(وطن) – تخلت الحكومة الأميركية عن قرارها الأولي بترشيح سفيرها لدى سوريا روبرت فورد لتولي منصب السفير الأميركي لدى مصر. وكانت واشنطن سحبت فورد من دمشق في شهر فبراير الماضي حيث يعمل على تنسيق شؤون جماعات المعارضة السورية بما فيها المسلحة التي تستهدف الإطاحة بحكم الرئيس بشار الأسد.
وعزت مجلة فورين بوليسي على موقعها الإلكتروني استنادا إلى مصادرها، استبعاد ترشيح فورد إلى تلميحات بعض قادة الحكم الحالي في مصر الذي يهمين عليه المجلس العسكري انهم لا يؤيدونه في المنصب نظرا لرغبته المعلنة في اجراء مفاوضات مع الجماعات الإسلامية المتطرفة التي توصف بالتكفيرية والمجموعات السياسية الأخرى في سوريا.
وكان وزير الخارجية جون كيري قد رشح فورد لهذا المنصب خلال الصيف الفائت، لكن البيت الابيض كان يأمل في تسميته رسميا في اوائل العام المقبل. وبدلا من ذلك، فان مصادر مطلعة اشارت إلى أن الحكومة الأميركية قررت ان تبقي فورد في منصبه في سوريا، ليكون الوسيط الرئيسي لها لدى مجموعات المعارضة في سوريا. وانها تبحث عن شخص غيره لهذا المنصب المهم في القاهرة. وهذا الامر قد يستغرق عدة اشهر حيث ان الكونغرس في اجازة وبسبب مأزق التحزب في الكونغرس.
وقال مسؤولون أميركيون إن فورد واجه معارضة في القاهرة، لكنهم عزوا السبب الرئيسي للتخلي عن ترشيحه إلى اهمية وظيفته الحالية كوسيط في الاتصالات الاميركية مع الجماعات المسلحة في سوريا. وخلال الاشهر القليلة الماضية قام فورد بالتنقل ذهابا وايابا بين واشنطن وجنيف واسطنبول في اطار الجهود التي يبذلها لاقناع قادة المعارضة للمشاركة في مؤتمر جنيف 2 المقرر عقده في اواخر يناير المقبل.
وقال مسؤول كبير في الخارجية الأميركية ان “السفير فورد يقوم بمهمة كبيرة في الشأن السوري في وقت متوتر بشكل واسع يسير نحو مؤتمر جنيف 2. انها مهمة لها الاولوية في قضية ذات اولوية، والجميع من الرئيس ومن بعده يثقون بمعالجة فورد للوضع، فالرئيس ووزير خارجيته وجميع اعضاء الحكومة يكنون التقدير الكبير للعمل الذي قام به في الشأن السوري، سواء هنا في واشنطن او في دمشق، ويشعرون ان من المهم مواصلة العمل في شأن هذه القضية”.
ورفضت ناطقة بلسان السفارة المصرية في واشنطن التعليق على مسألة تعيين فورد، بدعوى أنه لم يٌرشح رسميا كسفير للولايات المتحدة في بلادها.
ويكشف قرار استبعاد فورد مدى الصعوبات التي تواجه البيت الابيض في وقت يستمر فيه تدهور علاقاته مع القاهرة منذ الانقلاب الذي قاده المجلس العسكري في الثالث من يوليو الماضي وأطاح به الرئيس المصري محمد مرسي المنتخب ديمقراطيا واعتقاله والعديد من قيادات جماعة الإخوان المسلمين التي ينتمي إليها.
وقد غادرت السفيرة الاميركية السابقة آن باترسون القاهرة وقد حامت حولها بعض الغيوم حيث ان الكثير، ومنهم كبار الجنرالات، شعروا انها كانت مقربة كثيرا من جماعة الاخوان المسلمين الذين ينتمي اليهم مرسي. من ناحية اخرى، واجه البيت الابيض ضغوطا متنامية في الكونغرس لقطع المعونة عن مصر الى حين عودة البلاد الى الحكم المدني.
وترى مصادر مطلعة ومحللون وخبراء في الشأن المصري أن تواصل عمل فورد مع الجماعات المسلحة السورية التي تنتمي غالبيتها العظمى إلى الجماعات الإسلامية المتطرفة بما فيها القاعدة دق اجراس الانذار في القاهرة، قد عزز القناعة لدى القادة المصريين ان حكومة الرئيس الأميركي باراك اوباما استعجلت في التخلي عن حسني مبارك، المعادي للجماعات الإسلامية والحليف للولايات المتحدة لفترة طويلة، وتحالفت مع مرسي والاخوان المسلمين. واعرب بعض اعضاء الحكومة المصرية المؤقتة التي يهمين عليها رئيس المجلس العسكري الفريق عبد الفتاح السيسي عن الخشية من ان يبذل فورد محاولات مماثلة وايجاد علاقات مع الاسلاميين المصريين، وحثوا الحكومة الأميركية من دون جلبة للعثور على مرشح اخر للمنصب في القاهرة.
وقال دبلوماسي عربي عن فورد “هذا رجل لديه رغبة في الجلوس على الطاولة مع الاسلاميين الذين هم اسوأ من الاخوان المسلمين، ومن المذهل ان يفكر البيت الابيض انه الشخص المناسب للتوجه الى مصر. انه رجل طيب، لكنه الشخص الخطأ على وجه التحديدد لهذا المنصب، في الوقت الحاضر على اقل تقدير”.
واشنطن-محمد دلبح