وطن ـ الجديد ان لا شيء جديد في حادثة الطفلة لمى الروقي التي هزت المملكة السعودية ثم تجاوزتها إلى أمكنة واسعة في العالم. ويتابع المهتمون تفاصيل الحدث ويتساءلون: ان كانت اعصابنا قد تلفت فما بالك بوالدي الطفلة لمى.
ولم تتوقف الانتقادات الموجهة للدفاع المدني والحكومة وفتحت هذه الحادثة الأبواب للتحدث عن الفساد والمحسوبية وسوء البنية التحتية وعدم الاهتمام بحياة وسلامة المواطن.
ومن أرض الحدث حيث تتكوم جثة لمى في قاع البئر المهجور أعلنت المديرية العامة للدفاع المدني أن الأعمال المنجزة يوم امس (الجمعة) في مكان سقوط الطفلة لمى، تتمثل في شفط التراب من الحفرة، وإزالة الحجارة الموجود.
وأضافت المديرية بأنها قامت كذلك بتمهيد الجزء العلوي من الحفرة للبدء في عمق جديد بجوار البئر للوصول إلى منطقة الصخرة، مشيرة إلى حضور مستشار من أرامكو للموقع.
وأوضحت أن عمق الممر بين البئرين تجاوز 180 سم، بقطر 30 سم، ولا يمكن أن يكون أقل من ذلك؛ لأن قرب المسافة قد يؤدي إلى انهيارات وتساقط للصخور والأتربة بسبب عملية الحفر.
هل تدفن لمى في البئر؟
ووسط مخاوف من ذوي الطفلة لمى الروقي أن يتم دفنها في البئر التي سقطت فيه قبل نحو أسبوعين إذا ما لم يتمكن الدفاع المدني في السعودية من استخراج جثمانها، تدوال نشطاء على موقع يوتيوب فيديو لوالد الطفلة لمى يناشد فيها العاهل السعودي “حل مشكلة ” العائلة واستخراج جثمان ابنتهم، فيما نقلت وسائل إعلام سعودية عن عم لمى رفضهم لأن تدفن الطفلة في البئر، مؤكدا على مسئولية الدفاع المدني في استخراج جثمان الطفلة، الذي أضحت قصتها مثار اهتماما عالميا.
وفي شأن إمكان دفن جثة الطفلة داخل البئر في حال عدم التمكن من استخراجها، قال اللواء مستور بن عائض الحارثي مدير الدفاع المدني بمنطقة تبوك في مؤتمر صحفي إلى أن هذا يرجع إلى والد الطفلة، أما رجال الانقاذ في الموقع فسيواصلون العمل حتى إخراجها.
وأكد الحارثي أن رجال الدفاع المدني شاهدوا جثة الطفلة الثلاثاء الماضي أثناء عمليات البحث عنها في البئر، وعُثر على دميتها، لكن كثافة التراب حالت دون انتشالها.
وتكمل الطفلة لمى الروقي اليوم (السبت) يومها الـ15 في بئر وادي الأسمر على طريق تبوك – حقل في أجواء شديدة البرودة مع احتمال هطول الأمطار، كما بذلت طوال الأسبوعين الماضيين محاولات عدة لانتشال جثتها لكن المحاولات فشلت.
صاحب البئر المهجور يتبرىء منه
وأكد أحد أبناء صاحب بئر وادي الأسمر، الذي سقطت فيه الطفلة لمى الروقي، أن والده أخلى مسؤوليته عن البئر منذ عام 1426هـ بشكل رسمي في إمارة محافظة حقل، بعد أن تم منعه من استكمال العمل رغم أمر السماح له بذلك.
وقال: “والدي تقدم بمعاملة رسمية لإمارة حقل أبدى فيها رغبته بحفر بئر إرتوازي خيري بمنطقة “الأسمر”- 30 كلم عن محافظة حقل- لوجه الله بهدف سقيا البادية بالمنطقة والمارين، وبعد أن استكملت المعاملة إجراءاتها الرسمية صدرت الموافقة في عام 1425هـ من مياه تبوك على حفر بئر إرتوازي حسب المواصفات الفنية للوزارة”.
وبحسب الخطاب فإن مديرية المياه بتبوك طلبت أيضاً من الإمارة بعد الانتهاء من حفر البئر تسلميه لها؛ ليتم حفظه لديهم ضمن آبار السبيل.
وتابع ابن صاحب البئر: “بعد صدور الموافقة واستكمال كافة الإجراءات، بدأنا في عمليات حفر البئر في عام 1426هـ، إلا أنه وبعد مرور شهرين من الحفر وصلنا فيه إلى عمق 114 متراً تقريباً، تم إيقاف العمال المتواجدين هناك؛ بحجة أن الأرض مملوكة لإحدى الجهات الحكومية، الأمر الذي دفع والدي للتوجه لإمارة المحافظة للسؤال عن سبب ذلك، ولماذا يتم السماح له بالحفر في أرض حكومية مع العلم أن أي شخص يتقدم بطلب حفر بئر تتطلب مرور معاملته على كافة الجهات المختصة لسؤالها إن كان لديها اعتراض على الموقع من عدمه؟!”.
وأكمل: “بعد الإيقاف المفاجئ توجه والدي لإمارة محافظة حقل وسلَّم البئر لهم بصفة رسمية، وتم إخلاء مسؤوليته بعد أن وضعنا على فوهة البئر (كيسية) وهي عبارة عن ماسورة 14 بوصة، ووضعنا عليه حديداً وتم تلحيمه بشكل دائري خشية سقوط أحد فيه، كما وضعنا تراباً حول الماسورة الظاهرة على سطح الأرض بطول متر تقريباً، ومنذ كل ذلك التاريخ وما قمنا به من إجراءات تم إخلاء مسؤوليتنا من البئر”.
يشار إلى أن مدير عام المياه بتبوك نفى في تصريح قبل عدة أيام علم إدارته عن هذا البئر، وقال: “لم نصرح بحفر بئر في ذلك الموقع، والتصريح لحفر بئر يتطلب أن تكون في أرض يملكها صاحب الطلب بصك شرعي أو بحجة استحكام”.
حملة شعبية للإبلاغ عن الآبار المهجورة
وأطلق مغردون في “تويتر” هاشتاق يطالبون من خلاله الإبلاغ عن الآبار المهجورة،بهدف عدم تكرار حادثة لمى، التي مازالت محاولات الدفاع المدني جارية لانتشال جثتها من إحدى آبار تبوك الارتوازية.
وتفاعل مغردون مع هذا الـ “هاشتاق”، ونشروا من خلاله مجموعة من الصور لعدد من الآبار والحفر العميقة التي قد تتسبب في كارثة أخرى شبيهة لحادثة لمى، إذ أرفق المغرد أحمد يوسف صورة لبئر قديمة مغطاة بشبك حديد متهالك، وعلق: “هذه البئر القديمة المغطاة بشبك حديد متآكل يهدد مرتادي الهبكة”.
ورصد المغرد فهد السند آبار بلا حواجز في العمق التابع لمحافظة المدينة المنورة وتحديداً في الجهة المقابلة لبرج الاتصالات، فيما روت المغردة “نادرة الوجود” ذكرياتها مع الآبار الارتوازية قائلة: “كنت على وشك السقوط في بئر وأنا طفلة في أحد أماكن التنزه، رعب الحادثة تجدد معي مع حادثة لمى الروقي”.
كاتب سعودي: حادثة الطفلة “لمى الروقي” يكشف حجم الأزمة الإنسانية التي يعانيها إعلامنا المرئي
وقال الكاتب الصحفي عبدالمجيد الزهراني أن سقوط الطفلة “لمى الروقي” في بئر ارتوازية بمنطقة تبوك حادثة رأي عام، وأن التعاطي “البارد جداً” مع الحادث من قِبل إعلامنا المحلي، خاصة المرئي، يكشف حجم الأزمة الإنسانية والأخلاقية التي يعانيها بعض إعلامنا المرئي، مشيراً إلى حادث مشابه في رومانيا.
وفي مقاله “لمى الروقي.. حادثة رأي عام” بصحيفة “الوطن” يقول الزهراني: “سقوط الطفلة ذات السنوات الخمس في بئر ارتوازية بمنطقة تبوك ليس مجرد حادثة عادية، مثله مثل أي حادثة أخرى. وأتحدث هنا من الزاوية الإعلامية، وعلى وجه أدق: من زاوية الضمير الإعلامي الحي”.
ويضيف الزهراني “أعرف تماماً أن الطفلة تحت رحمة خالقها، وأعرف أيضاً أن الجهود المضنية والمتواصلة لجهاز الدفاع المدني لا تقف ولا تكل، وكذلك أعرف أن الحادثة قد تكون خاصة بالأسرة المفجوعة في طفلتها، ولكن بما أن الحادثة انتشرت، واتسعت دائرتها، وبخاصة في مواقع التواصل الاجتماعي، فالحادثة تحوّلت من شأن خاص إلى قضية رأي عام؛ وهذا ما يجعلنا نتساءل سؤالاً بسيطاً: أين إعلامنا المحلي، وبخاصة المرئي، من قضية وحادثة لمى، بكل قنواته الرسمية والخاصة؟”.ثم يشير الكاتب إلى حادث مشابه وقع في رومانيا، ويقول: “على اليوتيوب حادثة شبيهة جداً بحادثة لمى، إن لم تكن صورة طبق الأصل منها، هي حادثة لسقوط طفلة رومانية في بئر، ويقول التقرير إن كل من في رومانيا، إعلاماً ومواطنين عاديين، كانوا يحبسون أنفاسهم، دقيقة تلو الأخرى، أثناء عملية الإنقاذ، في تغطية إعلامية متيقظة، ومباشرة ومتواصلة، حتى لحظة استخراج الطفلة. برنامج أو برنامجان في إعلامنا المحلي تناولا حادثة لمى الروقي على استحياء، وكأن الحدث حدث هامشي، لا يستحق أن يشغل بال إعلامنا المحلي، والرسمي بالذات؛ لأنهم طبعاً مشغولون بما هو أهم من قضية طفلة مخنوقة في بئر عمقها ١٦٠ متراً، لا يعلم إن كانت حية أو ميتة إلا خالقها”.
ويعلق الزهراني قائلاً: “هذا التعاطي البارد جداً مع حادثة رأي عام، كحادثة الطفلة لمى الروقي، يجعلنا ندرك حجم الأزمة الإنسانية والأخلاقية التي يعانيها إعلامنا المرئي، ونقول بعضه كي لا نُعمم”.
وينهي الكاتب قائلاً: “شكر كبير لقنوات الإعلام الحديث (تويتر وفيس بوك ويوتيوب) والصحف والمواقع الإلكترونية، التي لم تهدأ دقيقة واحدة منذ سقوط لمى في بئر الاحتمالات”.