أرسل معهد بروكنجز الأمريكى، أحد أهم مراكز الأبحاث المؤثرة فى دوائر صنع القرار فى واشنطن، مذكرة إلى الرئيس الأمريكى باراك أوباما بشأن التطورات فيها، وحذر كاتباها، تمارا موفمان ويتس، مدير مركز سابان لدراسات الشرق الأوسط التابع للمعهد ودانيال بيمان، كبير الباحثين، من أن قمع الإخوان المسلمين يدفع الجماعة نحو التطرف ومن ثم مزيد من تقويض استقرر مصر والمنطقة ويؤثر على أمن إسرائيل.
وحث الكاتبان إدارة أوباما على ضرورة التواصل مع من وصفوهما بالإسلاميين السلميين، والضغط على مصر من أجل السماح لأنصار الإخوان للمشاركة فى النشاط السياسى المشروع والتعاون مع مصر، فيما وصفته المذكرة بالتهديدات الإرهابية المشروعة وتوسيع جهود مكافحة التطرف فيها، وتقول المذكرة إن الإطاحة بحكم المعزول محمد مرسى وما تلاه من حملة ضد الإخوان المسلمين ستؤدى على الأرجح إلى مزيد من تقويض استقرار مصر، كما أن استبعاد الإخوان من السياسية سيدفع بأعضائها إلى التخلى عن السياسيات السلمية، والتطرف والعودة إلى الإرهاب، والذى يمثل انتكاسة كبيرة للمصالح الأمريكية فى مصر، ويمكن أن تتجاوز الآثار السلبية مصر إلى سيناء وحدودها مع غزة بما يمثل مزيد من التهديد للمصالح الأمريكية (أمن إسرائيل).
واعترفت المذكرة بأن السياسة الأمريكية لا يمكنها على الأرجح أن تمنع تطرف الإخوان، لكنها استطردت قائلة إن بإمكانها أن تسعى إلى تحييد آثاره على المصالح الأمريكية وأمن الأمريكيين، ويقول التقرير “فى حين أن المصالح الأمريكية تكمن فى الاستقرار فى جميع أنحاء مصر، ومن ثم فإن السياسة الأمريكية يجب أن تسعى لمنع حدوث تطرف على النطاق الواسع، وفى نفس الوقت تسعى إلى الحد من قدرة الأصولية الإسلامية فى مصر من التأثير على الاستقرار الإقليمى”.
وأوصت كوفمان وبيمان الإدارة الأمريكية بالضغط على الحكومة المصرية بشكل أكبر من أجل السماح لأنصار الإخوان بالمشاركة فى النشاط السياسى والمدنى المشروع، وشددا على ضرورة توسيع الجهد الاستخباراتى بين القاهرة وواشنطن حول التطرف الإسلامى وتركيز تواصل الولايات المتحدة مع مصر والدول العربية لأخرى على مكافحة التطرف ومكافحة العمليات الإرهابية.
ودعا خبراء بروكنجز إدارة أوباما إلى الضغط على الحكومة المصرية لإطلاق سراح السجناء الإسلاميين الذين لم يرتكبوا عنفا، والسماح للأحزاب الإسلامية بالتنظيم المنافس فى الانتخابات والمشاركة فى الحكم ومع وجود الرئيس المعزول محمد مرسى قيد المحاكمة بعدة اتهامات بعضها مشكوك فيه، حسبما يقول التقرير، فى ظل بيئة مسيسة للغاية فإنه لا ينبغى على الولايات المتحدة أن تجعل إطلاق سراحه مقياس نجاح دبلوماسيتها، بل يجب أن تواصل الضغط على الحكومة للتواصل مع شخصيات الإخوان للسعى للمصالحة، وأن تصر على محاكمة عادلة لمرسى، كما طالبت المذكرة المسئولين الأمريكيين بضرورة التواصل مع كل السياسيين المصريين ومن بينهم الإسلاميين الملتزمين بالمشاركة السياسية السلمية، حتى لولم يرض ذلك الحكومة المصرية.
وتضيف الرسالة أنه بعد إعلان الإخوان تنظيما إرهابيا، وتوقع الحكومة المصرية إعلانا أمريكيا مماثلا، وهو الأمر الذى يبدو فى هذه المرحلة نبوءه تتحقق ذاتيا أكثر من كونه توصيفا عمليا، فيجب على الإدارة الأمريكية أن توضح للمصريين أنه فى ظل غياب دليل على نوايا وقدرة على العنف، فإن الولايات المتحدة لن تسمح بتجريم الإخوان لمنع اتصال المسئولين فى واشنطن مع “معارضين سياسيين سلميين”، على حد وصف التقرير.
وحددت المذكرة عدة خطوات رأى خبير بروكنجز أن بإمكانها التقليل من احتمالات المشاكل التى تواجه الولايات المتحدة فى مصر، أولها ضرورة أن يوضح المسئولون الأمريكيون للقادة فى مصر أنهم لا يرون أن تطرف الإخوان على نطاق واسع أمرا حتميا، وللحد من ذلك يجب السماح لمن نبذ العنف منهم بلعب دور فى الحياة لسياسية والاجتماعية ، كما يجب على واشنطن أن توضح لمصر أنها ستحظى بدعم أمريكا فى الجهود الذى تستهدف من يستهدفون المصالح الأمنية الأمريكية مثل أمن إسرائيل، لكنها لا تنظر إلى كل الإسلاميين باعتبارهم إرهابيين، ولا ترى أن كل العنف الإسلامى على نفس الدرجة من المساواة فى الأولوية، والإخوان الآن ليسوا جماعة إرهابية، كما يجب على واشنطن أن تدعو لنهج مكافحة الإرهاب يحترم حقوق الإنسان.