إستحضرت حادثة الإعتداء الهمجي التي قام بها عدد من رعاع آل البيت في بصرة التخلف والضلال والخراب، بعد أن كانت سابقا بصرة الكرم والإصالة والتحضر، الكثير من الأفكار والحوادث الماضية ذات الصلة بالواقعة الجديدة، ورغم ان الإعتداء يحمل كل صفات الخزي والجبن والرعونية والهمجية، لأن الهجوم على شخص أجنبي وإستفراده من قبل جمهرة من الرعاع بقضبان الحديد والعصي والأيدي والأرجل ليس فيها أية رجولة. وترجو أن لا يفهم بأن الغرض من حديثنا الدفاع عن هذا البريطاني الذي ما تزال جرائم بلده ماثلة في العديد من بيوت العراق. ولكن أيضا كمسلمين لا يجوز أن نحمل كل بريطاني جريرة جرائم حكومتة فالكثير من البريطانيين كانوا ضد الغزو الغاشم، ورئيس وزرائهم السابق توني بلير يمثل أمام المحاكم البريطانية بتهمة العدوان على العراق وعدم وجود مسوغات قانونية للحرب ومشاركة بريطانيا فيها. في حين لم يمثل أحد من نجوم الحرب الامريكية على العراق أمام المحاكم الامريكية على أقل تقدير.
جريمة هذا الرجل إنه مكلف بحماية شركة اجنبية ينتفع منها أهل البصرة، ويعمل فيها العديد من العمال المحليين ومنهم أولئك الرعاع. منع الأجنبي شلة التخلف من تعليق صور الإمام الحسين واللافتات الثأرية على جدران الشركة الأجنبية، وهذا جزء من صلب واجباته، وربما من ضوابط الشركة التي يفترض أن تُحترم من قبل الشلة مثلما يريدون ان تحترم شعائرهم اللاإسلامية. ولا نعرف إن كان الحسين من حرضهم على الهجوم أو غيره؟ لأنه عندما كانوا يمارسون همجيتهم رددوا شعار “لبيك يا حسين”. بمعنى إنها توصية من الحسين للإعتداء على من يمس الشعائر الصفوية. وقبلها تعرض أحد المهندسين المصريين إلى الإعتقال لأنه وجه نقدا لممارسات الهرطقة العاشورية، وهذه رسالة مهمة لشيخ الأزهر الذي أفتى بتدريس المذهب الإمامي في الجامع الأزهر الذي يبدو إستغفالا أكثر منه تسامحا.
على أثر الإعتداء أوقفت شركة(بيكر هيوز) النفطية عملها، وباشر معظم الخبراء والعاملون الأجانب بالرحيل من فردوس الولي الفقيه، بحيث أجرت طائرات إضافية لنقل الأجانب على وجه السرعة وسيباشر قريبا الخبراء الروس وبقية الأجانب بالرحيل، ويمكن بعدها لرعاع آل البيت نهب وسلب الشركة من ثم تخميس المال السحت، وربما تحويل مقر الشركة إلى(حسينية بيكر هوز). فالحاجة إلى اللطم والنحيب حتى الثمالة أكثر من الحاجة إلى النفط والعمالة. والحاجة إلى الحسينيات أشد من الحاجة إلى الشركات والإستثمارات. لا عجب إن العراق الجديد، وبصرة الولي الفقيه.
ويبدو إن الدين عند أهل البصرة هو ليس دين الإسلام، إنه دين آخر لا يتعلق بسور القرآن وأحاديث المصطفى، بل بصور للأئمة واللافتات الثأرية والإنتقامية، لذلك كانت التهم الموجهة إلى المهندس المصري والبريطاني” إهانة الدين” وليس الشعائر الباطلة، كما اشار أحد عباقرة مجلس إدارة البصرة. لقد تحول الإسلام من فرائض وشعائر وسلوك وإلتزامات إخلاقية واعمال برٌ إلى لافتات وصور تتعلق بالأئمة والثأر لهم! إختزال مجحف بحق الله ورسوله ودينه. فيا لخيبة الإسلام برجاله، والأئمة بأتباعهم.
الخسارة من هذا العمل الهمجي ستطال البصريين قبل غيرهم وهم يستحقوها عن جدارة. ومن المؤكد في الحسابات الإقتصادية إن تعطيل الشركة وتسريح العمال سيمثل خسارة إقتصادية كبيرة للبصرة التي تعاني من قلة فرص العمل والتخلف في كل القطاعات بسبب النفوذ الإيراني الكبير. كما إن بريطانيا التي سمحت بإقامة المئات من الحسينيات على ارضها وخرجت لنا العشرات من العملاء كإبراهيم الجعفري وغيره ستتخذ إجراءات مشددة وربما إحترازية تجاه هذه الحسينيات واللطامة. وإنتشار الفيلم الذي يصور حادثة الإعتداء بسرعة كبيرة، سيولد ضغط من قبل الرأي العام البريطاني على الحكومة لإتخاذ إجراءات تحفظ ماء وجه الحكومة البريطانية على الأقل. والفيلم يمثل دعاية قوية للمستوى العالي من الرقي والتحضر والإشعاع الديمقراطي في العراق بشكل عام والبصرة بشكل خاص.
هناك تعليقات مذهلة من قبل القراء حول الإعتداء على البريطاني، بمستوى يفوق العملية الهمجية ذاتها! فأحد المعلقين كتب مستغربا” كيف لم يشوى ويؤكل هذا البريطاني من قبل أتباع آل البيت”. المعلق يريد من أتباعه التحول إلى آكلي لحوم البشر، بعد إن إنتهوا من مرحلة شوي البشر كما حدث في جسر ديالى ومنطقة الكسرة، حيث شووا رجلين من أهل السنة على التهمة. وآخر يشكك بإن البريطاني لديه اجندة أجنبية ربما من التكفرييين والظلاميين كظلمة عقله الحالك.
سينبري لنا من يقول إنها العاطفة القوية المنفلته والتي يصعب كبحها، سيما إنها جرت في شهر عاشوراء. وهناك من ينبري للقول بضرورة إحترام المشاعر والرموز الدينية وغيرها من التبريرات التي لا يمكن أن تبرر في أي حال من الأحوال الإعتداء الهمجي.
ولكننا سنناقش موضوع ضرورة إحترام المشاعر والرموز الدينية لأن هذا الموضوع محير حقا وله إنعكاسات سلبية على واقع الحال. عندما أشار الرئيس المصري السابق حسنى مبارك إلى أن ولاء الشيعة لإيران وليس لأوطانهم، قامت قيامة الشيعة وإستنفروا الجهود بتظاهرات وإحتجاجات وأرسل السيستاني رسالة إلى الرئيس مبارك يوكد له بطلان هذا الإدعاء. ومع مرور الأيام تبين إن ما قاله الرئيس مبارك كان لب الحقيقة. وعندما قتل الشيخ المنفلت حسين شحاتة المعروف بلسانه القذر في التهجم على أمهات المؤمنين وكبار الصحابة، أقيمت مجالس عزاء في محافظات العراق الجنوبية والوسطى وسُميت أحدى الساحات في الجنوب على أسمه، وأطلق عليه عمار الحكيم لقب الشهيد، وأعتبروا أن ما حصل للرئيس السابق مرسي هو إنتقام من الله على قتل شحاتة فقط، كإنما الرئيس مرسي هو الذي قتله.
وعندما طالب النائب حيدر الملا برفع صور أعداء العراق كالخامنئي والخميني من الشوارع والساحات العامة، ثار أتباع آل البيت وغلى قدر الشفاقية عند الجعفري، فدعا رئاسة البرلمان إلى معاقبة النائب الملا، وطالبه بالإعتذار، لان حديثه” يخدش قدسية البرلمان”. إذن البرلمان العراقي الذي يضم أفسد خلق الله مقدس عند رئيس التحالف الشيعي! ووصل الأمر إلى تشابك بالأيدي بين حيدر الملا وكاظم الصيادي(التيار الصدري) على حلبة البرلمان المقدس. ويرى الجعفري فيلسوف الشعوذة والدجل، وصاحب نظرية (الشفافية) في” الخامنئي والخميني رموز للأمة، وقفوا مع المسلمين في احداث فلسطين وفي جميع المناطق الاسلامية ويجب عدم التجاوز عليهم او اتخاذ موقف ضدهم خاصة وان الامام الخميني والخامنئي كان لهم الدور الواضح في كافة القضايا الاسلامي، ومثل هذه الدرر لها تأثير واضح في جبين الانسانية”. ومن المؤكد إن صاحب الدرر لا يقصد الأمة الإسلامية، حيث 90% من مسلمين العالم لا يرون فيهم رموزا بل مشعوذين ودجالين. أما موقفهم من قضايا الأمة الإسلامية فمعروف للقاصي والداني، ويمكن لمسه في العراق والبحرين وسوريا ولبنان واليمن، فهي مواقف لا تحتاج إلى تعليق.
ويبدو إن الإسهال الفموي كان قويا عند فيلسوف الشفافية فلم يتمكن من السيطرة على لسانه السائب، فوصف كلام الملا “نعيق ونشاز وتطاول”، والطريف إنه شكلت لجنة تحقيقية ضد الملا برئاسة الجعفري الشفاف من قبل قرقوز البرلمان! وحذا رئيس الوزراء بالجعفري حذو النعل بالنعل معتبرا الملا من المثيرين للشغب والقلاقل في البرلمان وطالب بمحاسبته، وهناك من طالب برفع الحصانة عنه، وغيرها من الإجراءات. لاحظ هنا الأمر لا يتعلق بالإساءة للشعائر المذهبية ولا الأئمة، وإنما بشخصيات إجنبية آذت العراق وسفكت دماء شعبه، بل وشعوبهم أيضا.
وفي حادثة أخرى وصف النائب عن القائمة العراقية أحمد العلواني الأمين العام لحزب الله اللبناني حسن نصر الله بالكذاب في برنامج تلفزيوني بثته قناة الرشيد الفضائية. فهاج (إبراهيم الجعفري) ممثل الخامنئي في العراق كالعادة، وأصابه الإسهال الفموي مرة أخرى قائلا” أن سماحة السيد حسن نصر الله نجما لامعا في سماء المقاومة طرزها نصرا في جنوب لبنان”. وطالب بالإعتذار المشروط ” إن الاعتذار يجب أن يكون أمام الملأ! كما أساء للسيد نصر الله إمام الملأ”. الغريب في هذا الأمر إن النجم اللامهع فعلا كذاب، وله الكثير من الأكاذيب والسقطات بإعتراف اللبنانيين قبل غيرهم. فالعلواني لم يأتِ بشيء من جيبه.
قال حسين نصر في بداية الأزمة السورية “أننا لا نتدخل في الشأن السوري”. من ثم أنكر وجود عناصر من حزبه في سوريا. من ثم قال بعدها بأن لديه قوات في سوريا، الهدف منها حماية العتبات المقدسة، ثم تبين في معركة القصير إنه يكذب! لأن القصير ليس فيها عتبات مقدسة. ثم إدعى بعدها إنه يحارب التكفيريين! أليس هذا كذبا أم ماذا؟
وكذبة أخرى للنجم اللامع، عندما إدعى بأن نظام الأسد وقف ضد المشروع الصهيوني وإنه من أنظمة المقاومة العربية ضد الكيان الصهيوني، مع إن الجولان محتلة منذ عقود مضت، ولم يطلق الأسد الأب ولا الجرو طلقة واحدة على الكيان منذ عام 1974. ولو إفترضنا جدلا صحة كلام(النجم اللامع) فإن كان النظام البشاري مقاوما فعلا، فإنه بالنتيجة يشكل خطرا على الكيان الصهيوني، وإزاحته بلا ريب من أهم أهداف الكيان المسخ.
حسنا لنستمع إلى رأي بني صهيون حول النظام السوري المقاوم، ونستشف منه صدق أو كذب(النجم اللامع).
قال وزير دفاع الكيان الصهيوني إيهود باراك بتأريخ 2/8/2011 في حديث متلفز” يمكن للأسد أن يصمد لأسابيع، لكنه غير قادر على البقاء لفترة طويلة، والإطاحة به ليس تطوراً إيجابياً لصالح إسرائيل”.
وأضاف رئيس الهيئة الأمنية والسياسية بوزارة الدفاع الصهيونية (عاموس جلعاد) بتأريخ 16/11/2011 ما نصه” إن سقوط نظام الرئيس السوري بشار الأسد سيترتب عليه حدوث كارثة تقضي على إسرائيل”. وذكر يوأف موردخاي الناطق بأسم الجيش الصهيوني في 14/9/2011 بوجود” يوجد قلق إسرائيلي من سقوط الرئيس السوري بشار الأسد لأنه يقف على جبهة مغلقة منذ سنين طويلة”. وأخيرا فإن الإستفتاء الذي أجرته أبرز الصحف الصهيونية(بديعوت أحرونوت) في نفس العام أظهر نتائجا مذهلة، فقد كانت النتيجة بأن 85% من اليهود يعتبرون بقاء الأسد لمصلحة إسرائيل! هذا أفضل ردٌ على الفيلسوف الخبل ومن يدور في فلك الضلال والدجل.
هذا لا يعني دفاعا منا على العلواني والملا فكل من يشارك في العملية السياسية مسؤول أمام الله وأمام الشعب عن القتل والفقر والجوع والجهل والمرض والتهجير والتقصير بحق العراقيين ولا يستثنى أي منهم. شلة من العملاء والخونة والفاسدين يركبون في قارب امريكي ويمسكون مجاذيف إيرانية، ويبحرون في المتاهات.
لاحظنا إن مشاعر شيعة العراق ذات حساسية عالية إتجاه شعائر عاشوراء وصور الأئمة ولافتات الثأر والإنتقام، وصور فقهاء إيران، والشخصيات الشيعية العربية الموالية لإيران. وهذه الحساسية واطئة إتجاه النبي(ص) والإسلام بشكل عام كما شهدنا في عدة مناسبات منها الرسوم المسيئة للرسول(ص) وإلتزام المرجعية وعموم الشيعة بالصمت إزائها!
من الطبيعي إن من يطالب الآخر بإحترام رموزه وشعائره، يترتب عليه إحترام رموز وشعائر الغير. وإلا فإنه يعاني من إزدواج في الشخصية، وإضطراب في العقل، وتفاقم مركب النقص.
وهناك الكثير من الشواهد ذات العلاقة بالحساسية المفرطة عند الشيعة في التأريخ القريب سنحاول التعرض لها في مقال آخر، بمعنى إن هذه الحساسية لها جذور، وليست وليدة الساعة، ظهرت مع حكم أتباع آل البيت بعد الغزو الغاشم. سنأخذ شاهد واحد فقط ونقارنه بالمواقف السابقة، وهو العمل المبتذل الذي قام به اللقيط(ثائر الدراجي) في مدينة الأعظمية وأمام مرقد الإمام أبوحنيفة بلعن أم المؤمنين وعمر الفاروق، نحت ظل حماية مكثفة من قوات المالكي وصمت مهين من أهالي الأعظمية. وقد أعتبر الشيعى الدراجي ظاهرة جديدة، تستحق الوقوف وتسليط الأضواء عليها! ومن المؤسف جدا إنه لا يوجد ظواهر مماثلة عند أهل السنة على الأقل لحد الآن!
الفيلسوف الجعفري المعتوه الذي كان يتشدق برموزه الإيرانية ويعتبرها رموز الأمة على كيفه، إستضاف على فضائيته العاهرة ما أطلق عليه الظاهرة الدراجية، وإعتبر فعل الدراجي جزء من حرية التعبير، على إعتبار إن العراق الجديد ذو فضاءات واسعة لحرية الرأي والتعبير، مما يسمح للدراجي وأمثاله بالتعبير عن مشاعرهم المريضة بكل وقاحة وقباحة.
الأمر المثير إنه لا يسمح لنائب في البرلمان من التعبير بحرية في رأيه وفي باحة البرلمان بشأن صور لأجانب، مجرد صور! في حين يسمح لصعلوك تافه يسب ويلعن أم المؤمنين والصحابة في منطقة غالبية سكانها من اهل السنة!
ما قام به النائبان الملا والعلواني إعتبره المعتوه تطاولا ونعيقا ونشازا، وما قام به الدراجي أدخله في مجال حرية التعبير!
طلب إزالة صور أعداء العراق والموغلين في سفك دماء أبنائه يستوجب العقوبة والإعتذار من النائب الملا أمام الملأ. لكن سبٌ وشتم أم المؤمنين والصحابة ظاهرة تستحق الإستضافة على الفضائية الشفافة!
ليس من الغرابة أن يتكلم أحد المرضى (الجعفري مريض نفسيا وعقليا حسب التقارير البريطانية) كلاما غير موزونا لأنه إنسان ناقص العقل والبصيرة، والقانون يحمي المجانين والمتخلفين، لكن أن يحكم البلاد رجل معتوه (شغل منصب رئيس وزراء قبل المالكي) فهذا أمر يصعب هضمه! وان يترأس التحالف الشيعي عميل وخبل! إنها فعلا ظاهرة جديدة تستحق الوقوف والدراسة.
علي الكاش
كاتب عراقي