وعد الحاخام اليهودي ( عوديا يوسف) بإرسال ناخبيه الى الطبقة الخامسة من الجنة إذا انتخبوه. ووعدت النائبة البرلمانية ( فوزية الجشعمي) بأن ترسل ناخبيها إلى الجنة مصاحبة أياهم).
الإنتخابات القادمة في نيسان من العام القادم لا تختلف عن سابقتيها في كل الأحوال، إلا من الناحية الشكلية، فهي وفق الدستور تعد باطلة فهو ينص بأن القوانين ترسل من قبل مجلس الوزراء كمشاريع إلى البرلمان لغرض المصادقة عليها وهذا ما لم يحصل. والكل يعرف بأن المولودة القادمة( الإنتخابات) كان مصيرها الوأد المحتم، لو لا إصرار القابلة المأذونة في البيت الأبيض. فقد وجه الرئيس أوباما ضيفه المالكي في زيارته الأخيرة بأن يكف عن الاعيبة المكشوفة لإعلان حالة الطواريء بذريعة سوء الأوضاع الأمنية لتأجيل الإنتخابات، والتي لم تعد تنطلي على أحد، منوها بأن إدارته قد صبرت طويلا وبما فيه الكفاية على إدارته الهوجاء وسياسته الرعناء، ومحذرا بأن موعد الإنتخابات خط أحمر لا يسمح للمالكي أو غيره أن يسحب البساط من تحتها مهما كانت ذريعته.
الإنتخابات ستجري كالسابق في ظل عدم وجود وعي إنتخابي وتفاقم مسألة الإنتماء الطائفي والديني والعنصري، لا نتوقع أن ينتخب أحد من أهل السنة العناصر الموالية لإيران من من حزب الدعوة أو المجلس الأعلى أو حزب الفضيلة أوحزب الله. ولا نتوقع أن ينتخب أحد من الشيعة النجيفي أو المطلك او الكربولي وغيرهم، ولا أحد من الأكراد سينتخب مرشح من العرب، والعكس صحيح، وكذلك الأمر لبقية الأقليات. ولا نظن إن الحوزة العلمية ستقف على مسافة واحدة من كل القوائم، فالكذب والدجل سجيتها، والدورتان السابقتان أفضل دليل. سترسل كالسابق جنود الظلام خلسة الى العشائر، وتتحرك بخفة الساحر لبث الروح مجددا في شعار نصرة المذهب والخشية من إضاعة الفرصة الذهبية في الحكم، والتخويف من الظلاميين والتكفيريين وأزلام النظام السابق وغيرها من الإسطوانات المشروخة التي نسمعها منها، ومن وليدها العقور نوري المالكي.
الوعي الإنتخابي هو العامل الرئيسي في إرساء الديمقراطية وإنجاح عملية الإنتحابات في أي بلد، وبدونه تبدو العملية مجرد لهو ومزاح وإضاعة وقت وهدر مال وإشغال الناس عن همومهم الحقيقية. فقد وضع المنظرون في علم السياسة مجموعة من المعايير المتعلقة بالوعي الإنتخابي، فيما يخص المرشح للإنتخابات والناخبين والدعاية الإنتخابية، من أبرز ما يخص المرشح هو المؤهل العلمي ويفضل أن لا يقل عن المستوى الجامعي، والنزاهة، التي يقصد بها إن لا يكون مدانا بجريمة من الجرائم التي يحاسب عليها القانون كالسرقة والقتل والتهريب والتزوير والفساد المالي والأخلاقي. من ثم الثقافة العامة والحصرية والدولية، ويقصد بالثقافة العامة معرفته الأولية ببقية العلوم وكلما توسعت وتنوعت كلما كانت مؤشرا يصب في مصلحته. والعلوم الحصرية يقصد بها العلوم ذات العلاقة بعمله النيابي كالسياسة والإقتصاد والقانون والمالية. ويقصد بالدولية معرفته بالقانون الدولي والإتفاقيات الدولية والأمم المتحدة ومؤسساتها ووكالاتها ومباديء الميثاق والصكوك الدولية، ويدخل في هذا الإطار المنظمات الدولية والأقليمية ومؤسسات المجتمع الدولي. من ثم أن يكون عنده إلمام بالعمل البرلماني وطبيعة دوره القادم، علاوة على رؤيته وتفاعلة من الآخرين أو ما يسمى بالعلاقات العامة، وخبرته إن كان نائبا سابقا. من ثم ضرورة معرفة المرشح بأن الإنتخاب هو تكليف وليس تشريف، ومقياس نجاحه هو مقدار ما يحققه لناخبيه من آمال يرتقبونها منه.
من البديهي إننا لوطبقنا هذه المعايير على النواب العراقيين خلال الدورتين السابقتين سوف تنطلق من أفواههنا قهقهة عالية بشكل تلقائي وعفوئي. فباب الدخول للبرلمان مخصص للمزورين والمهربين والفاسدين والمجرمين والإرهابيين والمأبونين والجهلة والطائفيين والدجالين، وباب الخروج منه مخصصة للأثرياء والأتقياء والفضلاء والزاهدين والوطنيين والعلماء وبقية الأغطية! أما كيف تدخله شحاذ وفاسد وتخرج منه مليونير وحاج؟ فهذا ما لا يخفى عن الجميع.
أما المعايير المتعلقة بالوعي الإنتخابي للناخب، علاوة على الثوابت القانونية المتعلقة بالسن القانونية والسلامة العقلية، وغيرها من الشروط، فقد وضع المنظرون السياسيون عوامل أخرى لا تدخل في السياقات الدستورية رغم أهميتها القصوى في العملية الإنتخابية، ومنها الوعي السياسي للناخبين ويقصد به مستوى معرفتهم بأهمية العملية الإنتخابية ودورها في تطوير شؤونهم الإجنماعية و السياسية والإقتصادية، ومنها التسامح الفكري والعقائدي من خلال الإبتعاد عن التعصب الديني والمذهبي والعنصري والقبلي والعشائري. والقابلية على تشخيص المشاكل وحصرها والرؤية العلمية لحلها، وذلك من خلال الإطلاع على البرامج الإنتخابية وتمييزها وفق عاملي الأهمية والأسبقية. والإطلاع الكامل على سيرة المرشحين وفق ما يدون في سجلاتهم الإنتخابية من معلومات، والتي على ضوئها سيتم مدٌ جسور الثقة والقناعة بين المرشح والناخب. والحصانة الذاتية ضد الدعايات الإنتخابية الزائقة والتي تبنى على أساس الوعود والإغراءات والهدايا والوعود بمناصب وإمتيازات خاصة للناخبين. ثم تشخيص سلبيات وإيجابيات المرشحين ممن كانوا نوابا في دورات سابقة وتقييم إدائهم السابق وإستبعاد من لم يثبت كفائته وتفاعله مع ناخبيه. من المهم جدا إستحضار الناخب للوعود السابقة التي قدمها النواب السابقون والمرشحون مرة أخرى، وهل حققوا وعودهم أم نكثوا بها، فكما يقال المؤمن لا يلدغ من جحر واحد مرتين. والإلتزام بوعود ما قبل الإنتخابات هي مسألة دينية وأخلاقية أكثر منها سياسية، حيت يقاس عليها مصداقية المرشح. فالتحولات القادمة مرتبطة ارتباطا عضويا بطبيعة هذه البرامج مما يستوجب التأني والتفكير العميق والمقارنة العقلانية بين البرامج قبل إتخاذ القرار الحاسم في الإختيار. وهذا يعني إن جميع النواب المسؤولين في الدورتين السابقتين في العراق لا يصلحوا لتولي أي مهام رسمية قادمة، ولابد من وطأهم تحت مداسات الناخبين.
من ثم البرامج الإنتخابية، حيث يفترض من كتلة سياسية أوحزب سياسي أن يعرض برنامجه الإنتخابي للدورة القادمة والذي سيعمل وفقه، ويلتزم بتعهداته حرفيت مع ناخبيه بعد فوزه في الإنتخابات، وهذا ما يسمى بالبرامج الإستراتيجية التي سيعول عليها في تعبئه الناخبين وإستقطابهم. ومدى واقعية البرامج الإنتخابية في تشخيص الخلل في المجالات السياسية والإقتصادية والإجتماعية والثقافية والخدمية، وهذه الأمور هي التي تولد القناعة عند الناخب لتفضيل مرشح أو حزب عن بقية المنافسين. على الصعيد المحلي يلاحظ بأن الفساد السياسي والمالي، والتعصب الطائفي، والفقر، الجهل، الجوع، البطالة، الأزمات المستديمة، إنخفاص مستوى الخدمات بشكل عام. هي المشاكل الجوهرية التي يعاني منها العراق. مما يتطلب تقييم البرامج الإنتخابية وهل هي شاملة ومتكاملة وعملية لتحقيق الإصلاح السياسي والإقتصادي، وتقليل التفاوت الطبقي وتحقيق المساواة؟ بمعنى هل يمثل البرنامج الإنتخابي مطامح وآمال الناخبين أم هو بعيد عنها؟
الدعاية الإنتخابية كما عرفها دنيس ماكويل هي مجموع جهود الإتصال المحددة بزمن معين بالإعتماد على السلوك الجمعي أو المؤسساتي المتناغم مع المعايير والقيم المتعارف عليها، الغرض منها التأثير في توجهات جمهور الناخبين لتحقيق أهداف معقولة ومقبولة جماهيريا. فهي إذن إحدى حقوق المرشحين الرئيسة التي تؤطر العملية الإنتخابية بالإرتباط والتواصل بين المرشح من جهة والناخب من جهة ثانية. حيث يحاول كل قطب ان يتقرب من الآخر من خلال قوة التجاذب لتأمين الطاقة الدافعة للتفاعل من البرامج الإنتخابية المطروحة على الساحة. إن الغرض من الدعاية الإنتخابية هو تعريف المرشحين أنفسهم وتسويق سيرتهم وخبراتهم ومعارفهم ومستواهم الأكاديمي في سوق الناخبين، وإستخدام التقتيات الدعائية في التأثير على سلوكهم، وهي ترتبط إرتباطا وثيقا بالبرنامح الإنتخابي الي يروج له المرشح. والدعاية الإنتخابية لكونها العامل الرئيس في نجاح المرشح، لذا فإنه يحاول أن يبذل أفضل ما لديه من مؤثرات فنية ولغوية وثقافية وإعلامية لإستقطاب جمهور الناخبين. فالدعاية الإنتخابية في معظم الأحيان تكون المرآة العاكسة لشخصية المرشح ومستواه الثقافي والعلمي.
ومن الملاحظ في الإنتخابات السابقة في العراق كانت قوى الشد الطائفي والعنصري هي العوامل الرئيسة التي إعتمدها المرشحون في تسويق أنفسهم للجماهير، وكان للحوزة العلمية والشعارات التي رفعت تحت شعار نصرة المذهب والحفاظ على بيضته وعدم فسح المجال أمام الغير لتولي كرسي الحكم هي العوامل الرئيسة التي حكمت الدعاية الإنتخابية والتي كانت وراء صعود أفسد خلق الله الى البرلمان والحكومة رغم إن المرجعية هي التي زكتهم وباركتهم من ثم إنقلبوا عليها فإتقلبت عليهم! ولكن بعد خراب العراق.
صحيح إن العراق جديد على المسرح الديمقراطي، ومن الطبيعي ان تكون هنات هنا وهناك، لكن ليس من المنطق أن تصل حقارة الناخب ودجله الى المستوى الرقيع الذي يعتبر ان قائمته هي قائمة أهل البيت، وان من لا يتنخبها يبرأ منه أهل البيت أو يعاديهم، او إن زوجته تكون بحكم الطالق منه وغيرها من هذه الترهات التي تعبر عن ضحالة فكرية ونهج ضال ودعاية فاسدة وتلاعب بالقيم السماوية. لذا كانت نتائج الإنتخابات السابقة بمستوى عقلية المرشحين والناخبين والمرجعية، فقد عرت السنوات العجاف الماضية وجوه النواب وإظهرت حقيقتهم أمام الشعب. لذا لم يكن من المستغرب أن يصف أحد النواب العراقيين بعد مطالبتهم من قبل المتظاهرين بإلغاء الراواتب المليونية والإمتيازات الخارقة ب كلمة” دايحيين” وقد علقت إحدى الكاتبات العراقيات على كلامه بأنه” لو لم يكن الشعب دايح فعلا، لم كان قد إنتخب دائحا مثلك”.
أو أن تظهر إحدى النائبات العراقيات بسابقة إعلانية خطيرة كأننا نعيش في العصور الوسطى”آخيتك في الله وصافيتك في الله وصافحتك في الله وعاهدت الله وملائكته وكتبه ورسله وانبياءَه والائمة المعصومين عليهم السلام على أنني إن كنت من أهل الجنة والشفاعة وأذن لي بأن أدخل الجنة لا أدخلها إلا وانت معي، من آخاني يكتب قبلت”. والمصيبة أن يرد عليها جمع من الشواذ والجهلة والمنحرفين بكلمة” قبلت”! هذا هو مستوى المرشح العراقي، وهذا هو مستوى الناخب العراقي، وهذا مستوى الدعاية الإنتخابية في العراق الديمقراطي الجديد.
ربما يظن البعض إن مثل هذه الدعاية الإنتخابية ستطيح بالنائبة ولا تقوم لها قائمة بعد إعلان برنامجها الإنتخابي المفلس. نقول لهذا البعض إنك على وهم كبير. لأن الواقع الحالي يئن من وطأة الجهل والضلال والتخندق الطائفي والعنصري.
في ظل وجود حوالي(7) مليون أمي في العراق الديمقراطي الجديد، هل يظن أحد إن هذه النائبة الضحلة سوف لا تنجح؟ وفي ظل كل هذا الشد الطائفي كيف لا تنجح مثل هذه الدعاية التافهة؟ المثير للعجب في سفسطة النائبة، إنها تشترط! هل هناك من تشترط على الله تعالى بأن لا تدخل الجنة إلا ومعها جمهرة ناخبيها؟ هل ضمنت النائبة الجنة لنفسها لتضمنها للآخرين. ثم من أذن لها بالشفاعة لتشفع بها على الناخبين؟ وأين هي من قول الله تعالى في سورة الزمر/43((أم اتخذوا من دون الله شفعاء قل أولو كانوا لا يملكون شيئا ولا يعقلون)). وفي سورة يونس/18((ويعبدون من دون الله ما لا يضرهم ولا ينفعهم ويقولون هؤلاء شفعاؤنا عند الله قل أتنبئون الله بما لا يعلم في السماوات ولا في الأرض سبحانه وتعالى عما يشركون)). وفي حديث للنبي(ص) قال فيه ” فيوَذن للملائكة والنبيّين والشهداء أن يشفعون فيشفعون ويخرجون من كان في قلبه ما يزن ذرة من إيمان”. (أخرجه أحمد4/43). فهل الجشعمي من الملائكة أو الأنبياء أو الشهداء؟
ثم ما الذي قدمته الجشعمي وبقية النواب والنائبات للعراقيين سوى مكبات من الفساد المالي والإداري والأخلاقي. فهل الفاسدون والفاسدات يدخلون الجنان ويشفعون للغير؟ وهل هناك مؤمن وعاقل يرضى أن يتآخي مع شياطين الأنس؟ وعلى ماذا؟
البعض قد يستغرب بأنه لا الحوزة العلمية ولا مقتدى الصدر(بإعتبار النائبة من التيار الصدري) ردوا على هذه النائبة المنفلته وشفاعتها. أما السبب فلأنهم لا يقدرون على ذلك وإلا لأحرجوا أنفسهم بالخروج عن العقيدة! لأن الشفاعة مضمونة لأتباع آل البيت مهما فعلوا ومن رذائل وموبقات وكبائر وشرور. الزنا والسرقة والقتل والسلب والكفر والخيانة والسحر والربا وقذف المحصنات والعدوان على الخير، كل الشرور مغفورة لهم، وستلحق الذنوب بأهل السنة وتستبدل بحسناتهم! بموجب عقيدة الطينة. والنبي المصطفى كما في أحاديثهم قد تشيع حتى قبل ظهور فكرة ومذهب التشيع! فقد ذكر الشيخ الصدوق بن جعفر محمد بن علي القمي” قال النبي (ص) لعليٍّ: يا علي إن الله تبارك وتعالى حملني ذنوب شيعتك، ثم غفرها لي وذلك قوله تعالى﴿ ليغفر لك الله ما تقدم من ذنبك وما تأخر﴾”.(علل الشرائع/208). ونسب اللهلوب إبن شهراشوب عن جعفر بن محمد القول ” واللّه لنشفعن لشيعتنا، واللّه لنشفعن لشيعتنا، واللّه لنشفعن لشيعتنا، حتى يقول الناس فما لنا من شافعين ولا صديق حميم”. (المناقب2/14). ربما إنطلقت النائبة الجشعمي من هذه الأحاديث وضمنت الجنة والشفاعة لنفسها ولناخبيها؟ لم يدرك البعض لحد الآن بأن الإنتخابات هي تقرير مصائر وليست دغدعة مشاعر. إنها مسيرة المستقبل وليست العودة إلى الماضي. إنها قضية شرعية وأخلاقية وليست مناصب وإمتيازات.
علي الكاش
كاتب عراقي