كشف مصدر مقرّب من عائلة وزير خارجية النظام السوري لصحيفة ”العرب” اللندنية أن الكثير من أفراد عائلة وليد المعلم تحت الإقامة شبه الجبرية ومضيّق عليهم أمنيا بشكل كبير بالتزامن مع ترؤس المعلم لوفد النظام المفاوض في جنيف 2.
وقال المصدر إن أفراد العائلة تلقوا تهديدا بشكل غير مباشر، بعد التواصل مع الجهاز الأمني المرافق لعائلة “المعلم” حيث تم إعلامهم بأن لهم حريّة الحركة لأي مكان أو وجهة، لكن مع رفع الحراسة الأمنية بشكل كامل، وبأن الجهاز الأمني لن يكون مسؤولا عن أي مكروه قد يصيب العائلة، وهو ما جعل العائلة تفهم على أنه رفع يد عنهم.
وأشار إلى أن امتناع وليد المعلم عن ترؤس أول جلسة مباشرة مع المعارضة بحضور الإبراهيمي جاء على خلفية تذمر المعلم من تضييقات النظام عليه.
وعزا مراقبون هذه الخطوة إلى حالة الشك التي تلازم الأسد في علاقته بالمحيطين به، وخاصة الشخصيات البارزة مثل فاروق الشرع (نائب الرئيس الذي تم تجميده)، ووليد المعلم وزير الخارجية، ومرد ذلك خوفه من أن يكونوا بدائل في أي حل سياسي قادم.
وكانت جهات من المعارضة قد اقترحت على جهات غربية تنحية الأسد، وأن يتم التعامل مع فاروق الشرع كواجهة للنظام غير مورطة في عمليات القتل، وبسبب هذا الاقتراح زاد النظام من حصاره للشرع الذي لم يعد يظهر إلا في مناسبات قليلة دون أي دور.
ولاحظ مراقبون توترا في علاقة ممثلي الأسد في جنيف 2 خاصة بعد الاشتباك الذي حصل بين الإعلامية لونا الشبل المقربة جدا من بشار وبين ممثل سوريا لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري، حيث بلغ التلاسن بين الاثنين حد الشتائم المتبادلة بعد خلاف حول القبول بالتوقيع على بنود اتفاقيات جنيف 1 أو عدمه.
وفسر المراقبون التذمّر الذي أصاب رأس الوفد الرسمي “وليد المعلم” بأنه يأتي ضمن هذا التوتر.
وكان المعلم ظهر على مدار أيام انعقاد المؤتمر في صورة الممتعض والمتذمر في كثير من المواقف، حيث امتنع في البداية عن الدخول للاجتماع الأول الذي كان من المفترض أن يجمعه بوفد المعارضة.
وقدمت العديد من وسائل الإعلام الموقف على أن الوفد الرسمي لحكومة الأسد كان ينتظر الاستعلام شخصيّاً عن الأعضاء المشاركين في الاجتماع المرتقب.
وقال “أنس العبدة” أحد أعضاء الائتلاف الوطني المعارض إن الوفد الرسمي لحكومة الأسد كان جميعه واقفا في ردهة الفندق أمام قاعة الاجتماع، وفور وصول وفد المعارضة من غير “الجربا” تم سحب “وليد المعلم” إضافة إلى “بثينة شعبان وفيصل المقداد” مبقين على سفير الأمم المتحدة “بشار الجعفري”.
ونفى مصدر خاص لـ”أنا برس″ السيناريو الذي طرحه العبدة بعدم مشاركة الوزير مع تأكيد نبأ التذمر الحاصل لوفد المعارضة ككل ورأسه على وجه الخصوص بسبب التوتر العام داخل الوفد من ناحية أولى، وخوف الوزير على عائلته من ناحية ثانية.
وقال المراقبون إن الأسد دأب على ربط مصير الوزراء والمسؤولين بالنظام، ما يجعلهم يفكرون ألف مرة قبل الإقدام على أية خطوة سواء بالنقد أو الانشقاق.
وهو ما كشف عنه رئيس الحكومة السورية المنشق “رياض حجاب” حين تحدث عن أسلوب النظام في التعاطي مع مسؤوليه، وأنه كان يلجأ دائما إلى ربط المسؤول بأفراد أسرته عبر مراقبتهم والتضييق عليهم.
وهو ما أكده العديد من موظفي الحكومة السورية السابقين والحاليين إضافة إلى العسكرين المنشقين ذوي الرتب الحساسة.
وعلل المراقبون الأمر بالقول إن السياسة التي يتبعها النظام السوري مع مسؤوليه تدل على أعلى مستويات الحذر من قبله، وأنه لا يمتلك في أجهزته عامل الثقة، فهو دائم الشك بأفعالهم.
ولا يقف الأمر عند حد مراقبة عوائل المسؤولين فحسب، بل نشير هنا أيضا إلى التعميم الذي أصدره رئيس الحكومة الحالي “وائل الحلقي” والذي أمر فيه كافة الجهات العامة بعدم قبول أو إعطاء أي موعد صحفي لوسائل الإعلام غير المحلية إلا عن طريق مديرية الإعلام الخارجي في وزارة الإعلام، والتي تخضع للمكتب الصحفي للقصر الجمهوري.
وبخصوص فعاليات المؤتمر، أقر المبعوث الأممي الاخضر الإبراهيمي بأن “الأوضاع تزداد سوءا وأن الأمر سيستغرق وقتا”.
إلى ذلك، قدم وفد المعارضة قائمة بـ2300 امراة وطفل في سجون النظام السوري، مطالبا بـ”الإفراج الفوري” عنهم وبفصل قضية النساء والأطفال عن المعتقلين الآخرين.
وقال عضو وفد المعارضة المفاوض عبيدة نحاس بعد انتهاء الجلسة الصباحية للصحافيين، “بدأنا بطلب الإفراج عن عشرات الآلاف من المعتقلين في سجون النظام، وبينهم نساء وأطفال. يجب فصل موضوع النساء والأطفال عن باقي المعتقلين”.
وأوضح نحاس، وهو عضو في الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة السورية، أن لدى المعارضة “حوالي 47 ألف اسم تقريبا أصحابها معتقلون في سجون النظام”.
لكن الوفد الرسمي بدا مرتبكا في التعاطي مع الأمر، وهو وفق ما يقول مراقبون بجنيف، ينتظر الموقف الذي سيأتيه من القصر بالإيجاب أو السلب.