يلاحظ المراقب للمشهد العراقي إنه بعد كل زيارة لإيران يقوم بها جودي المالكي، يعقبها إعتداء سافر على معسكر أشرف، وضغط وتهديد لساحة العزة والكرامة في الأنبار، وحكومة جودي المالكي بقدر ما هي متعسفة وظالمة ومستبدة مع شعبها بقدر ما هي متعسفة أيضا من الشرعية الدولية، وتتحداها بشكل سافر! إنها نسخة طبق الأصل من نظام الملالي الحاكم في إيران في تحدية للشرعية الدولية والإستهزاء بها.
في الوقت الذي تدعو فيه الشرعية الدولية إلى إلغاء أو تقليل حالات الإعدام المتصاعد الوتائر، يتسابق النظامان الحاكمان في بغداد وطهران في عدد الإعدامات للفوز بالمرتبة الأولى. وكلما ناشدت وكالات الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الحكومتين الضالتين بتقليل الإعدامات كلما أوغلتا بإرتكاب المزيد في تحدِ كبير! وكلما دعت الشرعية الدولية إلى إحترام الإتفاقيات الدولية الخاصة بحماية اللاجئين أوغل النظام العراقي في التنصل منها والإعتداء على الأشرفيين بكل وقاحة وسفالة. تحدِ مثير يصعب تصوره وقبوله! الحقيقة إن عدم جدية الولايات المتحدة والإتحاد الأوربي والأمم المتحدة في التعامل مع النظامين العدوانيين هو الذي يشجعهما على هذا التحدي والإمعان في إنتهاك صكوك حقوق الإنسان بصلف وعنجهية.
لقد شنت حكومة المالكي قبل الهجوم الأخير، ثلاث هجومات إرهابية على معسكري أشرف وليبرتي وفقا لإرادة نظام الملالي وبالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني، وتمت إدارة العمليات الإرهابية من وكر التجسس والإرهاب(السفارة الإيرانية في بغداد) وهذه الحقيقة معروفة للجميع داخل العراق وخارجه. فإختيار ضابط من الحرس الثوري الإيراني ليكون سفيرا لنظام الملالي في العراق لم يأتِ إعتباطا. ورغم إن اللاجئيين مشمولون بالحماية الدولية وفقا لإتفاقية جنيف الرابعة، لكن هذا الأمر لم يردع حكومة المالكي من شن الهجمات المتتالية في عمليات مقززة تدعو إلى الإشمئزاز والخزي والعار. لا هي بطولة ولا شجاعة ولا أخلاق عندما تُقصف معسكرات المدنيين العزل بالصواريخ، أو أن تهجم عليهم قطعان مسلحة لا تعرف الله ولا المواطنة ولا الضيافة.
لم تكن ردة الفعل الدولية عن الهجومين السابقين على مخيم أشرف بمستوى المسؤولية لا من قبل الشيطان الأكبر ولا الإتحاد الأوربي ولا الثعلب الأممي السابق كوبلر، مجرد تصريحات خافته هي أشبه بمن ينفخ البوق في مقبرة، لا الأحياء تسمعها ولا الأموات تشعر بها. وهذا مما شجع حكومة المالكي وأداتها اللعينة حزب الشيطان/فرع العراق بالتنسيق مع الحرس الثوري الإيراني بشن الهجومين الصاروخيين الثالث والرابع على مخيم ليبرتي المطوق أمنيا من كل الجهات، بمعنى أنه لا يمكن أن يتم الهجوم بمعزل عن مشاركة قطعان الجيش وحمايات المخيم الأمنية.
في مساء يوم 27/12 تم قصف المخيم من قبل حزب الشيطان العراقي بصواريخ نوع كاتيوشا ومورتر، وفقا لتصريح زعيمه الإرهابي واثق البطاط حليف المالكي. وحسب التقارير الرسمية تم تحديد ما لا يقل عن بقايا وآثار” 36 صاروخ داخل المخيم الذي مساحته حوالي لا تزيد عن نصف كيلومتر مربع. (4) صواريخ منها عيار107 ملم لم تنفلق وهي مصدر تهديد لأنها في أية لحظة يمكن أن تنفلق داخل المخيم. و(8) صواريخ منها عيار 280 ملم أرض ـ أرض) حيث تشكل قوتها التدميرية عشرين ضعفا لصواريخ 107 ملم”. علما أن نقاط الاصابة تم معاينتها من قبل مراقبي الأمم المتحدة والمفوضية العليا لشؤون اللاجئين وخبراء متفجرات من جيش المالكي.
إنضم لقافلة الضحايا الأشرفيين (3) شهداء و(50) جريحا، كل ذنبهم أنهم لاجئيين في العراق حيث أفسد حكومة على وجه الأرض، وشرعية دولية مشلولة عاجزة عن حمايىتهم وإعادة توطينهم.
سبق أن أعلن الإرهابي واثق البطاط مسؤوليته عن القصف الصاروخي الثالث الذي تزامن مع قدوم الثعلب الأممي الجديد للعراق نيكولاي ملادينوف الذي تبع سلفه كوبلر بتقديم مراسيم الولاء والطاعة للسيستاني متعهدا بأن مثله الأعلى كوبلر، وسوف لا يخرج عن خط المرجعية. وذكر المالكي ووزير الداخلية وكالة عدنان الأسدي حينذاك بأنه تم إصدار مذكرة إلقاء قبض على الإرهابي الحكومي البطاط، وكانت النتيجة” موت يا حمار حتى يأتيك الربيع”!
فقد عجزت دولة القانون ذات المليون عنصر أمني عن إلقاء القبض على البطاط في داره المحمي من قبل عناصر الأمن العراقي! والتي رافقته خلال زيارة الأربعين إلى كربلاء بحماية أمنية مشددة. وسبق لهذا الإرهابي الحكومي أن قام باستعراض عسكري في نادي الصناعة في بغداد حيث كانت قوات الجيش والشرطة توفر له الحماية الكاملة. وأعلن البطاط خلالها عن تأسيس ميليشيا المختار الإرهابية بقوله” جيش المختار ساند الحكومة المركزية في حربها مع الفساد والمفسدين، وفي مواجهة المنظمات الارهابية مثل القاعدة والجيش الحر”. إذن لم يخفِ الإرهابي العتيد تعاونه مع حكومة المالكي والتنسيق معها، بل من السهل على أية وكالة أنباء أن تجري معه لقاء على الهواء. مع هذا لم تتمكن وزارات الداخلية والدفاع والأمن القومي وجهاز الأمن والمخابرات والإستخبارات وقوات سوات والمخبرين السريين من العثور عليه! فزورة لا حل لها إلا عند المالكي.
الغريب في الموضوع إنه لا الشيطان الأكبر ولا الإتحاد الأوربي ولا الأمم المتحدة تعاملت مع البطاط كعنصر إرهابي، ولم يتخذوا نفس الإجراءات مع المشمولين بقائمة الإرهاب! كإنما هناك إرهابي طيب وإرهابي شرير! ويحدثونك عن إزدواجية المعايير بلا حياء!
والأغرب منه ان ممثل الأمين العام الجديد يتحاشى ذكر إسم البطاط رغم إعلان الأخير مسؤوليته عن الهجومين الأخيرين. فقد جاء في الأخبار” أعرب الممثل الخاص للأمين العام للأمم المتحدة للأمم المتحدة في العراق نيكولاي ملادينوف عن قلقه العميق إزاء الهجوم الصاروخي الذي تعرض له مخيم الحرية ليبرتي مساء الخميس واوقع عددا من القتلى والجرحى من عناصر منظمة مجاهدي خلق الايرانية المعارضة. مبينا بأن المسؤولية عن حماية سكان مخيم ليبرتي تقع على عاتق حكومة العراق على النحو المتفق عليه في مذكرة التفاهم التي تم توقيعها بين الحكومة والأمم المتحدة في كانون الاول 2011″.
مشكور جدا (مله دينوف) عن القلق والتوضيح. لقد أعرب الثعلب الجديد عن قلقه العميق، وموضحا لمن لا يعلم الحقيقة المرٌة! بأن الحكومة العراقية هي المسؤولة عن حماية المعسكر! جزاك الشيطان ضلالا! أهذا كل ما جادت به قريحتك ونباهتك؟ قلق وتوضيح! فعلا وجه قبيح يصلح ممثلا لمن هو أقبح منه وأشد سفالة.
أما تأكيد الثعلب الجديد” بضرورة ان تقوم حكومة العراق بالتحقيق في هذا الحادث الأخير وتقديم المسؤولين عنه إلى العدالة”،! فإننا نكرر مثلنا السابق” موت يا ملادينوف حتى يأتيك الربيع”. الأولى بك أن تطلب نتائج التحقيق الأول والثاني والثالث! ومتى ما إستلمتها في المشمش، أطلب عندئذ نتائج التحقيق الرابع. هل تضحكون علينا أم على أنفسكم يا (مله دينوف)؟ هل انتم ممثلون الأمين العام ام ممثلوا مسرح؟
أما تصريح المتحدثة باسم وزارة الخارجية جين بساكي فإنه ينطبق عليه المثل” شر البلية ما يضحك”. فقد جاء فيه بأن ” الولايات المتحدة تدين بأشد العبارات الهجوم الصاروخي الذي شن يوم امس على مخيم (الحرية) وتسبب في مقتل واصابة العديد من سكانه وضباط الشرطة العراقية بجروح”. لاحظ إضافة ضباط من الشرطة إلى الضحايا، في حين لم يذكر أي مصدر إصابة أحد من رجال الشرطة!
أما دعوتها للحكومة العراقية لأتخاذ تدابير وقائية عن ” طريق تثبيت حواجز واقية اضافية ومخابئ”. فهي بشارة أمريكية لمعسكر الحرية بأنه سيتلقى المزيد من الهجومات الصاروخية خلال الفترة القادمة! وإلا علام الدعوة لإتخاذ تدابير إضافية؟
لماذا لا تحث بساكي الحكومة على وقف العدوان بدلا عن الحواجز الواقية والمخابئ؟ وهل هذه الإجراءات كفيلة بوقف العدوان أم لغرض الحد من حدة الخسائر؟ بس سفسطة( يا بس ..اكي)!
كالعادة أشاد نظام الملالي بالهجوم العدواني الجديد وتم تغطته في كافة وسائل الإعلام المحلية مع فرح وتشفي كبيرين، كأن القتلى ليسوا إيرانيين وإنما من كوكب آخر. بئس النظام الذي يحتفل بقتل مواطنيه!
إن المناشدات الدولية سواء من منظمة مجاهدي خلق أو بقية المنظمات والإتحادات الدولية والإقليمية بشأن زيادة التدابير الأمنية في ليبرتي وضمان الأمن للسكان لم تعد تجدي، إنها هواء في شبك. وأصبح من المعيب جدا تكرار ما لايفيد! صحيح قيل فيما مضى بإن التكرار يعلم الحمار. لكن الحمار في العراق يختلف عن بقية الحمير، فهو لا يرى ولا يسمع! إنه فقط ينهق، ولا أحد يفهم نهيقه غير صاحبة الخامنئي.
الطريق الصحيح لحل مشكلة اللاجئيين( غير المحميين) هو نقلهم من عراق الخامنئي على الفور، أما القول بتخصيص قوات (ذات القبعات الزرق للأمم المتحدة) في ليبرتي على مدار الساعة، فإن البطاط سيفرح بهم فرحة صرصار بكنيف جديد. إنه كأب راعي للإرهاب سيشملهم حتما بعطفه الصاروخي دون شفقة، لأنه محمي من قبل نظامي الملالي والمالكي، وكلاهما متحديان شرسان للشرعية الدولية.
أما ما جاء في بيان وزارة الداخلية العراقية البنت البكر لإبليس والتي عُرف عنها الكذب والتدليس لسبب أو بغير سبب، فقد أفتى ناطقها الدجال بفتوى محيرة حقا! حيث ورد” نفت وزارة الداخلية العراقية أن تكون صواريخ (الكاتيوشا) التي سقطت أمس على مطار بغداد الدولي قد استهدفت معارضين إيرانيين، تلك الصواريخ سقطت على منطقة خالية من المباني، والسكان قرب المطار وأن سقوطها لم يسفر عن تسجيل خسائر بشرية، والتحقيقات الأولية لم تنكشف بعد لمعرفة الجهة المستهدفة”. حسنا يا عباقرة الألفية الثالثة! هل ضرب نيزك من السماء مخيم ليبرتي وأدى إلى قتل(3) وجرح(71) أشرفي؟ أم أن الوزارة لا تعتبر القتلى والجرحى خسائر بشرية؟ قليل من الحياء يا وزارة الداخلية! والله ثم والله قد أخزيتمونا بكذبكم المفضوح.
أما عدم معرفة الجهة المستهدف فيصدق عليه القول” حدث العاقل بما لا يعقل”. كل هذه الخسائر وفي أرض جرداء حول المخيم لا توجد فيها بنايات كما جاء في البيان، ولا تعرف الوزارة الجهة المستهدفة من القصف؟ إنها دلالة على عبقرية الوزارة وكفاءة وزيرها وأعوانه. لكن لا عتب على الوزارة طالما يضع وزيرها بالوكالة صورة الخميني في مكتبه.
علي الكاش
كاتب ومفكر عراقي