استبعد تقرير لمعهد كارنيجى الامريكي للسلام ترشح السيسى للرئاسة، لافتا إلى أن السيسى سيخسر ولن يكسب من هذا الترشح، وقال التقرير ان اللغط الدائر والتكهنات المتداولة فى الاعلام ومواقع التواصل الاجتماعى تتضارب بها الأنباء حول ترشح السيسى للرئاسة، ولكن السيسى وحده هو من سيحسم الامر بقوله «نعم» أو «لا»، ومسألة ترشح السيسى للرئاسة لا يتضمنها بالطبع الدستور، ولا يتناولها من يقومون على وضع هذا الدستور ، ولن يصل الى حقيقتها من يتابعون كل كلمة من نتائج أعمال لجنة الخمسين، التي تعكف على صياغة تنقيحات شاملة للدستور لان كل هؤلاء لا يمكنهم التطرّق إلى نعم او لا لترشح الشيسى وهى الكلمة الأكثر أهمية التي ستحكم النظام الدستوري المصري في المستقبل .
وقال الباحث الأمريكى «ناثان براون» كاتب التقرير ان ترشح السيسى للرئاسة لن يكون بمثابة تنزيل لرتبته، ولكنه سيسبّب له صداعاً، وربما أدّى، على المدى الطويل، إلى تحويل بعض مؤيّديه المتحمّسين إلى مشكّكين، خاصة إذا ما استمرت الخدمات العامة في التدهور جنباً إلى جنب مع الأوضاع الاقتصادية العامة.
أضاف الباحث: ان كان حسم مسألة ترشح السيسى للرئاسة يحتل مكانة هامة فى مستقبل مصر الدستور، فهذا لا يقلّل من اهمية القضايا الأخرى التي تجري مناقشتها، فهناك قضايا سيكون من الصعب الاتفاق بسهولة عليها كعلاقة الدين بالدولة، والموقف من الجيش، والنظام الذي سيتم بموجبه انتخاب برلمان مصر المقبل، وواجبات أو حتى وجود الغرفة الأولى في البرلمان (مجلس الشعب) أو الهياكل القضائية والضمانات، وتعود الصعوبات الى ان الإطار القانوني وهياكل الدولة في مصر استبدادية تماماً في إطارها وأساليب عملها الأساسية، ولا يمكن توقع ان يتغير شيء بين عشية وضحاها، ولكن حتى في حال اتفق المندوبون على المبادئ العامة (وهو ما لم يحدث إلى الآن) وتمكّنوا من تنظيم هذا الاتفاق بطريقة جيدة، سيبقى هناك الكثير من النقاط القانونية والمؤسّسية الرئيسة التي تجب مناقشتها بشأن الإطار الدستوري البنيوي.
وأوضح التقرير انه إذا لم يصبح السيسي رئيساً، فمن المرجّح أن يؤول منصب الرئيس إلى شخصية مدنية، إما شخصاً من مجموعة ضئيلة من السياسيين في مصر أو شخصية عامة بارزة، لافتا الى انه عندما شغل محمد مرسي منصب الرئاسة في ظل حراك اجتماعي كبير ووجود حزب سياسي يدعمه، لم يتمكّن من جعل مقاليد السلطة تعمل بطريقة فعّالة، ومن المرجّح أن يواجه خَلَفُه المُنتخَب مشكلة مماثلة ، فقد استغلّت مؤسّسات الدولة المختلفة فترة ما بعد العام 2011 كي تؤمّن لنفسها قدراً كبيراً من الاستقلالية، ويسعى بعضها الآخر جاهداً لكي يضمن أن تتم حماية هذه الاستقلالية في الدستور (أبرزها الجيش والقضاء والأزهر، ولكن أيضاً، وإن كان بدرجة أقلّ، وكذلك اتحاد العمال وحتى الصحافة المملوكة للدولة)، ولم تظهر المؤسّسات التي لا تحصل على ضمانات دستورية (وخاصة مجموعة أجهزة الأمن والاستخبارات) سوى قدر ضئيل من الخضوع للرقابة السياسية.
غير ان الأمور قد تكون مختلفة تماماً إذا ما شغل السيسي منصب الرئاسة. فلن تعود المؤسّسة العسكرية معزولة في ظل وجود شخصية من صفوفها على رأس السلطة، ومن المرجّح لها أن تتصرّف وفقاً للقوانين إذا كان هناك رئيس قوي من الجيش. وربما تؤدّي شعبية «سيسي» واحتمال أن يحقّق فوزاً ساحقاً في الانتخابات، على الأرجح، إلى تخويف البرلمان ومعظم الأحزاب السياسية المدنية، حيث لا تظهر هذه الجهات الفاعلة شجاعتها إلا بشأن المسائل التي لم يتحدّث السيسي عنها بوضوح، إذ سيتم حكم مصر مرة أخرى من جانب مؤسّسة الرئاسة.