرق بتاتا الى ما تمتلكه إسرائيل من أسلحة نووية وكيميائية بينما قام مجلس الأمن بالحد من الأبحاث النووية لدول عربية وإسلامية”.
ودعا قادة العرب والمسلمين لكي “ينقذوا بلدانهم من الخراب والدمار وينقذوا أوطانهم ومستقبل شعوبهم ويمنعوا الأجنبي من التدخل في شؤونهم وفرض الحلول عليهم”.واعتبر قباني أن التطرف الذي يعصف بالأمة ليس من الإسلام والمسلمين في شيء، قائلا “من يفجر من أجل قتل إخوة له في الدين والوطن ويودي بالأبرياء فهو يزهق نفسه والأرواح البريئة ظلما من دون وجه حق، وهو أمر حرام”.
ولفت الى أن نمو التطرف في لبنان “ليس صدفة أبدا”، مشيرا إلى أن ما ساهم في نموه هو “ملف الموقوفين الإسلاميين والزج بهم في السجون اللبنانية طيلة سنوات دون محاكمات”، مشيرا الى أن هذا الملف “كان أداة للاعتقال التعسفي المنظم للشباب المسلم بلا تهم ولا محاكمات منذ سنين طويلة، وإلحاق المظالم بهم وبعائلاتهم”.
وتعتقل السلطات اللبنانية العشرات من الاسلاميين من سنوات بدون محاكمات، لارتباطهم بتنظيم “فتح الإسلام” في قتال الجيش اللبناني في مخيم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان في أيار/مايو عام 2007، ما أدى إلى نزوح سكان المخيم وتدمير جزء كبير منه ومقتل العشرات من أفراد التنظيم وعناصر الجيش اللبناني.
وأضاف أن “الاسقاط الممنهج للدور المعتدل لدار الفتوى وعلمائها من خلال محاولات إسقاط ركيزتها باستهدافها يوميا بشعارات التحريض ساهم أيضا في نمو هذه الظاهرة وفي تقويض دور الدار في مواجهة هذا التطرف”.وكان السفير السعودي علي عواض عسيري انتقد آداء دار الفتوى الحالي، معتبرا ان الدار يجب أن تكون “صوت الاعتدال السني”.
وتناقلت مواقع جهادية على شبكة الإنترنت يوم السبت الماضي، تسجيلا صوتيا منسوبا لـشخص يدعى “أبو سياف الأنصاري”، أعلن فيه مبايعته لتنظيم “الدولة الاسلامية في العراق والشام” (داعش- المرتبط بتنظيم القاعدة)، وزعيمها أبو بكر البغدادي، وتأسيس جناح لها في مدينة طرابلس شمالي لبنان.وتبنى تنظيما “جبهة النصرة في لبنان” و”كتائب عبد الله عزام” (سرايا مروان حديد)، الأسبوع الماضي، قصف مدينة الهرمل، شرق لبنان، بصواريخ غراد، مع التأكيد على استمرار هذه العمليات باستهداف “المشروع الصفوي وحزب إيران (حزب الله اللبناني)”، حتى انسحاب عناصر الحزب من سوريا.
كما تبنى تنظيم “جبهة النصرة في لبنان” الأسبوع الماضي أيضا التفجير الانتحاري الذي استهدف منطقة حارة حريك في الضاحية الجنوبية لبيروت، معقل حزب الله الرئيسي، الذي أدّى لمقتل 7 أشخاص وجرح 35. وسبق له أن أعلن مسؤوليته عن انفجار سيارة مفخخة الأسبوع الماضي في مدينة الهرمل، أحد معاقل حزب الله، شرق لبنان، أدى إلى سقوط 3 قتلى وجرح 40 آخرين.
وفي الوضع اللبناني الداخلي، انتقد قباني كثرة الخلافات بين اللبنانيين وقلة ما يتفقون عليه، قائلا “لا للاستقواء بين اللبنانيين بجميع أنواعه، من فريق على آخر ولا للسلاح في الداخل أو التعطيل أو استنزاف الشعب ومصالحه أو الاستقواء بالأجهزة الأمنية”.واستغرب كيف أن كل فريق من اللبنانيين “يحول جهازا أمنيا ليكون بيده ضد الطرف الآخر”، قائلا “لا للاستقواء بالظلم داخل السجون اللبنانية وخارجها، ولا للاستقواء بالتطرف وإيجاد بيئة حاضنة له”.وشدد على “ضرورة تعزيز قدرات الجيش اللبناني وصناعة قوة الردع الحقيقية في وجه إسرائيل”.
وقال قباني “ما زلنا نتخبط ونغرق في واقعنا اللبناني، ففي لبنان أناس مع قوى 8 آذار (الموالية للنظام السوري) وأناس مع قوى 14 آذار(المؤيدة للثورة السورية)، أناس مع النظام في سوريا، وأناس ضد النظام، أناس يجاهرون بتدخلهم في سوريا، وأناس لا يجاهرون، أناس يرفضون وجود تنظيمات إسلامية، وأناس يؤيدونها سرا أو علانية، أناس في محور روسيا، وأناس في محور الولاياتِ المتحدة الأمريكية”.ويقاتل حزب الله بشكل علني الى جانب قوات النظام السوري منذ مطلع العام الماضي، في حين يشارك عدد من المقاتلين اللبنانيين بالقتال في صفوف قوات المعارضة.وختم قباني بدعوة اللبنانيين لتشكيل حكومة جامعة، وانتخاب رئيس جديد للبنان في موعده “قبل فوات الأوان في هذا الزمن الدقيق والخطير، زمن الفتن والمتغيرات”.
ويعيش لبنان منذ حوالي 10 أشهر بدون حكومة، في ظل الصراع السياسي القائم بين قوى 8 آذار وقوى 14 آذار، مع اقتراب الموعد الدستوري لانتخاب رئيس جديد للبلاد في منتصف شهر أيار/مايو المقبل.