لاحظت حديث كثير من المتابعين خاصة في مواقع التواصل الاجتماعي حول مسألة الصواريخ الحرارية المضادة للطائرات” كوبرا” والتي غنمها لواء اليرموك وبعض الكتائب المقاتلة في درعا خلال تحرير اللواء “138 دفاع جوي” في الشهر الثالث من العام الحالي.
ولقد آسفني بشدة أن تتجه بعض الأقلام لتخوين المجاهدين الذين اقتحموا مقرات اللواء وارتقى منهم عدد من الشهداء وأصيب من أصيب في سبيل تخليص درعا من أسوأ بؤرة للنظام على الإطلاق في درعا، حيث كانت مركزاً لتعذيب وسحل المعارضين والثوار، بالإضافة إلى القصف اليومي على الأحياء السكنية.
أرى أنه من الأجدر للأقلام التي هاجمت لواء اليرموك وشككت بأخلاق عناصره أن تتحرى الأمر وتتصل بقيادته أو بمكتبه الإعلامي للاستفسار عن الموضوع، قبل مهاجمة المجاهدين دون تثبت.
الفكرة التي أدافع عنها في هذا المقال لا تدور حول لواء اليرموك أو بعض شخوصه، لكنني آسف للهجوم على المجاهدين والتقليل من شأنهم ونسب بعض الرزايا لهم. فلا يصح هذا من مثلنا ونحن نعيش في الدفء بينما يرابطون الليل والنهار دفاعاً عنا وعن أرضنا وإمعاناً في قتال الأسد وإخراجه قريباً بإذن الله.
من المفترض أن توجه أقلامنا الناقدة إلى الأسد وشبيحته والمتعاملين معه، فبراميل الموت لم يلقها لواء اليرموك على المدنيين في إنخل، والكتائب المقاتلة في درعا لم تمزق جسد الأم الحامل أول أمس فتخرج الجنين من بطنها، واللواء لم يطلق النار على حاملي الخبز في مجزرة صيدا الشهيرة، بل نشأ كرد فعل على ذلك للدفاع عن درعا وأهلها، كذلك الحال بالنسبة لألوية الجهاد على التراب السوري كله. فهل يعقل أن تتجه كتاباتنا للإساءة لمن يدافع عنا حتى كدنا ننسى ما تقوم به عصابة الأسد من تقتيل وتدمير وتشريد وذهبنا نتكلم عن المجاهدين ونشكك بهم.
لا يصح أن يعتقد أحد منا أن الثوار قاموا بهذه الثورة وضحى بعضهم بحياته، وتقاسموا كسرة الخبز وعانوا صقيع البرد، من أجل أن يربحوا بعض المال أو يغنموا سيارة، فما فائدة ذلك الربح لمن قدم نفسه شهيداً في المعركة.
بالعودة إلى تساؤلات الإخوة حول الصواريخ الحرارية التي غنمها لواء اليرموك، فقد وردتني شخصياً بعض الاستفسارات عن ذلك وقد انقسمت إلى قسمين متمايزين، طالب بعضها بمعرفة الحقيقة وقد كانت حجتهم أنه من غير المفهوم حصول لواء اليرموك على عدد من الصواريخ ثم لا نرى لذلك أثراً واضحاً في التصدي لطائرات العدو.
القسم الثاني للأسف هاجم الكتائب المجاهدة بكل ضراوة بل لنقل بضراوة تتجاوز عنف الهجوم على الأسد وشبيحته، واعتمد تصورات لا دليل عليها حول تلك الصواريخ. ألخص أهمها فيما يلي، فقد ذهبت جماعة من هؤلاء إلى ادعاء أن لواء اليرموك باع تلك الصواريخ إلى نظام الأسد بحفنة من المال وهذا اتهام خطير لا نصدقه ولا نعول عليه. بينما قالت جماعة أخرى أن هناك عناصر فاسدة قامت بالمتاجرة بتلك الصواريخ مع جهات قد تستفيد منها دون عصابة الأسد بالطبع، وذهبت جماعة ثالثة للحديث عن تسليم تلك الصواريخ للحكومة الأردنية عنوة، فهم يقولون إن المخابرات الأردنية فرضت على لواء اليرموك تسليم الصواريخ وإلا فستطرد جرحاهم ولا جئيهم من أراضيها.
محاولة اغتيال السيد بشار الزعبي قائد لواء اليرموك أعادت النقاش حول الصواريخ الحرارية إلى الواجهة. ونزولاً عند رغبة كثير من المهتمين اتصلت على مدى يومين متتاليين بالمكتب الإعلامي للواء وبقائد اللواء نفسه. واختصاراً للحديث الطويل الذي دار بيننا، فقد بين السيد الزعبي أن لواء اليرموك غنم عدداً من صواريخ كوبرا وأن بعضها أطلق بالفعل على طائرات العدو، وأن اللواء يحتفظ ببعضها الآخر وأنه يقوم بتدريب الكوادر للاستفادة منها ونفى السيد قائد اللواء نفياً قاطعاً أن تكون تلك الصواريخ قد بيعت أو سلمت لأي جهة محلية أو إقليمية. وطالب السيد بشار الزعبي أن يتبين الناس ما يقولون حتى لا يقعوا في الظلم ومشابهة النظام.
أتمنى من الإخوة الكرام في درعا وسوريا عموماً أن يوجهوا سلاحهم وقلمهم للعدو الحقيقي القابع في دمشق وأن يعملوا على إسقاطه وأن يوحدوا الصفوف والقلوب فإن المعركة التي فرضت على السوريين معركة هامة لا مناص منها ولن تكون ذات جدوى إلا بالتخلص من الأسد بشكل نهائي.
وأعتقد أنه من الأفضل التذكير بمنجزات المجاهدين والثوار في درعا وقراها فهي لا تكاد تعد ويكفي بالفعل أن نتذكر أن لواء اليرموك حرر العديد من المعتقلين وهذا أهم من الصواريخ التي حصل عليها.
د. عوض السليمان. دكتوراه في الإعلام. فرنسا