في تقرير نشرته صحيفة “نيويورك تايمز”، اليوم، على موقعها الإلكتروني من إعداد مراسها في مصر، كشف أن قادة الإخوان المسلمين، الجماعة المحظورة حاليا، تعودوا على الحياة تحت الأرض، حتى مع اعتقال المئات من زملائهم منذ انقلاب قادة الجيش على الرئيس المنتخب محمد مرسي.
فإلى جانب تكثيف حملات القمع والتفكيك ضد الجماعة، يقول بعض أعضائها تحدث إليهم مراسل الصحيفة، فإن الإخوان عادوا مرة أخرى إلى الهيكل التنظيمي السري الذي حافظ على استمرار الجماعة لعقود كحركة محظورة وسرية.
واتجه الإخوان اليوم أكثر إلى “اللا مركزية”، ولكن أصبحت الجماعة أكثر تماسكا وصرامة، بتعبير المراسل، وتخلى أعضاؤها عن الأنشطة الدعوية مثل الوعظ والعمل الاجتماعي وتركز جهدها على تحقيق هدف واحد تقريبا: مقاومة الحكومة المدعومة من الجيش، وفقا للكاتب.
ومن ثم انصب تفكيرهم وجهدهم، كما يقول كثير من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين، على الصراع الطاحن الممتد.
“هناك رؤية لمواجهة سياسية يمكن أن تستمر لسنوات”، كما صرح أحد قادة الإخوان لكاتب التقرير، وهو مهندس يبلغ من العمر 33 عاما في الفيوم، وهي معقل للإسلاميين.
“هذه مرحلة ثبات”، كما قال، وأضاف: “نحاول الصمود فيها بكل ما نملك من جهد”.
وهذا الصمود الإخواني الهائل يثير مزيدا من الشكوك، كما يقول المراسل، حول محاولات الحكومة لمحو هذه الحركة التي قاومت مثل هذه الحملات منذ تأسيسها قبل أكثر من 80 عاما، ويلقى الدعم من مئات الآلاف من الأعضاء والملايين من الفروع التابعة لها والمتعاطفين معها في جميع أنحاء البلاد.
ورغم أن قيادات الجماعة تشدَد على الالتزام بالاحتجاجات السلمية لمقاومة الانقلاب، فإن بعض الأعضاء يقول إن الكثير من المتعاطفين معهم (من خارج الجماعة) كانوا يتحدثون بشكل متزايد عن الاستعداد لحمل السلاح لحماية الجماعة.
أما في أماكن مثل المنصورة، شمال القاهرة، حيث تأثير الإخوان أقل، كان هناك حديث عن البقاء أكثر من المواجهة، بدءا من صعوبة جذب أعضاء جدد: “من يريد التعرض لهذا القمع؟”، تساءل طبيب الذي يعيش خارج مدينة المنصورة، ولا يرغب في الكشف عن هويته خوفا من الانتقام.
ووصف بعض أعضاء النزاع على أنها لعبة محصلتها صفر بين الجيش وجماعة الإخوان، كما أورد التقرير. ومما يؤكد مخاطر ذلك الصراع، يقول المراسل، فإنه قُتل 13 متظاهرا على الأقل يوم الجمعة خلال مسيرات الإخوان في جميع أنحاء البلاد.
“ظهورنا مكشوفة”، كما قال الطبيب، وأضاف: “الجيش ترك لنا طريقا واحدا فقط”. وفي مدن مثل المنصورة، يفيد الطبيب، واصل أعضاء الجماعة حضور الحلقات الأسبوعية الصغيرة والتي تُعرف بـ”الأسرة”، وتعتبر اللبنة الأساسية الأكثر أهمية في صرح الجماعة، وأساس تماسك أفرادها وأيديولوجيتها.
ويقول أعضاء في جماعة الإخوان إن ملصقات الرئيس مرسي لا تزال معلقة على الجدران في العديد من الأحياء بالفيوم، وهذا دليل على عدم جدوى حملة الحكومة القمعية.
في الوقت الراهن، كما ينقل الكاتب عن أعضاء في جماعة الإخوان بالفيوم، يركزون على تجديد صفوفهم، والوصول إلى متعطفين جدد ويحاولون استمالة الأعضاء من كبار السن للنشاط أكثر.
وتحدث أربعة أعضاء، بينهم قائد بارز، بالتفصيل عن إستراتيجية الحركة، في مقابلة مع مراسل الصحيفة، لكن شريطة عدم الكشف عن هويتهم، لأنهم كانوا يخشون إثارة انتباه السلطات.
وقد كشفوا أن الجهود الرامية للحفاظ على استمرار الحركة وبقائها على قيد الحياة بدأت بعد الإطاحة بالرئيس مرسي في يوليو الماضي، عندما عين القادة نوابا لهم، والذين عينوا أيضا، من جانبهم، نوابا لهم، لضمان استمرارية القيادة مع اشتداد الحملة القمعية على الاحتجاجات.
وبالتزامن مع تظاهر الآلاف من الإسلاميين من جميع أنحاء البلاد في القاهرة (إثر الانقلاب) لعودة مرسي، يقول الكاتب، عُقدت اجتماعات في الساحات التي احتضنت الاحتجاجات، بالقرب من مسجد رابعة العدوية وميدان النهضة قرب جامعة القاهرة .
وقال أحد أعضاء، وهو طبيب بيطري عمره 26 عاما، عندما اقتحمت السلطات الساحات في 14 أغسطس الماضي، مما أسفر عن مقتل مئات المتظاهرين، واجه الإخوان أكبر أزمة تنظيمية. “لقد استغرق الأمر حوالي 15 يوما لامتصاص الصدمات والعودة إلى قواعدنا”، وأضاف مستدركا: “أما الآن فنحن نتوسع”.
ومع ذلك، يقول كاتب التقرير، فقد أجبر الضغط المتزايد على الإخوان على إجراء بعض التعديلات. فالاجتماعات الآن تُعقد في البيوت، ويتوقع الأعضاء القبض عليهم عند اقترابهم من نقاط التفتيش الأمنية ومشاركتهم في الاحتجاجات.