“التشيع أصبح أمرا واقعا”.. هكذا أجاب بصراحة وجرأة رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة، جمال غول، في رده على استفسار لموقع “الشروق”، قائلا بأن المعطيات التي يحتكم إليها تنظيمه تفيد بأن المذهب الشيعي في الجزائر أضحى خطرا حقيقيا، لكونه لا يخضع لهيئة أو منظمة دولية، تمكن من إحصاء أتباعه ومعرفة طبيعتهم، لكنه أكد بأن المذهب الشيعي ينتشر بكثرة في بعض الولايات الغربية، وكذا ببعض الأحياء الفقيرة في العاصمة.
وما يقلق نقابة الأئمة صعوبة إحصاء عدد المنتسبين إلى المذهب الشيعي، لأنهم لا ينشطون في إطار منظمة دولية، ويمارسون طقوسهم في الخفاء بعيدا عن أعين الناس، لذلك لا يمكن معرفة ما إذا كانوا من عامة الناس أم من فئة المثقفين. وما يؤكد انتشار الظاهرة التي أضحت محل اهتمام وسائل الإعلام وفق رأي المتحدث، الجهة أو الدولة التي تستمد منها قوتها، أي الدولة الراعية لانتشار المذهب الشيعي وهي إيران، حسب نقيب الأئمة، بدعوة أن الجزائر محل أطماع، وأن هناك حركة فعلية لهذا المذهب.
وفي تعداده لأسباب انتشار المذهب الشيعي في الجزائر، قال جمال غول بأن أول سبب لتغلغل هذا المذهب فتنة النساء، “لأن الشيعة في أحكامهم الشرعية يبيحون جملة من الأشياء، من بينها زواج المتعة أو التمتع بالنساء، فضلا عن فتنة المال، فأصحاب هذا المذهب يستخدمون المال في نشره تماما مثل التنصير، لذلك فهم ليس لديهم قنوات واضحة، وهم يستغلون “الزردات والوعدات” لنشر أفكارهم. ويعتقد رئيس المجلس الوطني المستقل للأئمة بأن الجهة الغربية للوطن هي الأكثر تهديدا بالمد الشيعي بالنظر إلى انتشار الطرقية فيها، ثم تأتي المناطق الوسطى والجنوبية وبدرجة أقل الشرقية، ولام المتحدث على وزارة الشؤون الدينية كونها تقدم الدعم للزوايا، فضلا عن الدور الذي تقوم به بعض القنوات الفضائية الأجنبية تحت الغطاء الديني.
الأمن على علم بالظاهرة
في حين قلل المستشار السابق لوزارة الشؤون الدينية عدة فلاحي مما تعتبره نقابة الأئمة تهديدا حقيقيا للمد الشيعي في الجزائر، بحجة أنه بحكم تجربته في وزارة الشؤون الدينية، فإن المصالح الأمنية هي الجهة المخولة بالتحري حول وجود أتباع للشيعة في الجزائر، قائلا: “هي لديها المعلومات الدقيقة حول جغرافيته ونسبته”، بخلاف ادعاءات أطراف تقول بأن لديها المعطيات الكاملة بشأن هذا الملف. وأشار في هذا السياق إلى التيار السلفي الذي يسعى إلى ضرب الشيعة.
ويعتقد عدة فلاحي بأن المصالح الأمنية بحكم مهامها لا يمكنها الكشف عن المعلومات التي بحوزتها، وهي تتحرك بحسب خطورة الوضع، وذلك في حال تسجيل تصرفات مخلة بالأمن العام أو النسيج الاجتماعي، وهذا بخلاف السلفية التي يتهمها المتحدث بأنها تسعى دائما إلى تضخيم انتشار المد الشيعي، “وذلك لا يعدو أن يكون حرب مواقع”، مؤكدا بأن الجهات الأمنية لم تدق ناقوس الخطر، مفسرا ذلك بكون المد الشيعي لا يزال يقتصر على النخبة فقط، والسبب يعود في تقديره إلى الطابع الفلسفي للفكر الشيعي الذي يميل أكثر إلى الفلسفة، في حين أن الفكر السلفي هو تقليدي وقريب في نظره إلى البداوة، لذلك فهو قريب من العوام.
ويصر المستشار السابق لوزير الشؤون الدينية على أن الأمن يتحرك فعلا، لكن نشاطه لا يخرج إلى وسائل الإعلام، بدليل بعض القضايا التي تم تسريبها، من بينها الأساتذة الذين كانوا ينقلون الفكر الشيعي وتم توقيفهم. وهو يرى بأن المد الشيعي تم تضخيمه من قبل التيار السلفي الذي يسعى للبحث عن خصم في الساحة ليوسع حجم تواجده، وهو يستغل ضعف ومعاناة المساجد وتردي مستوى تكوين الأئمة، وعدم إحساس الكثير منهم بالمسؤولية الملقاة على عاتقهم، لذلك تولى السلفيون ملء الفراغ بحكم تكوينهم الجيد وإيمانهم بالرسالة.