تأتي الرياح بما لا تشتهي السفن وتأتي الأقدار لتغير ما يظن الإنسان إن مبتغاه في قبضة يديه وسيذكر اللبنانيون لفترة طويلة قادمة اسم السعودي ماجد الماجد، الذي أعلنت جماعة كتائب “عبد الله عزّام” التي يتزعّمها مسؤوليتها عن تفجير السفارة الإيرانية في بلادهم، فهو المطلوب الخطير الذي استطاع الجيش اللبناني القبض عليه ولكن الموت سبق المحققين إليه خاطفاً من يديهم فرصة الكشف عن معلومات قد تساعد في فك الكثير من المؤامرات التي تستهدف الاستقرار الأمني اللبناني.
فمن هو الماجد الذي لم يكد اللبنانيون يفرحون لإنجاز القبض عليه حتى مات بسبب تدهور صحته الناتج عن فشل كلوي يعاني منه.
الماجد (من مواليد 1973) يحمل الرقم 70 في قائمة الـ85 مطلوباً لدى السلطات السعودية التي أعلنتها 2009. وقد بايعته “كتائب عبد الله عزام ” الأصولية أميراً لها في حزيران/يونيو 2012، بعد إصابة سلفه الموقوف لدى السلطات السعودية صالح القرعاوي المطلوب الذي يحمل الرقم 34 في القائمة نفسها، بعاهة مستديمة.
وذكرت مصادر مطلعة لصحيفة “الحياة” آنذاك أن القرعاوي أصيب بعاهة مستديمة جراء انفجار قنبلة، وتخلت “كتائب عبدالله عزام” عن مساعدته وعلاجه، وفضّلت في المقاطع المرئية والمسموعة عدم ذكر أسباب اختيار الماجد خلفاً له، على رغم أن القرعاوي أخطرُ منه، وأدرجته السلطات الأميركية على لائحة الإرهابيين الدوليين.
وكان القرعاوي أسس “كتائب عبدالله عزام” عام 2004 لتكون ذراعاً لـ”القاعدة” في العراق، وكلفها بضرب أهداف في المشرق والشرق الأوسط عموماً. وعبدالله عزام هو أستاذ زعيم”القاعدة” الراحل أسامة بن لادن.
والماجد هو ثالث سعودي يتولى منصباً قيادياً في “كتائب عبدالله عزام” إذ كان القرعاوي، قائداً عسكرياً للكتائب وسليمان حمد الحبلين خبير متفجرات فيها.
ويتهم الماجد بأن له صلة بعناصر تنظيم “القاعدة” من خلال تقديم الدعم المالي، ومحاولته تسهيل دخول هاربين من السجن السياسي اليمني، وتنسيق خروج أشخاص للعراق، كما تسلل الماجد الى اليمن للخروج الى العراق، لكنه غادر الى لبنان للانضمام الى “عصبة الأنصار”، وكان يحمل جواز سفر مزوراً.
وأصدر القضاء اللبناني عام 2009 حكماً بحق الماجد بتهمة الانتماء الى تنظيم “فتح الاسلام” الذي قضى عليه الجيش اللبناني بعد معارك طاحنة استمرت ثلاثة اشهر في مخيّم نهر البارد للاجئين الفلسطينيين في شمال لبنان في 2007.
وقضى الحكم الغيابي بالسجن المؤبد للماجد بتهمة “الانتماء الى تنظيم مسلّح بقصد ارتكاب الجنايات على الناس والنيل من سلطة الدولة وهيبتها وحيازة متفجّرات واستعمالها في القيام بأعمال إرهابية”.
والأربعاء الماضي أوقف الجيش اللبناني الماجد، ولم يؤكد ذلك رسمياً إلاّ بعد يومين حين صدرت فحوص الحمض النووي للتأكّد من هويته قبل أن يحذر مصدر طبّي مطّلع على ملفه من أن تدهور صحته سيؤخّر التحقيق.
والسبت أعلنت وفاة الماجد رسمياً بعد تدهور حالته الصحية آخذاً معه أسراراً ومعلومات قد لا تأتي فرصة أفضل للكشف عنها في أي وقت قريب.