خاص (وطن)
تسعى الحكومة القطرية إلى توسيع وجودها الإعلامي عربيا في الصحافة المكتوبة والمرئية في وقت تشهد فيه قناة الجزيرة “العربية” تراجعا حادا في نسبة مشاهديها دفعت “مجموعة الصحفيين الهواة” ممن يديرونها إلى نشر دراسة مسحية زعمت أن نسبة المشاهدة قد ازدادت، وطلب مدير الأخبار إبراهيم هلال في رسالة داخلية من كافة صحفيي مكاتب الجزيرة الخارجية إلى الاتصال مع المؤسسات الإعلامية لترويج تلك الدراسة المسحية وخاصة في أعقاب الفضيحة التي كشفتها وكالة الصحافة الفرنسية في وقت سابق من العام الجاري بأن الدراسة المسحية غير صحيحة وأن الجهة التي أعلنت الجزيرة أنها أجرتها قد نفت ذلكـ الأمر الذي أوقع “مجموعة الصحفيين الهواة” في حالة من الإرباك خاصة وانهم مسؤولون عن تدهور شعبية الجزيرة بسبب السياسة التحريرية التي تنتهجها الجزيرة في تغطيتها “التي تبتعد عن المهنية والموضوعية الإعلامية” لمجريات ما يسمى “الربيع العربي”.
وذكرت مصادر إعلامية مطلعة لصحيفة (وطن) أن حكومة قطر التي تمول شبكة الجزيرة الإعلامية بقنواتها المتعددة، تعد لإطلاق صحيفة دولية جديدة من لندن. كما أنها عمدت عقب إطلاقها قناة الجزيرة أميركا في أغسطس (آب) الماضي، إلى توسيع شبكة إعلامها الخارجي بإطلاق قناة فضائية جديدة باسم “النبأ” وإصدار صحيفة دولية تنافس الإعلام الممول من السعودية. وقد تم إطلاق “النبأ” يوم العشرين من أغسطس الماضي في ذات اليوم الذي أطلقت فيه “الجزيرة أميركا” التي يقول ناقدون إعلاميون أميركيون أنها محطة بدون شخصية علما أن التقديرات تشير إلى أنها كلفت قطر عشية إطلاقها ما لا يقل عن مليار دولار. ويرى خبراء إعلاميون أن “الجزيرة أميركا” تفتقد لأي شخصية مميزة وأن الجزيرة الإنجليزية التي توقف بثها إلى الأميركيتين هي أفضل منها بكثير، وهو ما دفع مروان بشارة (شقيق عزمي بشارة) الذي كان يقدم برنامجا حواريا أسبوعيا بعنوان “الإمبراطورية” على الجزيرة الإنجليزية وكان يعد لمواصلة ذلك على الجزيرة أميركا، إلى شن حملة قوية على إدارة الجزيرة أميركا التي يديرها إيهاب الشهابي والذي لا علاقة له بشؤون الإعلام، وصلاح نجم. وقد اتهم بشارة إدارة القناة بالجهل وعدم معرفة الساحة الأميركية على الصعد الإعلامية والسياسية والاجتماعية.
ويذكر أن معلومات انتشرت على نطاق واسع بأن الحكومة القطرية اشترت في شهر أغسطس الماضي صحيفة “القدس العربي” من صاحبها ورئيس تحريرها السابق عبد الباري عطوان، حيث كانت هي الممول الرئيسي للصحيفة لسنوات عديدة لكن مصادر على صلة وثيقة بالصفقة عزت قرار قطر امتلاك القدس العربي إلى تأرجح مواقف عطوان إزاء السياسة التي تنتهجها قطر ضد عدد من الأقطار العربية، وأنها تريد الصحيفة بدون رئيس تحريرها الذي أصدر في أوائل سبتمبر الماضي صحيفة إلكترونية يومية باسم “راي اليوم”.
ونقلت وكالة أنباء آسيا عن مصادر إعلامية مطلعة أنها ترجح أن عطوان قد حصل على تعويض كبير لكي يتخلى عن الصحيفةـ وأن القطيعة مع قطر سبقتها زيارات قام بها إلى الدوحة ولقاءات في عواصم أخرى مع رئيس مجلس إدارة شبكة الجزيرة، الشيخ حمد بن ثامر آل ثاني استهدف القطريون منها دفع الصحيفة إلى تبني الخط العام للسياسة القطرية (المعلن والخفي) باعتبار قطر الممول الرئيسي إن لم يكن الوحيد وخاصة في السنوات الثلاثة الأخيرة. لكن تلك اللقاءات فشلت بسبب ما وصفه القطريون أنه “تعنت” عبد الباري عطوان. ويبدو أن مديرة التحرير في الصحيفة، سناء العالول أفهمت القطريين أنها لن تبقى إذا ما عينوا رئيس تحرير جديد، ما يعني تمسكها بخلافة عبد الباري وإلا فستغادر. وقد وافق القطريون على خلافتها لعطوان في منصب رئيس التحرير، لكنه تم إبلاغها بأنه لن يكون لها دور في رسم الخط التحريري للصحيفة أو سياستها.
وقالت المصادر الإعلامية لـ (وطن) إن الخط الإعلامي لقناة النبأ والصحيفة الدولية اليومية سينسجم مع الترويج لما يسمى “الربيع العربي”.
ويعزو نشطاء سياسيون إطلاق قناة “النبأ” إلى تراجع نسبة المشاهدة لقناة الجزيرة وفقدان مصداقيتها في التغطية الإخبارية وفي برامجها التي تحولت إلى “بروباغندا” الأمر الذي دفع الحكومة القطرية إلى استنساخ محطة جديدة تحقق ذات الهدف من البث الإعلامي الفضائي، ولكن بحلة وثوب جديد، وهي خطوة تشير إلى نية أمير قطر الجديد تفتيت ميزانية القناة الأم في الدوحة وإنشاء قنوات محلية تهدف إلى اختراق إعلام الدول العربية محليًا.
وفيما جرى تكليف عزمي بشارة بالإشراف على تشكيل الصحيفة (القطرية) الدولية الجديدة التي يجري الإعداد لإصدارها قريبا من العاصمة البريطانية، لندن، فقد اختارت الحكومة القطرية اثنين من المرتبطين بها والمدافعين عن سياستها للإشراف على مشروعها الإعلامي الليبي، حيث يتولى محمود شمام وزير الإعلام السابق في المؤتمر الوطني الانتقالي الليبي الذي تولى الحكم بعد الإطاحة بنظام حكم الراحل العقيد معمر القذافي إدارة المشروع الذي كان أمير قطر (السابق) الشيخ حمد بن خليفة قد خصص له قبل تنازله عن الحكم، ميزانية كبيرة. كما يتولى شمام حاليا رئاسة وإدارة محطة “ليبيا الأحرار” التي أنشأتها قطر أثناء العدوان الأميركي-الأطلسي-القطري على ليبيا، وكانت تبث برامجها من الدوحة. وقد تعرضت مكاتبها في بنغازي وطرابلس إلى هجمات شنها مناهضون للنفوذ القطري في ليبيا. وقال شمام على صفحته على الفيس بوك إن صحيفة الوسط التي سترى النور قريبا بوصفها “صوت ليبيا الدولي” ستكون إلكترونية ومن ثم ورقية وأنه تم تعيين بشير زعبية رئيسا للتحرير ونائبه عيسى عبد القيوم وتعيين الصحفي اللبناني عبد الوهاب بدرخان مستشارا للتحرير وأنه سيتم طباعة الصحيفة في بنغازي ، طرابلس، القاهرة وتونس وتتولى منصب المدير العام للصحيفة هدى الصويغ.
وكان شمام شغل عضوية مجلس إدارة الجزيرة لكنه تم إخراجه من المجلس في شهر يوليو 2009 وكان أحد الذين تكتلوا ضد مديرها العام وعضو مجلس الإدارة آنذاك وضاح خنفر لصالح خصومه المتنفذين علما أن خنفر لم يكن سوى تابع لرئيس مجلس الإدارة الذي يعتبر بمثابة حلقة الوصل بين التنظيم الدولي للإخوان المسلمين وقطر، وهو ما دفع أمير قطر آنذاك الشيخ حمد بن خليفة آل ثاني إلى التدخل باعتبار “الجزيرة” مسألة لا يجب اللعب بها من أي طرف لأنها تقع في إطار مسؤوليته المباشرة، وقام بالمصادقة على مرسوم تشكيل مجلس إدارة من تسعة أعضاء لم يشمل شمام، وضم المجلس إثنان غير قطريان هما إدموند غريب ورضوى عاشور.
ويذكر أن شبكة الجزيرة في عهد إدارة خنفر كانت أقرت خطة لإصدار صحيفة دولية باسم “الجزيرة” وجرى بتزكية من شمام تعيين عبد الوهاب بدر خان رئيس تحرير لها، غير أن الصحيفة لم تر النور وبقي بدرخان في منصبه لأكثر من سنة.
أما الشخص الثاني الذي قالت المصادر ذاتها لـ (وطن) أنه سيشارك شمام في المشروع الإعلامي القطري في ليبيا والذي يشرف على قناة “النبأ” فهو أنيس الشريف، المتحدث السابق باسم الجماعة الإسلامية الليبية المقاتلة ذات الارتباط بتنظيم القاعدة ويتزعمها عبد الحكيم بلحاج، قائد المجلس العسكري في طرابلس (سابقا)، وكان الشريف في بنغازي عندما تعرضت القنصلية الأميركية في المدينة في 11 سبتمبر 2012 إلى هجوم مسلح أسفر عن مقتل السفير الأميركي لدى ليبيا كريستوفر ستيفنس. وذكرت مصادر مطلعة أن وضاح خنفر سيساهم في المساعدة على إدارة قناة النبأ. ويذكر أن خنفر سبق أن تحدث بنفسه عن قناة ليبية قطرية تونسية تبث من تونس ولكنه صمت عن الموضوع منذ فترة.