أثارت حملة لتصوير المتحرشين أطلقتها عدد من الفتيات السعوديات على موقع تويتر جدلا كبيرا في البلاد، حيث اعتبر البعض أن الفكرة ستساهم في الحد من هذه الظاهرة، فيما اعتبرها آخرون دعوة غير مباشرة لـ”التشهير”.
وتدعو الحملة التي تحمل عنوان “حملة تصوير المتحرش والتشهير به” الفتيات السعوديات إلى تصوير الشباب الذين يتحرشون بهن مع سياراتهم، في محاولة لتعريف المجتمع والشرطة بهم ولفت نظر العالم لظاهرة بدأت تتزايد مؤخرا في المجتمع السعودي المحافظ.
وتجاوب عدد من الشباب والفتيات مع الحملة الجديدة، حيث قاموا بنشر صور لبعض المتحرشين مع إظهار أرقام سياراتهم، فيما دعا بعضهم إلى نشر فيدوهات توثق تلك الحوادث.
وكتب المغرد سليمان الدوسري “يجب ان يكون هناك تشهير للمتحرش او المهرب للمخدرات و غيرهم عشان (كي) لا يعيدون الكرة”، فيما كتب مغرد آخر “المتحرش يجب التشهير به، ولكن الحذر واجب من الانسياق خلف تصفية الحسابات”.
ونشرت مغردة تدعى ريم صورة تتضمن كتابات لبعض الدعاة “المؤيدين” للمتحرشين، وعلقت بقولها “ﻻقانون يحمينا.. والمطاوعة يحرضون على التحرش”، وخاطبت الفتيات اللواتي يتعرضن للتحرش بقولها “صوريه وافضحيه وﻻ تنسون. اضربيه بالجزمة”.
وكان الداعية السعودي أبو زيد السعيدي أثار جدلا كبيرا مؤخرا حين دعا إلى التحرش بالنساء المطالبات بقيادة السيارة، وكتب السعيدي ردا على حملة “قيادة 26 أكتوبر” تغريدة تتضمن الفاظا مسيئة للنساء القائمات على الحملة وتدعو الشباب للتحرش بهن.
واستنكر عدد كبير من الشباب السعودي تصريحات السعيدي ودعوا السلطات إلى معاقبته.
وانتشرت حملة تصوير المتحرشين بشكل كبير على موقع تويتر، حيث بلغ عدد التغريدات التي تم إحصاؤها ضمنها حوالي 1100 تغريدة، حسب حساب “هاشتاق بالإحصائيات” المتخصص بإحصاء التغريدات على موقع تويتر.
وانتقد بعض الناشطين الحملة، واعتبر أن نشر صور المتحرشين مخالف للقوانين وفقاً لنظام الجرائم المعلوماتية المعمول به في الجهات القضائية والتنفيذية، مؤكدين أن للمشهر به الحق في ملاحقة المخالفين قضائيا.
وأوضح المستشار القانوني سعيد آل مستور لصحيفة “الوطن” السعودية أن نشر صور المتحرشين في مواقع التواصل للتشهير بهم يعد جريمة بعرف القانون، مشيرا إلى أنه كما يحق للمتحرش مقاضاة من نشر صورته حتى لو ثبت تحرشه.
وأضاف “لا توجد طرق نظامية للتشهير إلا إذا صدر نظام التحرش الذي يتتم دراسته حاليا، وغير ذلك يعد من الجرائم المعلوماتية المجرمة نظاميا”.
وكان مستخدمو المواقع الاجتماعية تداولوا مؤخرا عددا من الفيديوهات توثق لحوادث تحرش، أبرزها حادثتي تحرش شباب بفتيات في “مجمع الظهران” في الخبر (شرق) واعتداء شاب على فتيات في مدينة جدة (غرب)، وغيرها.
وأثارت الحادثتين استنكار عدد كبير من الشباب السعودي، واعتبر بعضهم أن الجناة قاموا بفعلتهم بسبب غياب قانون يردعهم في البلاد.
بالمقابل، ندد عدد من المغردين بنشر صور تُظهر وجوه المتحرشين، وطالب بعضهم بإخفاء معالم الوجه منها لـ”هدم مستقبل” المتحرش بسبب “غلطة صغيرة ارتكبها في لحظة طيش”.
وأكد أحد المغردين أن هذه الصور “قد تستغل من قبل ضعفاء النفوس للتشهير بمن لهم معهم خلافات شخصية، وقد تستخدم في ذلك أسماء وحسابات وهمية”، وأضافت فاتنة “مؤسف ان نصل الى هذه المرحلة الهمجية للدفاع عن انفسنا وكأننا في غابة متى نرتقي بقانون يحمينا بطريقة حضارية؟”.
وتتزايد الدعوات في السعودية لإصدار قانون لمكافحة التحرش في ظل تكرار عمليات التحرش ضد النساء في البلاد، ويتساءل بعض المراقبين عن دور “هيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكي” الذي يبدو أنه لم يعد كافيا للحد من ظاهرة تزايدت بشكل لافت في السنوات الأخيرة.