في فجر يوم عيد الأضحى (العاشر من ذو الحجة) الموافق 30-12-2006 تم اعدام الرئيس صدام حسين.. في هذه الذكرى ننشر هذا المقال لكاتب (وطن) المبدع علي الكاش
كان شعار اجتثاث جذور الدكتاتورية وزرع بذور الديمقراطية في تربة الوطن المنكوب الذي إستخدمه سحرة البيت الأبيض لخداع العراقيين وهم كبير وكابوس عسير، إنهم يعرفون بإن وقع الديمقراطية في ذاكرة الشعوب وقع السحر. فرموا بشبكة الديمقراطية في المياه الضحلة وعلق بها العديد من السياسيين ورجال الدين وبعض المثقفين ممن أبتلع الطعم بسهولة. متجاهلين وقائع التأريخ المرير وتجارب الماضي القريب مع قوى الشر والغدر.
ولم يكتفِ الموهومون بوقوعهم في الشرك، بل جعلوا من أنفسهم طعماً للإيقاع بالآخرين، كالأسماك الصغيرة التي توضع في الصنارة كطعم لاصطياد الأسماك الأخرى.
لم يدركوا بأن الديمقراطية الصحيحة بذرة أصيلة وليسن هجينة، لا تنمو إلا بتربة العراق ولا تُسقى إلا بماء الفراتين ولا تنضج إلا بيد مزارعين عراقيين ولا تثمر إلا في وقتها الصحيح. زرعوها بذرة سقيمة وماتت بذرة يتيمة.
منذ أن أزف الرحيل، وغادر موكبك أرض الوطن في طريقه لجنة الخلد، يزداد وجعنا يوم بعد يوم، ويخرج دخان من أفئدتنا الملتهبة ليشكل غيوم داكنة، ويرتفع أنينا كصاعقة مدوية تجللل في السماء.
رحماك سيدي الشهيد، حلٌ محلك سرب من الغربان ينعقون بالدكتاتورية في خرائب الديمقراطية، نفضوا من صدرورهم كل غبار الحقد والخبث والإنتقام فأحرقوا اليابس والأخضر، وجعلوا من العراق الأمين مسخرة للعالمين ورضا للمتشفين من الجيران الحاقدين والبعاد الطامعين.
سيدي الشهيد يعيبون نظام حكمك ويصفونه ببالدكتاتورية ومن جهلهم لا يدركون بإن نعيم الكتاتورية أرحم من جحيم الديمقراطية، وإن دكتاتورية تصلحنا أفضل من ديمقراطية تفسدنا. ودكتاتوريا تجمعنا أفضل من دكتاتورية تفرقنا. ودكتاتورية تحررنا أفضل من ديمقراطية تستعبدنا. ودكتاتورية تُحيينا أفضل من ديمقراطية تفنينا.
كل شيء في العراق غال ما عدا الموت الذي ضرب أطنابه كل الأنحاء، فهو ارخص من سعر التراب، وشعب الذرى الذي كنت تتفاخر به ولا يفارق لسانك، يرزح الآن تحت أعباء حمل ثقيل، شعب الذرى أمسى نفس يتردد وبؤس يتجدد، شعب الذرى في وضع بائس وأمل يائس. شعب الذرى شعب تائه بلا قيادة، يبحث في طيات الوجود عن وطن غامر، ومجد مهاجر، وحاضر مهزوم، ومستقبل مأزوم. ما اشقى الشعب الرازح تحت ثقل الإستبداد وعبء المصائب! يتنظر فجر بزوغ قائد همام ليرفع عنه الهموم ويسير به الى طريق الحرية والتحرر.
ليس لنا سوى أن نستلهم منك المبادئ، ونستمد منك العزيمة، ونتعلم من جهادك الثبات والحزم، ومن شهادتك البطولة والفداء، بها يمكننا إنهاض الوطن من وهاد المذلة والخمود، ليستنشق نسمات الحرية وإثبات الوجود. لا ارثيك فالشهداء لا يُرثون بل يُمجدون. لكني اعيد ما قاله الشاعر ابو الحسن الأنباري، لأنه فعلا يتناسب مع عليائك وشهامتك:
علو في الحياة وفي الممات*** لحق تلك احدى المعجزات
علي الكاش