قيل ان اصعب دولار يمكن ان تنتزعه من امريكا نتيجة عملك المضني يدفع لفواتيرك .ولكننا اليوم في هذه الكلمة .. سوف نتطرق الى اولئك الذين يأتون الى هذا البلد سواء نتيجة حصولهم على الكرين كارت او نتيجة الزيارة .. ثم يعولون على ان يظلوا في هذا البلد تمهيدا لتصحيح اوضاعهم القانونية .. فهذا يطلق زوجته برضاها او بغير رضاها ليتزوج ممن تحمل الجنسيه بوعد منه ان يأتي بزوجته من البلاد حالما يحصل على الاقامه.. وذاك يجهد نفسه في البحث حتى اذا وجد من تتزوجه تبتزه حتى العظام حتى اذا ما قصر بدفع ما تستحقه او ما لا تستحقه فانها ببساطة تتصل بادارة الهجرة والجنسية لالغاء اوراقه .. وبذا يصبح مهددا بالترحيل. ليس ذلك فحسب .. بل ان تزوج فعلا ولعب القدر في حظه فانجب طفلا فانه يقضي عمره في دفع مستحقات الطفل وينسى الصابرة التي تنتظر في البلاد مع اطفالها .. وثالث يدفع للمزورين والمحتالين مبالغ طائلة لكي يحصل على فيزا لدخول امريكا .. وهنا يقضي بقية عمره يبحث عن الاقامة وكيف يحصل عليها.
وليس فيما كتبناه بيت القصيد .. بل اننا نندب حظ اولئك الذين صرفت عليهم بلادهم للحصول على درجة علمية .. ينخدعون بالحلم الاسطوري الامريكي ثم يأتون الى هذه البلاد ليكتشفوا ان شهاداتهم التي حصلوا عليها لا تنفع او تشفع هنا .. فالمحامي يجب عليه ان يدرس المحاماة في امريكا لكي يصبح محاميا .. والطبيب لا يمنح الترخيص الا اذا قضى ردحا من عمره وهو يدرس الطب ثانية .. حتى الحداد والنجار والحرفي الذي رأى في امريكا جنة الله على ارضه لا يستطيع العمل لان التصاميم هنا مختلفه .. وعليه ان يقضي زمنا طويلا في تعلم المهنة من جديد .. وفي المحصلة فانك تتوه في الشوارع وفي المقاهي وفي التسول احيانا لكي تعيش على ارض الاحلام. فتلعن اليوم الذي فكرت فيه بالقدوم ..
ليس ذلك فحسب .. فان اولئك الذين تعلموا اكاديميا في البلاد يأتون وهم يحملون شهادات عليا في تخصصاتهم .. ولكنهم يبحثون فلا يجدون عملا .. ولقد اضطر طبيب جاء بشهادته من البلاد قد اصبح يغسل الاطباق في المطاعم .. ومحام بارع في مهنته هناك قد غدا يعمل في محطة للمحروقات هنا .. وامرأة تحمل الماجستير في الادب العربي تعمل خادمة عند عائلة ميسورة . اما من يأتون وقد حملوا شهادة اللصوصية والاحتيال والنصب والخديعة فانهم يجدون اعمالا تناسب مؤهلاتهم فتراهم بعد فترة وقد اصبحوا من ذوي الاموال ويشار اليهم بالبنان .. ثم تنشر الصحف المحلية صفحات عن تاريخهم المشرق في الصفحات الاولى ومن ثم تتبعها الصفحات الداخلية .. ببساطة لانهم يدفعون ..
اذن .. على من نلقي لومنا .. ان ذلك اللوم يقع على من يذهبون الى البلاد في اجازاتهم .. وهناك يجتمع السمار في المقاهي ( ليمعط) الوافد كذبة كبيرة عن حالته في امريكا .. فهو يمتلك من السيارات كذا .. ومن رصيد في البنك كذا .. ومن الفتيات والغانيات كذا .. ولا ينسى ان يدفع شايه وقهوته بالدولار لكي يثبت لهم ما قال ,.. والسامع لتلك الحكايات يذهب الى بيته وقد عول ان يأتي الى امريكا حتى لو باع ارضه او بقرته او حماره او ذهب زوجته لكي يأتي الى ارض الاحلام .. وهنا .. يحدث له ما حدث للاخرين .. فيلعن الزمان وكذب ابناء الجالية الذين اوقعوه في شر اعماله واعمالهم .
لست ممن يدعون الناس الى امريكا دون دراسة الحالة هنا دراسة وافيه .. والا حدث معهم ما حدث لجحا عندما تاجر في البيض .. فوضع سلته تحت رجليه وهو نائم .. واخذ يحلم ان البيض الذي تحويه سلته سوف يفرخ فيبيع الفراخ ويشتري الدجاج .. ومن ثم تصبح الدجاجة في نظره معزه .. ومن ثم يشتري بقره .. وبعد ذلك يشتري مزرعة للابقار .. وكان في حلمه يرفص برجليه فرحا .. فجاءت رجله في سلة البعض فتكسر .. واخذ يندب حظه ..
هذا هو حال الجالية .. من يوفق منهم سوف تلاحقه الضريبة والفواتير .. ومن لم يوفق .. يعيش على الهامش كلما راى شرطيا في الطريق ظن انه يقصده فيختفي من الشوارع والازقة .. خيفة ان يعود مكبلا الى البلاد التي اتى منها .. وتصبحون على خير .
وليد رباح
رئيس تحرير صحيفة صوت العروبة – نيوجرسي