احكم تنظيم “دولة العراق الاسلامية في العراق والشام” قبضته على مدينة الفلوجة العراقية التي خرجت عن سيطرة الحكومة منذ اسابيع، وسحب البساط من تحت العشائر التي كانت تنظم الامور في غياب السلطة.
ومع اندلاع الازمة في محافظة الانبار، سيطر مسلحون ينتمون الى العشائر على مدينة الفلوجة وقاموا بطرد الشرطة المحلية هناك، ما دفع الحكومة الى ارسال قوات عسكرية الى ضواحيها. وبعد تدخل جهات عديدة ومفاوضات مع وجهاء العشائر، قرر رئيس الوزراء نوري المالكي التريث باقتحامها، والسماح للعشائر بطرد المسلحين وتشكيل حكومة محلية لتسيير الامور في المدينة.
واختار كبار شيوخ عشائر الفلوجة الاسبوع الماضي خلال اجتماع تشكيل ادارة مدنية جديدة وتعيين قائممقام وقائد للشرطة من اهالي المدينة، لتفادي اجتياح الجيش لمدينتهم، لكن هذا القرار لم ير النور اثر رفضه من قبل مسلحي الدولة الاسلامية في العراق والشام (داعش) التي باتت تهيمن على المشهد هناك.
واعتبر هذا الاجتماع الثاني لعشائر الفلوجة الذي يفشله عناصر داعش بعد ان افشلوا اجتماعا سابقا كان اسفر ايضا عن اختيار الوجهاء لادارة مدنية وقائد لشرطة المدينة.
فبعد الاجتماع الاول بساعات الذي اختير خلاله قائدا للشرطة، قام عناصر داعش بتفجير منزله، ما دفعه الى مغادرة المدينة، كما قاموا باختطاف القائممقام واحتجازه لفترة ثم اطلاق سراحه بعد تقديمه لتعهد بترك المنصب.
وقال عدنان الاسدي وكيل وزارة الداخلية في مؤتمر للعشائر ان”السلاح الذي تجمع في الفلوجة كبير وحديث وضخم يكفي لاحتلال بغداد”. وشدد على ان “الهدف ليس اسقاط الفلوجة وانما اسقاط العملية الساسية”.
وتقع الفلوجة على بعد 60 كليومترا غربي مدينة بغداد. وقام عناصر داعش التي شكلت هيئة شرعية ومحكمة خاصة في الفلوجة باختطاف اربعة من وجهاء وشيوخ المدينة الذين شاركوا في اجتماع ثالث عقد بهدف تشكيل ادارة للمدينة، بحجة عدم دعوتهم الى الاجتماع، وافرجوا عنهم بعد تعهدات، وفقا لاحد زعماء عشائر المدينة.
وبات زعماء العشائر المناهضة للحكومة العراقية، في موقف لا يحسدون عليه، حسب ما افاد احدهم لفرانس برس رافضا كشف اسمه خوفا من الاغتيال. واوضح ان “عناصر داعش لا يقبلون باي شيء نقرره، لانهم يريدون فرض نظام معين وهو الوالي والامارة والخليفة، ويريدون ان يعمل الجميع تحت امرتهم ونظامهم”. واكد في الوقت نفسه ان “اهالي الفلوجة لا يقبلون بهذا التوجه، ويريدون دولة مؤسسات وبلدية وقائمقاما وشرطة تحميهم”.
واضاف عندما “اخترنا قائممقاما قاموا باختطافه، وفجروا منزل قائد الشرطة الذي اخترناه، والان الكل يرفض تسلم اي منصب، فكلهم يقولون +انا اعمل لكن من يحميني منهم+”.
واشار الى انه “بسبب هذا الخوف والرعب فقدت العشائر السيطرة على المدينة، وبات عناصر القاعدة هم من يسيطرون على كل شي” في اشارة لداعش.
ووجه عناصر داعش عبر المساجد نداء طالبين من الناس عدم ترك الفلوجة، ودعوا الشباب الى الانخراط في صفوف تنظيمهم لقتال الجيش، كما دعوا سكان المدينة الى تقديم الملجأ والطعام للمقاتلين، حسب ما افاد شهود عيان من اهالي المدينة. كما قاموا باغلاق منافذ طرق المدينة بحواجز اسمنتية لمنع خروج الاهالي الذين يرغبون بالفرار من المدينة اثر الاشبتاكات الدائرة.
وبحسب الزعيم العشائري فانهم فرضوا “اسس حكم القاعدة باقامة الحد على كل من يخالفهم الراي والجميع بنظرهم متهمون والكل على خطأ وهم الجهة الوحيدة التي على صواب” وتابع مؤكدا “لذلك نفرت الناس منهم، ولا تريدهم وتريد دولة مدنية مؤسساتية”.
كما وزع هؤلاء منشورات تمنع اختلاط النساء بالرجال في الاسواق ومنع ارتداء بنطال من قبل الرجال ومنعوا حلاقة الذقن ورفع صور فنانين او مطربين في الطرقات، وفقا لمصادر محلية. وقال الحاج ابو اسامة (55 عاما) لفرانس برس “لا نريد رؤية اي مظاهر مسلحة في الفلوجة مجددا نحن لا نشعر بالامان معهم” في اشارة لداعش. واضاف ” نريد عودة الشرطة، لاننا نعرفهم ولا نعرف من هم هؤلاء المسلحين المقنعين الذين يجوبون الشوارع”. وتابع “نريد الامان ولا نريد الحرب والخراب بسبب اناس مجهولين ملثمين، حتى لو تطلب ذلك دخول الجيش”.
واكد الاسدي وهو ثاني ارفع مسؤول في وزارة الداخلية العراقية انهم “ارادوا للانبار او الفلوجة ان تكون نواة لدول داعش الاسلامية وضخت الاموال وجمع السلاح فيها لمدة طويلة من اجل اقامة هذه الامارة لكي تمتد ولاسقاط النظام السياسي واحتلال بغداد”. وتابع بثقة “لكنهم سيفشلون بعد ان عادت اغلب العشائر لحضن الدولة”.
الى ذلك، وصف النائب مظهر الجنابي القيادي في كتلة متحدون (اكبر كتلة سنية) بان “داعش تنظيم اجرامي وارهابي، اقليمي دولي يريد لعراقنا حربا اهلية سنية شيعية، من خلال دخولهم الى المنطقة السنية”.
وتعد الفلوجة ثاني اهم مدن محافظة الانبار ذات الغالبية السنية وتشترك بحدود تمتد لنحو 300 كيلومتر من سوريا.