ثمة مفارقة غريبة وعجيبة بين احتفلات دبي برأس السنة الميلادية وبين براميل بشار التي تحصد أرواح السوريين أكثر مما فعلت الأسلحة الكيماوية.
ثمة مفارقة بين أناس يموتون حرقا وقتلا وقهرا وجوعا وبين أناس آخرين على بعد بضع أميال ينفقون الملايين لاطلاق الألعاب ابتهاجا وفرحة وغرورا وعلوا.
ثمة مفارقات تكشف عورات أمة خانت نبيها، فلا كانت جسدا واحدا ولا صامت حزنا من باب أضعف الإيمان عن مظاهر الفرح.
لعل المفارقة واحدة في البراميل..
براميل النفط الأسود وبراميل القنابل المتفجرة..
بالنفط تقسمت الأمة وبأموال النفط اصبحت الذمم والمواقف تباع في سوق النخاسة، مثلها مثل أي عاهرة يكون لها شأنا في دبي بينما يقذف خيرة ابناء البلد في غياهب السجون والمعتقلات وتهان كرامتهم ويقذف شرفهم.
بالنفط تصادر حرية اعرق حضارة في العالم ويتسابق الشيخ والأمير وطويل العمر بملياراته كي يدعم انقلابا ينحر ثورات العرب ويعيد دولة القمع والقهر إلى عروشها كي لا تصاب بلاده بعدوى الثورة.
وبالبراميل المتفجرة يصفق العرب والغرب لبشار الأسد الذي منحه تكريما وصك براءة لأنه سلم أسلحته الكيماوية واستبدلها بآلات قتل جديدة.
ثمة مفارقة في أمة كل انجازاتها الأطول والأضخم والأكبر…
ثمة مفارقة في أمة تسفك فيها دماء الأبرياء مجانا.. كي يبقى طويل العهر هانئا… يستمتع بألعابه النارية الأكبر.. ووقودها عظام طفل تيبست من البرد أو لحوم تحترق بالبراميل أو آهات أخيرة لأناس ماتوا جوعا دون أن تهتز شعرة من (سموه).
أن كل حقه به – كما قال الشاعر أحمد مطر – أن بعير جده قد مر قبل غيره بهذه الآبار.
(وطن)