بعد اعتقال الكثيرين من أعضاء جماعة الإخوان المسلمين في مصر بدأت الجماعة تستعين بقوة احتياطية لم تكن في الحسبان في المواجهة مع الدولة.
وتزداد الاحتجاجات التي يمكن فيها الآن رؤية عضوات الجماعة (الأخوات) وهن يواجهن قوات الأمن التي تشن واحدة من أعنف حملاتها على الجماعة.
ونشرت صحف مصرية على صفحتها الأولى مشهدا يبرز إصرار أعضاء وعضوات الإخوان على بقاء جماعتهم. وأظهرت صورة فوتوغرافية امرأة محجبة تضع قناعا واقيا من الغاز وهي ترشق قوات الأمن في حين تقف هي وامرأتان أخريان وسط سحابة من الغاز المسيل للدموع.
وبجانب هذا الصورة وضعت صورة أخرى لوزير الداخلية اللواء محمد إبراهيم.
وتقول الشيماء حسين (21 عاما) طالبة تدرس الإعلام في جامعة الأزهر التي باتت بؤرة الاحتجاجات الطلابية المناوئة للحكومة “نقوم بذلك من أجل زملائنا المسجونين وأصدقائنا الذين استشهدوا.”
وقتلت الشرطة مئات الإسلاميين واعتقلت كبار قادة الإخوان المسلمين ومن بينهم الرئيس المعزول محمد مرسي لتفكيك أوصال الجماعة التي كانت يوما أكثر القوى السياسية تنظيما في مصر.
غير أن ملاحقة عضوات الجماعة قد تشكل معضلة للدولة.
صحيح أن معظم الشعب يؤيد الإجراءات الأمنية الصارمة التي تتخذ ضد الجماعة إلا أن التقاليد الاجتماعية في البلاد قد تثير غضب البعض من الإجراءات المتخذة بحق النساء والفتيات حتى اللائي يتظاهرن منهن ضد الجيش.
تلك الحساسيات قد تكون موضوعة في حسابات جماعة الإخوان المسلمين التي حاولت قلب الرأي العام على الجيش الذي تتهمه بالقيام “بانقلاب” ولكن محاولاتها باءت بالفشل.
وقال اريك تراجر الخبير بشؤون الإخوان المسلمين في معهد واشنطن لسياسات الشرق الأدنى إن “أخوات” الجماعة لم تتلق ضربات قوية في الحملة الأمنية.
وأضاف “في ضوء عدم المساس بهيكلهن التنظيمي يستطعن لعب دور أكثر أهمية في الحشد للاحتجاجات الحالية.
“عادة ما تتردد السلطات المصرية في اعتقال النساء أكثر من اعتقال الرجال وهي حقيقة تشكل محفزا إضافيا للأخوات المسلمات للمشاركة في المظاهرات.”
وتعرضت الحكومة لانتقادات شديدة من الجماعات الحقوقية الشهر الماضي بعد صدور أحكام مشددة بسجن 21 امرأة وفتاة لاتهامات تتعلق بالتظاهر. غير أن القضاء قلص العقوبة الصادرة بحقهن وأفرج عنهن.
ولا تزال علا (18 عاما) طالبة الهندسة بجامعة الأزهر تتمتع بحرية في التحرك وتستغل ذلك على الوجه الأمثل لصالح قضيتها على عكس أقاربها الإسلاميين من الرجال الذين يهربون باستمرار خوفا من الاعتقال.
وقالت علا التي لم تكشف سوى عن اسمها الأول لأسباب أمنية “التظاهر أهم من المحاضرات والاختبارات لأنه أمر يتعلق بحرية بلدنا.”
وخارج غرفتها في السكن الجامعي رددت مئات الطالبات هتافات تدعو إلى إنهاء الحكم العسكري.
وذهبت هؤلاء الفتيات إلى حد وصف القائد العام للقوات المسلحة الفريق أول عبد الفتاح السيسي الذي عزل مرسي بأنه “خائن” رغم صدور قانون جديد يفرض قيودا صارمة على المظاهرات.
وقالت ندى عبد الرحمن (21 عاما) التي ترتدي النقاب وهي منفعلة وعينها على رجل تشتبه في أنه مخبر سري “وجودنا يشجع الرجال على الاستمرار.”
وأضافت “لا يمكننا الوقوف متفرجين وإخواننا في السجن أو يتعرضون للضرب على يد الشرطة.”
وتعهد السيسي بأن تؤدي خارطة الطريق السياسية الموضوعة إلى انتخابات حرة ونزيهة في مصر. غير أن أعضاء جماعة الإخوان المسلمين يقولون إن مصر لا تتمتع بحرية أكبر مما كانت عليه قبل الانتفاضة الشعبية التي أطاحت بالرئيس الأسبق حسني مبارك في عام 2011.
وألقي القبض على شيماء منير (21 عاما) الطالبة بجامعة الأزهر في مسجد بوسط العاصمة أثناء احتجاج في أغسطس آب واحتجزت يومين في أحد السجون المصرية.
وقالت “تظن الشرطة أنها تستطيع إخافتنا ودفعنا إلى التوقف. بالعكس لا أشعر بأي خوف.”
وتستخدم الإسلاميات البارزات مواقع التواصل الاجتماعي التي لعبت دورا محوريا في الاحتجاجات التي أطاحت ببعض الحكام العرب لمواصلة الضغط على الدولة ورفع الروح المعنوية للمتظاهرين الشبان.
واستخدمت عزة الجرف – التي كانت تمثل حزب الحرية والعدالة الذراع السياسية لجماعة الإخوان المسلمين في البرلمان قبل حله في عام 2012 – حسابها على موقع تويتر هذا الأسبوع لتشجيع الطالبات “الحرائر” على مواصلة احتجاجاتهن.
وزوجها بدر محمد بدر أحد الأعضاء البارزين القلة في جماعة الإخوان المسلمين الذين نجوا من الاعتقال ولكنه آثر الابتعاد عن الأضواء منذ سقوط مرسي.
وامتدت الرغبة في الدفاع عن قضية الإخوان من طلبة الجامعات إلى فتيات أصغر سنا.
فتقول شهد (16 عاما) التي ترتدي معطفا يقيها من البرد خارج جامعة القاهرة “الرجال في السجون”.
وأضافت “علينا أن نناضل من أجل حقوق الأبرياء الذين قتلوا” مشيرة إلى تشجيع والدها لها على الاستمرار في الخروج إلى الشوارع والذي قالت إنه تعرض لإطلاق نار في بطنه أثناء أحد الاحتجاجات.