«سحل» فتاة جامعة الأزهر، التي قيل إنها منتمية لأنصار الرئيس المعزول محمد مرسي، يعيد إلى الأذهان حادث سحل فتاة مجلس الوزراء الملقبة بـ«ست البنات» في 2011، لكن المفارقة الغريبة هنا، أن ديسمبر هو نفس الشهر الذي شهد وقوع الحادثتين، لكن في عامين مختلفين.
البداية ترجع لحكم المجلس العسكري، تحديدًا يوم 18 ديسمبر 2011 وسط أحداث عُرفت إعلاميًّا بـ«مجلس الوزراء»، بعد أن التقطت عدسات الصحفيين مجموعة من المجندين – قيل بعدها إنهم شرطة عسكرية – بالتعدي على فتاة بضربها بسحلها على الأرض وتعرية الجزء العلوي من جسدها بشارع مجلس الشعب.
«موجة غضب»
المشهد أثار ردود أفعال غاضبة محليًّا ودوليًّا، وخرجت القوى الثورية ببيانات منددة بسحل «ست البنات»، ونشرت صحيفة «نيويورك تايمز» الأمريكية صورة لها تتصدر صفحتها الأولى، ما وصفت «هيلاري كلينتون»، وزيرة الخارجية الأمريكية السابقة الحادث بأنه «عار».
المشهد أعيد بثه عشرات المرات على شاشات الفضائيات لاستنكاره ورفضه، وبعدها خرجت مظاهرات لميدان التحرير؛ احتجاجًا على الحادث ورفعت شعار «نساء مصر خط أحمر»، وأصدر المجلس العسكري المتولي زمام الأمور وقتها بيانه رقم 19 على صفحته «فيسبوك»، أعرب فيه عن أسفه لسيدات مصر اللائي وصفهن بالعظيمات لوقوع بعض التجاوزات.
«الإسلاميون يختلفون»
خرج الإعلامي خالد عبد الله، المذيع على قناة الناس الفضائية، المغلقة منذ 3 يوليو الماضي حتى الآن، مخاطبًا الدكتور محمد البرادعي: «يا واد يا مؤمن»، وذلك عندما وجّه الأخير كلامه للمجلس العسكري «ألا تخجلون من تجريد الفتيات من ملابسهن».
وتابع عبد الله: «إحنا منعرفش مين المنقبة دي، ومنين أصلًا، خلاص بقت ثورية دلوقتي؟!.. يا نصابين».
بينما حسمت جماعة الإخوان المسلمين موقفها بعدم النزول في الأحداث وناشدت المجلس العسكري، في بيان وُصف بـ«الناعم»، بالاعتذار والتحقيق في أحداث مجلس الوزراء، والاستمرار في إجراء الانتخابات البرلمانية، وتأكيد إجراء انتخابات الرئاسة وتسليم السلطة للمدنيين قبل نهاية يونيو 2012، ولم يشر البيان إلى واقعة سحل الفتاة.
كما خرجت العديد من التصريحات من جانب أعضاء جماعة الإخوان المسلمين وشبابها، تعليقًا على تعرية فتاة «مجلس الوزراء».. «إيه اللي وداها هناك، ازاي تلبس عباية بكباسين في عز البرد» كانت أشهر التعليقات وأشدها جدلًا بين المدنيين.
وفي لقاء على شاشة فضائية «الحياة 2»، ظهر عاصم عبد الماجد، القيادي بالجماعة الإسلامية «هارب حاليًّا»، قائلًا: «الجندي الذي كان يقوم بهذا لم يكن يقصد أن يعري الفتاة، ولكنه أخطأ بضربها وسحلها ويجب أن يحاسب»، متابعًا: «جنود القوات المسلحة مش ماشيين في الشوارع يعروا بناتنا».
«عبد الماجد» أضاف: «الشهداء لم يموتوا حتى يتم الأخذ بثأرهم.. الذين قتلوا في أحداث مجلس الوزراء مقصودين»، محذرًا أن يكون تصعيد المظاهرات سكبًا للبنزين على النار.
فيما أعلن حزب النور السلفي تشكيل وفد برئاسة عماد عبد الغفور، قبل الرحيل عن الحزب، ومحمد نور القيادي بالحزب، للتفاوض مع المتظاهرين ومعرفة مطالبهم، معلنًا رفضه لـ«تعرية الفتاة».
«الأيام دول»
مرت الأيام سريعًا، لتشهد تظاهرات أمس الجمعة بمنطقة عين شمس تكرار نفس الواقعة وانتشرت صور لإحدى الفتيات «مسحولة» تحت أرجل قوات الأمن.
والآن تدور الدوائر والأيام وتتغير الأماكن والمواقف، فمن كانوا يقفون على الحياد أو يبررون لسحل فتاة مجلس الوزراء، يطالبون الآن بتعاطف الشعب مع قضيتهم، والوقوف إلى جانب تلك الفتاة التي خرجت لعودة ما يسمونه بـ«الشرعية» وتأييد الرئيس المعزول محمد مرسي.
صور الفتاة المسحولة على يد قوات الأمن أعادت إلى الأذهان مشهد سحل قرينتها منذ عامين.. «إيه اللي وداها هناك؟» و«الأيام دول» كانت أول ردود فعل من جانب بعض رواد موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» ردًّا على «سحل الفتاة» بنفس منطق شباب الإخوان منذ عامين.
البعض الآخر اعتبر الصورة استمرارًا لما وصفوه بوحشية السلطة الحالية، وانتهاكًا واضحًا لحرية التعبير عن الرأي، وينافي روح «النخوة» المصرية في التعامل مع السيدات.
عن (الشروق)