تحدث الإعلامى الساخر باسم يوسف فى حواره لصحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية عن مستقبل برنامجه، والوضع السياسى المضطرب فى مصر، وموقفه كإعلامى ساخر فى ظل ما تشهده البلاد من عنف وانقسام وعدم اليقين.
** هل المناخ السياسى يؤثر على القرارات التى تتخذها فى برنامجك؟
إن البرنامج مجرد مرآة لما يحدث فى مصر، بعض الناس تريد اعتبار البرنامج كأداة للهجوم أو الانقضاض على من لا يعجبهم ولكن الوضع ليس كذلك، إن “البرنامج” هو برنامج سياسى ساخر؛ إن الناس دائمًا يعتقدون أننى لم أتحدث بشكل كافِ أو لم أنتقد بشكل كافِ، وعلى الجانب الآخر، ويوجد بعض الناس الذين يقولون إننى تخطيت جميع الحدود.
** مصر بدأت تشهد معارضة نشطة ضد الحكومة الجديدة من قِبل نشطاء من غير التيار الإسلامى؛ لماذا، فى رأيك، ظهرت هذه المعارضة فجأة الآن؟
إنها طريقة غير موضوعية فى الحكم على الأشياء؛ فهناك بعض الأشياء التى لا تستطيع الجزم بها فبعض الناس يعتقدون أنهم يتمتعون بشعبية كبيرة في يوم بعد يوم، بينما بعض الناس يعتقدون أنهم يفقدون شعبيتهم؛ هناك بعض الأشخاص – فى الواقع – لديهم مودة كبيرة للحكومة وللفريق “السيسى” وللجيش بشكل عام، بينما بعض الناس يفتقدون هذا الأمر, وهناك بعض الناس بدأت تتعاطف مع الإخوان ، بينما آخرين يكرهون الإخوان أكثر، والخطأ هنا هو فى استخدام مصطلح “الناس” لأنه شديد العمومية؛ فمن يستطيع أن يقول إن الناس لديهم شعورًا بالزيادة أو النقصان نحو شىء ما أو ضده؟ فنحن فى بلد ضخم ومتنوع جدًا؛ وأعتقد أن الحكومة بشكلها الحالى تخسر بعض من شعبيتها بسبب غباء بعض المنافذ الإعلامية التى تستفز وتدفع الناس نحو الجانب الآخر.
** من شعارات الثورة التى أطاحت بـ”حسنى مبارك” كان “العيش والحرية والعدالة الاجتماعية”، هل تعتقد أن مطالب الثورة مازالت قريبة اليوم؟
كثير من الناس، بعد 30 يونيو، بدأوا يفكرون بمنطق “إما نحن أو هم”، ودخل الجميع فى حالة من الصراع من أجل البقاء – سواء الإخوان أو معارضيهم – بدأوا فى التفكير بهذه الطريقة؛ وذهب بعض الناس بالقول “هيا نؤجل شعارات الثورة لأننا نبحث عن الأمان وهو أمر مهم، والبعض الآخر مازال وفيًا لمطالب الثورة الثلاثة والبعض الآخر يفكر فقط فى الانتقام.
ولفت “باسم يوسف” إلى وثيقة إعلان الاستقلال الأمريكى التى تبناها الكونجرس الأمريكى عام 1776، وهذا هو تاريخكم وقد استغرق الأمر 12 عامًا لكتابة الدستور أولًا، وخلال تلك الفترة شهدت أمريكا اضطرابات صعبة وعنيفة وكانت الميليشيات تقتل بعضها البعض فى الشوارع؛ كذلك الأمر فى مصر، فهناك مجموعة من المشكلات: الاجتماعية والاقتصادية والدينية والمذهبية، سمها ما شئت.
** بعد الحلقة الأولى والوحيدة من برنامجك تم تحرير بلاغات ضدك بتهمة إهانة الجيش؛ هل يمكن أن تحدثنا عن هذه القضايا؟
لقد قيِل لى أن ما يزيد عن 40 إتهامًا موجهًا ضدى، ولكن إلى الآن لم يتم استدعائي من قِبل النائب العام.
** لقد حظيت بدعم شعبى عندما تم التحقيق معك بتهمة إهانة “مرسى” داخل مصر وخارج مصر؛ هل مازال الناس يدعموك خلال هذه القضايا الحديثة؟
هناك بعض الدعم من داخل وخارج مصر، هناك بعض الناس سعداء بتوجيه بلاغات ضدى.
** لقد كنت ناقد قوى للرئيس “مرسى” والإخوان؛ ماذا رأيك فى الموقف الذى أوجدوا أنفسم فيه؟
إن الاخوان لم يستمعوا إلى تحذيراتنا العام الماضى، لقد قلنا لهم إنكم تسقطون أنفسكم وتسقطون الجميع ولكنهم لم يستمعوا؛ بالنظر إلي أكبر خطابات “مرسى”، خلال الأشهر الماضية، ستجد أنه وضع نفسه مع المتطرفين والجهاديين والمتعاطفين مع تنظيم القاعدة؛ إن السيناريو الأسوأ الذى راود الكثيرين هو الاختيار إما بين حكومة دينية متطرفة أو ديكتاتورية مدعومة من الجيش وكان الكثيرون على استعداد لاختيار الجيش لأنه – على أقل تقدير – سيترك لنا المساحة الشخصية، ولكن الحكومة الدينية المتطرفة ستغلق المساحة الشخصية والسياسية.
** إن منع برنامجك تم قبل دقائق من إذاعة الحلقة الثانية وكان هناك توقع كبير بأنك ستُغضب المؤسسة العسكرية بهذا البرنامج أم أنك ستُغضب إدارة قناة CBC، ماذا حدث؟
القصة الرسمية هى أن القناة سحبت البرنامج لأسباب مالية، نحن لم نفهم ذلك لأننا أرسلنا الحلقة كما كان مفترضًا؛ إن هذه الرواية كانت ستبدو منطقية إذا لم نستمر فى التصوير، ولكنهم لم يمهلونا فرصة للالتزام بالجانب الخاص بنا فى التعاقد.
** يبدو هناك بعض التناقض فلو كان برنامجك الأكثر شعبيةً فى مصر، فكيف يكون هناك عوائق مالية لبثه؟
هم يقولون إننا لم نحترم اتفاقنا ولكن كان لديهم حلقة ولم يعرضوها ثم بعد ذلك أوقفوا البرنامج، أنا لا أعرف ما هو تعريفهم للمشكلات المالية.
** ما هو مستقبل برنامجك؟
هذا البرنامج يعكس جهد كبير لفريق العمل به ومن العار إيقافه لذلك سأفعل ما بوسعى لعودته مرة أخرى على أى قناة.
** هناك العديد من الأنباء عن إنتقالك إلى “دويتشه فيله”، هل ستنتقل ببرنامجك إلى قناة غير مصرية؟
هذه الأخبار غير صحيحة، فإن “دويتشه فيله” هى واحدة من القنوات المهتمة، ولقد استقبلنا عروض كثيرة من داخل مصر ومحطات عربية أخرى مقرها مصر مثل روتانا وMBC ونأخذ فى الاعتبار جميع العروض، ولكن اتخاذ شاشة ألمانية لعرض البرنامج هو أمر مشكوك فيه ولا أعتقد أننى سأفعل ذلك.
** ما الدور الذى لعبه الإعلام المصرى فى الحياة السياسية منذ الإطاحة بـ”مرسى” فى يوليو الماضى؟
العديد من المقدمين ذهبوا إلى أقصى النقيض وكانت لغتهم بها قد من الاستفزاز والتحريض على المزيد من العنف والكراهية، البعض قد يفهم تصرف هؤلاء على ذلك النحو لأنهم كانوا ضمن قائمة مستهدفة وقد كنت ضمن هذه القائمة لو استمر مرسى فى الحكم.
** عندما تقول قائمة مُستهدفة، هل تعنى أنك كنت مهددًا جسديًا؟
لقد كان هناك قائمة باسماء مجموعة من العاملين فى الإعلام الذين سيتم احتجازهم وقد أعطيت الأوامر لوزراة الداخلية ولكنها لم تنفذ هذه الأوامر.
** هل شعرت مُطلقًا بالتهديد من قِبل خصوم لك؟ هل فكرت طويلًا فيما يذاع ولا يذاع؟
هناك رقابة ذاتيه فى كل مكان وكل شخص لديه الرقابة الذاتية الخاصة به، حتى أثناء حكم مرسى كنا حريصين فيما نذيعه لأنه فى ذلك الوقت كنا نتعامل مع الخط الأحمر الخاص بالدين والعديد من الناس يشعرون بالحساسية عندما يتعلق الأمر بالدين، أما الآن فأنت تتعامل مع خط أحمر آخر وهو الجيش وهى مسألة، أيضًا، تعتبر حساسة لبعض الناس.
** تكريمك الليلة من قِبل لجنة حماية الصحفيين بجائزة حرية الصحافة، وفى ظل ما تشهده مصر على الصعيد السياسى، فى رأيك ما الدور الذى يلعبه الكوميديان؟
إن الكوميديا سلاح سرى رائع بالنسبة للناس للتعبير بطريقة غير تقليدية؛ ربما تؤدى الكوميديا إلى إزاحة المواقف التى يشبوها التوتر، وتجعلهم يعيدون التفكير فى مواقفهم من خلال الكوميديا.
** بعد مرور ثلاث سنوات منذ الإطاحة بـ”حسنى مبارك”، فى رأيك ما أهم الدروس من تلك الفترة؟
أهم الدروس هى أن مصر لا يمكن توقع ما سيجرى فيها وإذا فكرت فى أنك فهمتها فإنك مُخطأ، وأننا نُبلى بلاءً حسنًا كوننا أفضل مسرحية فى العالم.
** لقد تم انتقادك بشدة من مختلف الطيف السياسى منذ قيام الثورة ولكن هل النقد الذى تتلقاه منذ الإطاحة بـ”مرسى” يختلف عن غيره؟ هل تتوقع أن تجد نفسك فى وضع مختلف بعد رحيل “مرسى”؟
نحن نتوقع أن يغضب علينا بعض الناس، لأننا نعلم أننا سنُغضب البعض، ولكن اللافت هو أننا سنُغضب المتطرفين على الجانبين وهى طريقة جيدة جدًا لتنقية جمهورك ومعجبيك.