يتحرك مركز كتلة الصراع الطائفي في الأيام الأخيرة من سوريا نحو العراق حيث يستعدّ العراقيون لمواجهة حاسمة بين ثلاث قوى هي حكومة المالكي المدعومة من إيران، والقوى الوطنية ومن ضمنها ضباط الجيش العراقي السابق كطرف ثان، والطرف الثالث هو القوى الإسلامية المتطرفة الصغيرة التي تراهن عليها إيران لكي تثير مخاوف واشنطن.
وقال مراقبون إن إيران تعمل على الاستفادة من المخاوف الأميركية تجاه بروز المجموعات الإسلامية المتشددة في سوريا والعراق، وإنها تعمل على استدراج الأميركيين للتحالف معها لضرب “داعش” في سوريا والعراق، كما سبق أن تحالفا معا للإطاحة بصدام حسين.
وكشف المراقبون أن طهران تريد أن تورط الأميركيين في الرهان عليها للقضاء على المتشددين ومن ثمة الاعتراف بدورها كشرطي في المنطقة خاصة بعد أن سلمتها واشنطن العراق على طبق من ذهب، كما قال وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل ذات مرة.
وكان نائب رئيس الأركان الإيراني الجنرال محمد حجازي أعلن الأحد أن بلاده مستعدّة لمساعدة العراق عسكريا في قتاله ضدّ مسلحي تنظيم القاعدة، وهي خطوة اعتبر المراقبون أن الهدف منها البحث عن مظلة للتدخل العسكري المباشر من طهران مثلما يجري الآن في سوريا.
بالتوازي، قال معارضون إن المالكي يحاول تحشيد العراقيين حوله في مواجهة “عدوّ وهمي” اسمه “داعش” بعد الخسارات المستمرة لجيشه في الرمادي والفلوجة والكرمة والخالدية وأبي غريب.
وكشف المعارضون أن الجيش المبني على أسس طائفية فقد سيطرته على غالبية المقرات العسكرية، وأن الثوار تمكنوا من الاستيلاء على العتاد والأسلحة الخفيفة والمتوسطة مثل الهاونات والقاذفات والآليات من مدرعات ودبابات، كما أسقطوا العديد من الطائرات التي تقصف المدن الآهلة بالسكان.
وشدّد هؤلاء المعارضون على أن تخويف المالكي من “داعش” هو حملة إعلامية لتحريض سكان المحافظات الجنوبية على القتال ضدّ أهل الأنبار الذين يسميهم الطائفيون المحيطون بالمالكي أحفاد يزيد.
وتحدثت مصادر عن تخوف حكومة المالكي من تحرك العشائر العراقية للهجوم على المنطقة الخضراء وأن هناك معلومات عن تسليح دفاعي لمناطق سنية في بغداد خوفا من ردّة فعل عصابات شيعية متطرفة.
وبخصوص الفلوجة، أكد مصدر تحدث لـصحيفة ”العرب” من داخل المدينة أن الوضع هادئ ومشوب بالحذر وأن فوجا من الجيش مطعم بمجاميع من حركات طائفية كعصائب الحق وفيلق القدس قد توجه إلى المدينة، لكن أوامر صدرت له بالانسحاب خوفا من مواجهة غير محسوبة في ظل الاحتقان الشعبي.
وذكر المصدر أن شيوخ عشائر الفلوجة نفوا وجود “داعش” داخل مدينتهم وتحدّوا الحكومة والموالين لها إثبات ذلك، وطالبوا بإرسال وفد للتدقيق في هذا الادعاء.
لكن حكومة المالكي رفضت مقترح العشائر، وأصرّت على أن تنتشر قواتها داخل المدينة فيما عدّه شيوخ العشائر محاولة إعلامية لتحقيق انتصار مزعوم.
وحمّل تشارلز ليستر الباحث في مركز بروكينغز الدوحة، رئيس الوزراء العراقي مسؤولية تدهور الأوضاع، مؤكدا أن عملية إزالة الاعتصام السني المناهض للحكومة في الأنبار الاثنين الماضي والذي كان يطالب باستقالة المالكي المتهم باتباع سياسة تهميش بحق السنة، دفعت العشائر السنية للدخول في نزاع مع القوات الأمنية.