بينما رحب كثير من السوريين بتشكيل جبهة إسلامية في سورية تضم سبعة من أكبر الفصائل المقاتلة على الأرض، أظهرت مجموعة منهم غضباً عارماً من هذه الجبهة وبدأت محاربتها فور الإعلان عن تشكيلها.
كانت هذه الجماعة من ” علمانيين وليبراليين ويساريين” تنادي بتوحيد الفصائل وتوجيه البندقية للأسد، فلما توحدت أكبر الفصائل المقاتلة مع بعضها جن جنونها وظهرت عنصريتها ” وفلوليتها” نسبة إلى الفلول الذين يتربصون بالثورة.
المصيبة، أن هؤلاء الذين لا يريدون للثورة السورية أن يخطفها الإسلاميون، لم يشاركوا في الثورة يوماً وهم يقطنون هناك في باريس أو إستنبول أو كندا أو غيرها، لم يستخدموا السلاح ضد الأسد بل لا يعرفون كيفية استخدامه، ومع ذلك يريدون أن يمثلوا الثوار في الداخل.
هم يقبلون بل يصفقون لديمواقراطية فرنسا مثلاً، مع أنها تمنع الأذان وتمنع الحجاب في المدارس، بل ولا تسمح للمسلمين بالعطلة يوم عيد الفطر أو عيد الأضحى، ولكنهم يدّعون الخوف على الأقليات في سورية، ولا يعرفون أن اليهود والمسيحيين عاشوا أكثر من ألف عام في ظل الدولة الإسلامية بكل حرية ودون أي اعتداء.
هؤلاء المعارضون الذين يكن لهم كثير من الشعب السوري الكره بسبب ابتعادهم عن هموم الثورة واتجاههم لبناء الأمجاد الشخصية، لا يتورعون عن الإساءة إلى الثوار كل يوم وإلى كل من يدعمهم، حتى ذهب هيثم مناع مثلاً إلى تقديم شكوى للمنظمات الدولية ضد طيب رجب أردوغان لأنه كما قال يساعد في إدخال المقاتلين الأجانب إلى سورية.
هيثم مناع وهو معارض مرفوض – مكروه في سورية وليس له شعبية في مدينته ولا حتى في قريته لم يقدم شكوى بحق موسكو التي ترسل المقاتلين بعلمه، ولا بحق طهران التي تكاد تحتل سوريه بكامل ترابها.
يصرحون بجمل هي أقرب إلى الحماقة منها إلى العقل مثل: الإسلاميون يختطفون الثورة السورية النبيلة، بمعنى أن المسلمين غير نبلاء وأنهم هم النبلاء الذين لم يرفعوا راية ضد الأسد. وعندما يقول أحدهم أن الإسلاميين يختطفون الثورة، فلا بد أنهم يختطفونها من أحد، فليت هؤلاء “الأذكياء” يخبروننا عن أولئك الذين اختطفت منهم الثورة، وأي فصيل من الجيش الحر ادعى أمامهم أن الثورة خطفت منه. وهل هناك فصيل يمثل هيثم مناع وهيثم حقي أو غيره على الأرض السورية وتعرض للأذى من قبل الجبهة الإسلامية التي بالكاد بدأت منذ ثلاثة أيام.
هل للعلمانيين أي فصيل يقاتل الأسد أو انتفض ضده، فممن اختطف الإسلاميون الثورة إذاً. يحاولون إيهامنا أن الشعب السوري بوذي أو مجوسي ثم جاء الإسلاميون واختطفوا ثورته، متناسين أن من أوائل شعارات الثورة التي رفعت “هي لله هي لله” ، “وقائدنا للأبد سيدنا محمد”. كل هذا لم يره هؤلاء ويدعون أنهم أصحاب الثورة وهم لا ناقة لهم فيها ولا جمل، تركوا الإسلاميين في الميدان وحدهم يدافعون عن شرفهم وعرضهم ونسائهم ، ثم يأتون بعد ذلك ليدعوا امتلاك الثورة وحق التحدث باسمها.
طالبنا هؤلاء العلمانيين ونطالبهم اليوم، أن يدخلوا أرض سورية ويحاربوا الأسد ويشكلوا الفصائل التي يحبونها وليسمونها ما شاءوا من لينين وانتهاء بفيديل كاسترو وسنصفق لهم. ليتهم يأتون إلى سورية ويقاتلون الأسد ويختطفون الثورة وسنبارك لهم اختطافها.
على الأقل نريد منهم أن يتوقفوا عن تلقي الأموال والاستمتاع بها على حساب الدم السوري، وأن يرحمونا قليلاً من صورهم وفلسفتهم الفارغة على الفضائيات العربية.
ألا يرى هؤلاء المنظرون أنهم في الوقت الذين يقدمون أنفسهم على الشاشات بربطة العنق وبكامل أناقتهم، يكون المجاهدون في ساحات القتال وقد عفرّت ملامحهم بالتراب، بتراب سورية طبعاً.
الإسلاميون يقاتلون بدمائهم ويذيقون العدو الويلات ثم يأتي هؤلاء للقفز في مركب الثورة، ليس فحسب بل ويدعون أنها ثورتهم، وهي منهم براء.
نحن وبمنتهى الوضوح مع الجبهة الإسلامية، ونطالب الفصائل الأخرى كافة بالانضمام إليها والعمل تحت رايتها. كما نطالب الائتلاف الوطني بالاعتراف بها رسمياً وبالاعتراف بجناحها السياسي وتمثيله في مؤتمر جنيف في حال انعقاده.
د. عوض السليمان. دكتوراه في الإعلام.فرنسا