خاص (وطن) ـ ماذا لو كانت الطفلة رمى الروقي هي الأميرة (لمى آل سعود)؟!
سؤال أعيد بأكثر من صيغة في المواقع الاجتماعية التي تابعتها (وطن) منذ بداية حادثة سقوطها في البئر إلى يومنا هذا، وهو يعبر عن حالة الغضب التي انتابت المجتمع السعودي بعد عجز فريق الدفاع المدني من انقاذها.
ويتساءل اصحاب السؤال ان كانت السلطات السعودية ستترك جثة الطفلة تتحلل دون أن تقلب الأرض لاستخراجها
هذا لا بعني انه ليس هناك من يدافع عن جهود الدولة التي سخرتها لاستخراج جثة الطفلة غير ان الجميع يكاد يتفق ان فريق الدفاع المدني تنقصه الخبرة والمعدات والتدريب.
البعض يعتقد بل لديه يقين بأن الحادثة لو وقعت في دولة أوروبية لتم استخراجها خلال ساعات بل وكلف هذا البعض نفسه عناء البحث عن قصص مشابهة وقام بعرضها في المواقع الاجتماعية طارحا تساؤلا حول الامكانيات المالية الضخمة التي تتمتع بها المملكة لكنها لا تسخر في شكل سليم.
المدافعون عن جهود الدولة ممثلة بالدفاع المدني يرون ان الحادث هو قضاء وقدر وان ارادة الله حالت دون انقاذ الطفلة واستخراج جثمانها إلى الآن.
القضاء والقدر لا جدال حوله غير ان الغاضبين يرون ان حياة المواطن السعودي ليست لها قيمة لدى الدولة.
وزادت الانتقادات بسبب غياب أمير تبوك عن المشهد وعدم تكليف نفسه كي يذهب حتى اليوم إلى مكان البئر للاطلاع على الأمر بنفسه ولأول مرة توجه الصحافة السعودية نقدها المباشر لأحد أمراء آل سعود وهو الذي جعل الأمير بعد عشرين يوما من سقوط لمى يصدر قرارا بتوجيه مستشفى ميداني إلى مكان البئر.
وحتى هذا القرار لم يرض الغاضبين بل زاد من غضبهم وأعادوا السؤال من جديد ماذا لو كانت الطفلة من آل سعود؟
الانتقادات لم تقتصر على العائلة الحاكمة بل طال الإعلام السعودي جانبا منها وخصوصا القنوات التلفزيونية. فقناة العربية مثلا التي تهرول لعرض تقرير عن قطة محشورة في مكان ما في اقاصي الأرض والجهود المبذولة لانقاذ القطة لم تكلف نفسها عناء الاهتمام بعرض التقارير عن الطفلة لمى.
بعكس دولة مثل رومانيا مثلا والتي عرض الناشطون تقريرا مصورا في يوتيوب يبين كيف استنفرت الدولة الرومانية بأكملها لانقاذ طفلة سقطت في بئر وكيف كان الاعلام ينقل الحدث على الهواء مباشرة حتى انقذتها فتاة رومانية تم انزالها في البئر وسط ترقب الشعب لهذه الحادثة.
وانتشرت على مواقع التواصل الاجتماعي صورة لاقرار يطلب الدفاع المدني من أي متطوع ان يوقعه وفيه ان لا تعويض ولا دية له ان فقد حياته داخل البئر. ولم تتأكد (وطن) من حقيقة هذا الاقرار، غير ان عائلة لمى توقع الكثير من اللوم على الدفاع المدني وعلى جهات نافذة مثل شركة أرامكو.
ويتحدث أقارب لمى عن ان الدفاع المدني في أيامه الأولى حيث كان بالامكان انقاذ لمى لم يجلب الحفارات والمعدات اللازمة وحين جلبها كانت معدات بسيطة لا تحفر في الصخور ويدلل على كلامه بأن الدفاع المدني استعان مؤخرا بمعدات من أرامكو والتي كانت قد رفضت التدخل حسب عم لمى مجانا وطلبت مبلغا من المال.
ويروي متطوعون وعاملون كانوا في مكان الحادث وشاركوا بمحاولة استخراج جثة لمى بأن الطفلة ظلت حية لمدة اربعة أيام كما كشفت الكاميرا الحرارية التي تم الاستعانة بها وفي اليوم الخامس كانت جثة هامدة.
ولا شك ان الدفاع المدني كان يتخبط اعلاميا، ففي صبيحة كل يوم كان يعلن بأنه على بعد خطوات من استخراج الجثة وبعد نحو اسبوعين صرح بأنه عثر على دمية لمى وباليوم التالي قال انه انتشل اجزاء من جسدها الغض.
عائلة لمى قالت انها لم تستلم ولم تر الدمية والخطوات القليلة التي قال الدفاع المدني انها تفصله عن جثة لمى اتضح انها عبارة عن أميال طويلة وكي يخفف من حجم الضغوط المرماة على عاتقه صرح مؤخرا بأنه بحاجة على الأقل لأربعين يوما لاستخراج الجثة وهو ما زاد من غضب الناس متساءلين وهل سيبقى من الجثة شيئا بعد كل هذه الفترة؟
وهكذا اختفت أخبار لمى ولم يختف غضب السعوديين عبر مواقع التواصل الاجتماعي.
وما زاد من احتقان هذا الغضب تلك الأقاويل الغريبة التي اصبحت تنتشر عبر الإنترنت فمنهم من يؤكد ان الطفلة لم تسقط في البئر ومن علماء المسلمين خرج شيخ يفسر رؤيا بأن لمى قد تكون في مزرعة مجاورة.
وشيخ آخر افتى بجواز دفن لمى في البئر والصلاة عليها وهذا زاد من غضب وألم والد لمى الذي قال انه لن يتنازل عن استخراج جثمانها لو استغرق الأمر سنة كاملة.
ومن دبي خرج ضاحي خلفان ليؤكد ان بلده ساعدت دولة خليجية مجاورة لاستخراج طفل في حادث مشابه ومن الكويت ظهرت سلوى المطيري المثيرة للجدل والمشكوك في صحة قواها العقلية لتدلي بدلوها هي الاخرى عن هذه الحادثة.
اذن كثرت الآراء والأقاويل وجثة لمى ما زالت في البئر ووالداها يتجرعان الحزن والألم وبقي الوضع على ما هو عليه وحتى حفارات أرامكو الحديثة لم تحل المشكلة حتى الآن والناس ما زالوا على عضبهم وكأن هذه الحادثة جاءت لتفتح جروحا داخلهم حول قيمة الانسان لدى الدولة السعودية والتفرقة بين أمير وشيخ ومسؤول وبين مواطن عادي فقير.
وقد تستغرب ان كل حديث بالسعودية يقترن بحادثة لمى. فمثلا حين يتساءل الناس عن 3 مليارات دولار قدمتها المملكة إلى لبنان يتم جلب سيرة لمى التي عجزت الدولة عن انقاذها او حتى انتشال جثتها.
وحتى استخراج جثمان لمى ستبقى (وطن) متابعة لحكايتها كما تميزت بعرض حكايتها منذ البداية.