فيما يشكل يأساً من إمكانية نجاح الانقلاب، استبعد الجنرال عاموس يادلين، الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات العسكرية الإسرائيلية أمان نجاح ما أسماه “الديكتاتورية العسكرية”، التي يحاول وزير الدفاع المصري عبد الفتاح السيسي بناءها في مصر في الصمود والبقاء.
وفي تحليل استشرافي للبيئة الإستراتيجية الإسرائيلية خلال عام 2014، توقع يادلين أن تفشل ” الديكتاتورية العسكرية ” في مصر، مشيراً إلى أن “تعاظم وعي الجماهير بحقوقها، وتحررها من حالة الخوف والرعب لا تسمح بعودة الأمور إلى نقطة الصفر، وتقبل المصريين مجدداً العيش تحت كنف العسكر”، على حد تعبيره.
ونوه يادلين في التحليل، الذي نشرته النسخة العبرية لموقع صحيفة “جيروسلم بوست” الثلاثاء إلى أن الرفض الجماهيري لحكم العسكر في مصر سيفضي إلى مخاطر إستراتيجية على إسرائيل خلال عام 2014، لأنه سيشجع حالة عدم الاستقرار وتقلص قدرة الدولة على فرض سيطرتها على سيناء، مما يعني زيادة فرص استهداف “إسرائيل” من قبل “تنظيمات الجهاد العالمي”.
وشدد يادلين، الذي يرأس ” مركز أبحاث الأمن القومي “، والذي يعتبر أهم مركز تفكير إسترايجي في “إسرائيل”، قائلاً إن “تحرر المصريين من عنصر الخوف بعد اندلاع ثورات الربيع العربي يقلص من فرص نجاح العسكر في الصمود خلال عام 2014”.
ولفت يادلين إلى أن الانقلاب الذي قاده السيسي، ونجاح نظام الأسد في البقاء جعل عام 2013 نقطة تحول فارقة نحو تراجع التهديدات الإستراتيجية التي تراكمت أمام إسرائيل مع اندلاع ثورات الربيع العربي.
و أوضح يادلين أن الجيش المصري الذي أزاح الأخوان المسلمين عن الحكم، هو المؤسسة الأكثر إيجابية بالنسبة لإسرائيل من بين المؤسسات التنفيذية في مصر.
ونوه إلى أن عودة الجيش المصري للعب الدور الرئيس في مصر يمثل مصلحة كبيرة لإسرائيل، لأنه سيقلص إلى حد كبير من فرص المس باتفاقية ” كامب ديفيد “، التي تمثل أحد أهم أعمدة الأمن القومي ” الإسرائيلي “.
وأشاد يادلين بشن الجيش المصري حرباً ” لا هوادة فيها ” ضد ما أسماها بـ”التنظيمات الإرهابية”، وتضييقه الخناق على حركة حماس، معتبراً أن هذه الخطوة قلصت المخاطر الإستراتيجية عن كاهل إسرائيل خلال عام 2013.
وأوضح يادلين أن موازين القوى مالت خلال 2013 لصالح إسرائيل بشكل أكبر مما كانت عليه في الماضي، إثر انشغال الجيش السوري في حربه ضد شعبه، منوهاً إلى أن هذه الحرب أضعفت بشكل كبير هذا الجيش، وأفقدته الكثير من عتاده، علاوة على أنه يمر في مرحلة تفكك واضحة.
وشدد يادلين على أن تطوع الأسد للتخلي عن سلاحه الكيماوي أزال أحد التهديدات الإستراتيجيات التي أقلقت كثيراً صناع القرار ودوائر التقدير الإستراتيجي في “إسرائيل”.
وأضاف يدلين أن عام 2013 شهد حالة التقاء مصالح واضحة غير مسبوقة بين إسرائيل والدول التي تمثل ما أسماه بـ”المعسكر السني المعتدل”، سيما دول الخليج، مشيراً إلى أن هناك التقاء مصالح واضح بين إسرائيل وهذه الدول في الموقف من سوريا ومصر وإيران.
واعتبر يدلين أن خسارة حركة حماس التحالف مع المحور السوري الإيراني عام 2012 وخسارتها العلاقة مع مصر في أعقاب الانقلاب على مرسي، أضعف الحركة، وهو ما مثل نقطة تحول فارقة لصالح إسرائيل.
وشدد يدلين على أن إضعاف مكانة حماس أسهم في تمكين السلطة من استئناف المفاوضات مع إسرائيل بهدف التوصل لتسوية للصراع، وهو ما أدى في المقابل إلى تقلص الضغط الدبلوماسي والدولي عن كاهل إسرائيل، وأبطأ – وإن كان بشكل مؤقت – من وتيرة حملة نزع الشرعية عن “الدولة العبرية”، التي تعاظمت خلال الأعوام الأخيرة.
وحذر يادلين من المخاطر الكارثية لتواصل مظاهر ضعف مكانة الولايات المتحدة في منطقة الشرق الأوسط، مشيراً إلى أن هذا التطور يمس بفاعلية الشراكة الإستراتيجية بين إسرائيل والولايات المتحدة، مشيراً إلى أن هذه الشراكة تمثل “أحد أهم أعمدة الأمن القومي” الإسرائيلي ومركب أساسي في قوة الردع “الإسرائيلية”.
ونوه يادلين إلى أن الذي تسبب في إضعاف مكانة الولايات المتحدة هو امتناع الإدارة الأمريكية الحالية عن استخدام القوة، مما أضعف مكانتها.
وأشار إلى أن إعلان إدارة أوباما الصريح والواضح بتفضيلها منطقة جنوب شرق آسيا على منطقة الشرق الأوسط لاعتبارات إستراتيجية واقتصادية فاقم مخاطر الضعف الأمريكي العام.
واعتبر يادلين أن نجاح الولايات المتحدة في تطوير قدرات تكنلوجية تمكنها من استخراج الغاز والنفط من الصخر سيجعلها تستغني عن المنطقة لدرجة أنه بالإمكان أن تغادرها بشكل نهائي.
وشدد يادلين على أنه لا يوجد ثمة بديل للعلاقة مع الولايات المتحدة، مشيراً إلى أنه لا يوجد دولة في العالم يمكن أن توظف مواردها لخدمة المصالح الإسرائيلية كما تفعل الولايات المتحدة.
وفي سياق مختلف، نوه يادلين إلى أن سيناريو الرعب الذي يمكن أن ينتظر “إسرائيل” خلال عام 2014، وهو أن يفشل الغرب وإيران في التوصل لاتفاق نهائي، مما يعني جعل الاتفاق المؤقت الذي تم التوصل إليه اتفاقاً نهائياً، مما يبقي إيران في وضع دولة “على حافة قدرات نووية”.
ودعا يادلين دوائر صنع القرار في تل أبيب إلى ضرورة الإسراع للتوصل لتفاهم شامل مع الإدارة الأمريكية بشأن الخطوط الحمراء التي يتوجب توافرها في الاتفاق النهائي بين إيران والغرب.
ونوه يادلين على أن “إسرائيل” مطالبة خلال عام 2014 باتخاذ قرارات صعبة بشأن سبل مواجهة البرنامج النووي الإيراني.
وأشار موقع ” جيروسلم بوست ” أن ما جاء في تحليل يادلين الموسع سيكون مادة للنقاش في مؤتمر كبير سينظمه “مركز أبحاث الأمن القومي” في مارس القادم.