لا أعرف جنسية الخواجة ‘بيتر’، ولا أعرف ما إذا كان من العرب أم العجم، وإذا كان من العرب فلا أعرف ما إذا كان من العرب العاربة، أم المستعربة؟ لكن ما أعرفه أن ‘بيتر’ كان هو كلمة ‘سر الليل’، فما أن عرفت قوات الأمن باسمه، ضمن طاقم العمل في قناة ‘الجزيرة الانكليزية’، من القاهرة، حتى أيقنت هذه القوات أنها وقعت على صيد ثمين، فيكفي أن يعلم العالم كله، أن الخلية فيها شخص باسم ‘بيتر’ حتى يقف على حجم المخاطر التي تتعرض لها البلاد، على يد التنظيم الدولي لجماعة الإخوان!
لأسباب تتعلق بأن ثقافتي اسبانية، فأنا لا أشاهد قناة ‘الجزيرة’ سالفة الذكر، وها أن أتحاشى ذكر اسمها، لعدم اتفاق عامة العرب على نطقها، فبينما نسميها في مصر ‘الانجليزية’، فان من بين بني العرب من ينطقها ‘الانقليزية’، وسواء كانت جيم أم قاف، فليس هذا الموضوع، فلأن الأمر متعلق بأن ثقافتي كما ذكرت، فلا أشاهد المذكورة، لاقف على جنسية ‘بيتر’، لكن من المعلوم عنه بالضرورة انه ليس مصرياً، ومع هذا فلم يتورع إعلام الثورة المضادة، عن ان يهتف مردداً بيانات الأجهزة الأمنية بأن الخلية الاخوانية التي تم القبض عليها في أحد فنادق القاهرة، كانت بزعامة ‘بيتر’، على نحو ذكرنا بزمن خالد الذكر، عندما تم القاء القبض على زميلتي الراحل نبيلة الأسيوطي، بتهمة الانتماء للإخوان، والى أن اثبت أهلها أنها مسيحية كادت تصدق جلاديها وتعتقد أنها المرشد العام للجماعة!
لا بأس، فالبأس الشديد أن ‘الجزيرة الانجليزية’ تبعد عن الشر وتغني له، وهي تعتبر نفسها ليست معنية بقرارات المطاردة لقنوات ‘الجزيرة’ الأخرى، ما ظهر منها وما بطن، والتي كانت تعنيها درية شرف الدين، وزيرة الإعلام، في قرار التنصيب، بقولها ان من يظهر على قناة ‘الجزيرة’ ليس مرحباً به في مصر، وباعتبار أن مصر هي من أملاك العائلة، أو أنها ‘ دوار العمدة’ شرف الدين!
وبمناسبة هذه السيرة العطرة، سيرة درية شرف الدين، فقد تحقق تهديدها في الأسبوع الماضي، عندما قامت قوات الأمن باقتحام منزل زميلنا طه خليفة، الصحافي المصري بجريدة ‘الراية’ القطرية، فجراً فروعوا زوجته وأبناءه الصغار، كما روعوا والدته المسنة وأخته المريضة، وكانوا يسألون في لهفة عن ‘طه’ بشكل ظنت أسرته معه أن سؤالهم عن أيمن الظواهري.
وقد كان طه في اجازة قصيرة للقاهرة، وعاد قبل أيام للدوحة، ولو كان هناك لاتهموه بأنه صاحب تفجيرات مديرية أمن الدقهلية، وأنه المسؤول عن هزيمة المسلمين في الأندلس.. تذكرون أن مقدم برنامج مصري أقسم باللات والعزى بأن الإخوان من تسببوا في سقوط الأندلس.
طه، مشكلته أنه ظهر على الجزيرة، فلم يهاجم الانقلاب، ولم يتطاول على السيسي، ولم يتمضمض باللبن/الحليب ممثلا في ‘الرجل البركة’ عدلي منصور، فقد كان يشارك بالتعليق من الناحية المهنية على صحافة القاهرة الصادرة في صباح اليوم عبر برنامج ‘سكرتير التحرير’.. وقد هددت درية شرف الدين بأن أمثاله ليس مرحباً بهم في مصر، حتى وان كانوا مسالمين كطه خليفة.
المرشد العام
لقد جرى اعتقال طاقم ‘الجزيرة الانكليزية’، واستكمالاً للحبكة الدرامية، فقد قيل انهم ينتمون لخلية إخوانية، تدير العمل من فندق الماريوت، وعزف إعلام الثورة المضادة ‘النشيد الوطني’، واللحن الجنائزي’ لهذا الخرق للأمن القومي المصري، وكانت ليلة ليلاء، في برامج ‘التوك شو’ وكأنها وقعت على غنيمة حرب، ولما لا؟ والقصة هنا فيها ‘الجزيرة’، وفيها ‘الخلية’، وفيها ‘بيتر’، وهذا هو أهم ما في الموضوع!
مؤخراً بعض وسائل الإعلام تحدثت إلى حد الملل، عن أن الدكتور محمد بديع ليس هو المرشد العام الحقيقي لجماعة الإخوان، وان هناك مرشداً غيره وصف بأنه سري، والآن وقفنا عليه انه ‘الخواجة بيتر’.
هيئة الاستعلامات المصرية، المسؤولة عن الإعلام الخارجي، وهي الجهة المنوط بها منح التصاريح بالعمل في القاهرة، لأمثال ‘بيتر’ قالت إن طاقم ‘ الانكليزية’ لم يحصل على تصاريح بالعمل، فالتصاريح الممنوحة لقنوات ‘الجزيرة’ لم تشمل ‘الجزيرة الانكليزية’، وبالتالي لا تسري على ‘بيتر’ وجماعته، ولعل سؤالاً يطرح نفسه الآن، ولماذا طاردتم من كانوا حاملين لهذه التصاريح فعلاً، ومن بينها مكتب ‘الجزيرة’، الذي أغلق الآن، وهاجر العاملون فيه بعد أن وجدوا أن تصاريحهم الرسمية لا قيمة لها؟ ومبلغ علمي أن المعتقلين عبد الله الشامي ومحمد بدر من حملة هذه التصاريح على العكس من قائد التنظيم الخاص للإخوان المسلمين فضيلة الأستاذ ‘بير’.
مبروك على سلطة الانقلاب أنها تمكنت بحول الله من القبض على الاخواني ‘بيتر’، غداً – ان أحيانا وأحياكم المولى عز وجل – تقوم بإلقاء القبض على أبونا يوحنا قلته بتهمة عضويته في جماعة الإخوان.
تغريم التلفزيون
اختفي عصام الأمير، رئيس اتحاد الإذاعة والتلفزيون، فلا حس ولا خبر، وهو الذي انتقل بالتلفزيون المصري، ليكون قاطع هواء، على وزن قاطع طريق، فقد ظن الفتى ‘أبو زعرورة’ أن الدنيا لا ضابط فيها ولا حاكم، الى أن جاءه اليقين ممثلاً في قرار ‘الفيفا’ بتوقيع عقوبة مالية قدرها 2 مليون دولار على التلفزيون المصري، لأنه بث مباراة مصر وغانا، متجاوزاً قوانين حقوق الملكية!
تذكرون يوم أن اتصل سيادته هاتفياً بأحد البرامج، على تلفزيونه، ليعلن في تهور من لا يدرك عواقب الأمور، أنه من اتخذ قرار البث، لأن هذا حق المصريين، مع أن الشحرورة سبق لها أن غنت ‘الغاوي ينقط بطاقيته’، وكان في الاستوديو أشخاص، تقربوا إليه بالنوافل، وأشادوا بقراره التاريخي، وأحدهم قال ان مصر تحتاج في كل موقع الى رجل شجاع كعصام الأمير، وعاش عصام اللحظة، وانتفضت ‘زعرورته’ سعيدة، ولأول مرة يا قراء أشاهد مسؤولا مصريا ‘بزعرورة’، و’الزعرورة’، هي تجمع لشعر الرأس من الخلف، وهي موضة ‘الشباب الروش’ هذه الأيام، ربما لأن عصام الأمير الذي تجاوز الخمسين من عمره المديد، أراد أن يثبت والحديث عن الشباب، أنه من شباب الثورة!
يقولون ان الفريق عبد الفتاح السيسي، هو صاحب قرار البث، وان ما فعله الأمير هو تماماً ما فعله ثروت مكي رئيس قطاع الأخبار سابقاً، عندما قال إنه من أوقف برنامج ‘رئيس التحرير’ لحمدي قنديل، والجنين في بطن أمه كان يعلم ان صاحب القرار هو صفوت الشريف.
اللافت أنه بعد القرار بالتغريم الذي أصدره ‘الفيفا’، فان السهام تم صوبيها على صدر درية شرف الدين، وقدم بلاغ ضدها للنائب العام، لتدفع هذه الغرامة من مالها الخاص، وليس من مال الشعب، وفي هذه الأثناء اختفى ‘عصام سبع الليل’ وابتلع لسانه والتزم الصمت!
أرى ضرورة حصار درية وعصام، فربما بحصارهما وضرورة أن يدفعا المبلغ المقرر كغرامة، أن يتعرفا على المتهم الحقيقي، ليقف الشعب المصري على خيبتنا الثقيلة!
الجنرال الغائب
بداية غير موفقة، لانتقال عمرو عبد الحميد الى ‘الحياة’، تمثلت في القرار أن يتم لفت الانتباه، بحديث مع السيسي في أول حلقة بعد غد الأحد!
عمرو جاب العالم الفضائي من أقصاه إلى أقصاه، ومن ‘الجزيرة’ إلى ‘بي بي سي’، الى ‘سكاي نيوز′، ومن موسكو الى الدوحة إلى القاهرة إلى دبي ثم عودة مرة أخرى إلى القاهرة، ولا تثريب عليه، لكنه الآن في امتحان حقيقي، لأنه مسؤول عن برنامج من بابه، لم يكن فاشلاً، وفي مدرسة إعلامية، لا دور للمذيع فيها إلا دور البغبغاء، فمن أول ‘مشاهدينا الكرام’ الى ‘فُتكم بعافية’، هو دور الإعداد، والمذيع هو مجرد مؤد.
وربما في ظل هذا التحدي كانت هذه ‘ الفرقعة’، التي انتشرت على نطاق واسع، وفي اللحظة التي نشرها موقع ‘الأهرام’ نفى موقع ‘اليوم السابع′ هذا بشكل حاسم، وقال ان الفريق لن يتحدث لأي محطة تلفزيونية خاصة أو عامة طيلة شهر يناير.
ربما لم يكن الأمر ‘فرقعة’ وكانت هناك موافقة مبدئية على المقابلة، لكن جرى العدول هنا، وهنا كان على القناة أن توضح الأمر حفاظاً على مصداقيتها، وان لم تهتم بها، فحفاظاً على مصداقية المذيع الملتحق بالعمل بها حديثاً.
للمتابعين، فقد تحول السيسي الى ما يشبه ‘الجنرال الغائب’، الذي ينتظر الجميع عودته، وإذا كان الشيعة لديهم الإمام محمد العسكري الغائب الذي ينتظرونه، فان الانقلابيين ينتظرون عسكرهم الغائب أيضاً، وكلما تم بث مقابلة له يثير ظهوره نفس السؤال: أين السيسي!
لست مع القائلين بوفاته، لكني من القائلين انه خارج المعادلة السياسية الجديدة، وظهوره الحقيقي سينفي ذلك.
أرض جو
في بلد يعمل فيه ‘الألدغ مذيعاً’، وسيد البدوي رئيساً لحزب الوفد، لا يصبح عجباً أن تصبح حرم أحمد عز، رجل جمال مبارك القوي، مذيعة!
سليم عزوز
* صحافي من مصر