وكأنه المنتصر في معركه مع شعبه دون أن يكفيه سقوط الآلاف منهم ليملي شروطه ويبقي الباب مفتوحا لترشحه للرئاسة.
فقد التقى الرئيس السوري بشار الأسد، اليوم، أعضاء الوفد الذي يمثل حكومة بلاده في مؤتمر «جنيف 2»، المقرر أن يبدأ أعماله في سويسرا يوم الأربعاء القادم، بحسب ما أفاد التلفزيون الرسمي السوري، الذي أعلن للمرة الأولى أسماء أعضائه.
وأكد الرئيس السوري بشار الأسد، خلال لقاء أعضاء الوفد الذي سيمثل حكومته في مؤتمر «جنيف 2»، أن «أي شيء يتم التوصل إليه في المؤتمر لن يكتب له النجاح ما لم يحظ بقبول الشعب السوري»، مشيراً إلى أن «أي حل سياسي يتطلب، أولاً وقبل كل شيء، وقف الإرهاب تماماً والضغط على الدول الداعمة والراعية له بالامتثال للمواثيق والقوانين والشرائع الدولية التي تجرم كل شكل من أشكال المساعدة للإرهاب والتنظيمات الإرهابية»، بحسب التلفزيون الرسمي السوري.
كذلك، شدد الأسد على ضرورة أن يقوم الوفد «بالمحافظة على سيادة سوريا كما دائماً، ورفض أي تدخل خارجي مهما كان شكله أو مضمونه وألا تنازل على الإطلاق عن الثوابت الوطنية السورية المعروفة، وأهمها المحافظة على الوطن والشعب ووضع مصلحته فوق كل اعتبار».
جدير بالذكر، أن الوفد السوري يتألف من 16 عضواً، بينهم تسعة مسؤولين رسميين، وسبعة أعضاء يشاركون بصفة مستشارين. كما يترأس الوفد الرسمي وزير الخارجية وليد المعلم، ويضم وزير الإعلام عمران الزعبي والمستشارة الإعلامية والسياسية لرئيس الجمهورية بثينة شعبان، كنائبين لرئيس الوفد، ونائب وزير الخارجية فيصل مقداد والسفير لدى الأمم المتحدة بشار الجعفري. ويضم الوفد أيضاً رئيسة مكتب الإعلام والتواصل في رئاسة الجمهورية لونا الشبل، ومستشار وزير الخارجية أحمد عرنوس ومدير مكتبه أسامة علي.
ورأى الرئيس السوري بشار الأسد أن هناك «فرصاً كبيرة» لترشحه إلى الرئاسة في الانتخابات المقررة في حزيران/يونيو المقبل، مستبعداً قبول رئيس حكومة انتقالية من معارضة الخارج «لعدم امتلاكها صفة تمثيلية»، كما أشار إلى أن «القرار الأهم الذي يمكن أن يخرج عن «جنيف2» هو مكافحة الإرهاب»، وذلك قبل يومين من افتتاح أعمال المؤتمر الهادف إلى إيجاد حل للأزمة السورية.
وقال الأسد في مقابلة صحافية أجريت معه في قصر الشعب في دمشق، إن معركة إسقاط الدولة السورية «فشلت»، لكن المعركة على الإرهاب مستمرة، وتحتاج إلى «زمن طويل»، مشيراً إلى أن «القرار الأهم الذي يمكن أن يخرج عن «جنيف2» هو مكافحة الإرهاب».
ورداً على سؤال عن احتمال ترشحه لولاية رئاسية جديدة، قال «بالنسبة إلي، لا أرى أي مانع من أن أترشح لهذا المنصب، أما بالنسبة إلى الرأي العام السوري، فإذا كانت هناك رغبة شعبية ومزاج شعبي عام ورأي عام يرغب في أن أترشح، فأنا لن أتردد ولو ثانية واحدة في أن أقوم بهذه الخطوة».
وتابع «بالمختصر، نستطيع أن نقول إن فرص الترشح هي فرص كبيرة».
أما عن وجود رئيس حكومة ووزراء من المعارضة الموجودة خارج سوريا في حكومة انتقالية، فرأى الأسد أن «هذا يعتمد على من تمثل هذه المعارضة»، متابعاً «أن نأتي برئيس وزراء من المعارضة، وهو لا يمتلك الأكثرية في البرلمان، فهذا مناقض للمنطق السياسي في كل دول العالم»، كما أشار إلى أن «الانتخابات النيابية المقبلة ستحدد الحجم الحقيقي لقوى المعارضة المختلفة».
كذلك، أضاف أن «المشاركة من حيث المبدأ، نحن معها وهي شيء جيد»، لكنه رأى أن «كل واحد من هؤلاء يمثل الدولة التي صنعته، ومشاركة هؤلاء تعني مشاركة هذه الدول في الحكومة السورية».
وتابع «لنفترض أننا وافقنا على مشاركة هؤلاء في الحكومة، فهل يجرؤون على المجيء إلى سوريا؟»، مشيراً إلى «أنهم لا يجرؤون». واستكمل الأسد حديثه عن «معارضي الخارج» قائلاً «هم يأتون إلى الحدود لمدة نصف ساعة، ومن ثم يهربون من سوريا، فكيف يمكن أن يكونوا وزراء في الحكومة؟ هل يمكن أن يكون الوزير من الخارج؟». وأضاف «لذلك، هذه الطروحات هي طروحات غير واقعية على الإطلاق، نستطيع أن نتحدث عنها بصيغة النكتة أو المزاح».
ورأى الاسد أن «الشيء البديهي الذي نتحدث عنه على نحو مستمر هو أن يخرج مؤتمر جنيف بنتائج واضحة تتعلق بمكافحة الإرهاب في سوريا، وخصوصاً الضغط على الدول التي تقوم بتصدير الإرهاب عبر إرسال الإرهابيين والمال والسلاح إلى المنظمات الإرهابية»، متهماً «السعودية وتركيا، وطبعاً الدول الغربية بالتغطية السياسية لهذه المنظمات».
وعن تقويمه للمرحلة الراهنة من الأزمة السورية، رأى أن «ما خُطط له في البدايات، وهو إسقاط الدولة السورية خلال أسابيع أو خلال أشهر، بكل تأكيد فشل وانتصر الشعب السوري»، لكنه أشار إلى وجود «مرحلة أخرى من المعركة، وهي مكافحة الإرهاب، وهذه المرحلة نعيشها اليوم يومياً، ولم تنته بعد».
وقال الاسد «نستطيع أن نقول إننا في هذه المرحلة نحقق تقدماً، نحن نسير إلى الأمام، لكن هذا لا يعني أن النصر قريب، هذا النوع من المعارك معقد وليس سهلاً»، معلقاً «نحن بحاجة إلى زمن طويل».
وحذر الرئيس السوري من أن خسارة «هذه المعركة ستؤدي إلى فوضى في الشرق الاوسط».
من ناحية أخرى، وعن خروجه من سوريا، أكد الاسد أنه لم يفكر يوماً في «الهروب»، متابعاً «إن كل السيناريوهات التي وضعها منذ بداية الأزمة منتصف آذار/مارس 2011 هي سيناريوهات حول الدفاع عن الوطن لا حول الهروب»، كما أكد أنه «ما من خيار للهروب في مثل هذه الحالات، يجب أن أكون في مقدمة المدافعين عن هذا الوطن».
وردا على سؤال عن اتهامات بارتكاب انتهاكات لحقوق الإنسان موجهة إلى الحكومة السورية من منظمات دولية، قال الأسد «أي منطق ذاك الذي يقول إن الدولة السورية تقتل شعبها؟»، مشيراً إلى أن «هذا الكلام غير منطقي».
وأضاف «هذه المنظمات ما من وثيقة واحدة لديها تثبت أن الحكومة السورية ارتكبت مجزرة ضد المدنيين في أي مكان منذ بداية الأزمة حتى اليوم»، مشيراً إلى أن «كل الفيديوهات والصور تؤكد أن من يقوم بارتكاب مجازر هم الإرهابيون الذين يقتلون المدنيين في كل الأماكن».