كشفت مصادر مقربة من الأسرة الحاكمة في قطر أن الأمير تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني اشتكى لمقربين منه عجزه عن إحداث تغيير في علاقات بلاده الخارجية خاصة مع دول الخليج، وذلك بسبب رفض والده لأي تنازل يُقدم عليه ابنه لاسترضاء جيرانه.
وذكرت مصادر صحيفة (العرب) اللندنية أن الزيارة التي أداها الشيخ تميم منذ أيام إلى الإمارات والكويت لم تنجح في إذابة الجليد المتراكم بسبب مآخذ خليجية سابقة على فترة حكم “الأمير الوالد” الشيخ حمد بن خليفة، ورئيس وزرائه حمد بن جاسم بن جبر آل ثاني.
وكان من المفترض أن يبقى الأمير تميم في الإمارات لأكثر يوم من أجل سباق “الفورمولا ون” لكنه غادر سريعا، وأكدت المصادر ذاتها أن والده طلبه على عجــل مبديا غضبه من توجهه لترطيب العلاقات مع أبوظبي والكويت.
وقالت المصادر – حسب الصحيفة- إن المعضلة التي تقف أمام الأمير تميم هي التخلص من سيطرة والده على مفاصل كثيرة في الدولة وخاصة الخارجية وإصراره على اتباع سياسة تحالف مع الإخوان، ومناكفة السعودية في ملفات كثيرة بينها الملف السوري.
وكانت التصريحات الأخيرة لأمير قطر حول الحل في سوريا متماشية تماما مع الموقف السعودي المتمسك بمنع الأسد من لعب أي دور في المرحلة القـــادمة في سوريــا، بالإضافة إلى رفض الرياض امتداد فترة التفاوض مع الأسد دون أفق واضح للحل.
وطالب الشيخ تميم بن حمد بن خليفة آل ثاني في آخر تصريحاته “بضرورة أن تدور المفاوضات من أجل التوصل إلى حل سياسي على أساس الاعتراف بمطالب الشعب السوري العادلة، وعلى أساس جدول زمني لتحقيقها”، وهو كلام يتماشى تماما مع ما قاله وزير الخارجية السعودية سعود الفيصل في المؤتمر الصحفي المشترك مع كيري الأحد بالرياض.
وذكرت مصادر مقربة من المعارضة السورية أن الشيخ تميم يريد الالتزام بقرار رفع يد بلاده عن الملف السوري تماما من أجل أن تتركه لجارتها الكبرى السعودية، لكن اللوبي المرتبط بوالده يقوم بمحاولات لفتح قنوات التواصل مع الأسد من ناحية أولى، ومن ناحية ثانية ما يزال يمول ويسهل عمل مجموعات متشددة في سوريا بغاية إرباك الدور السعودي في توحيد المعارضة وتقوية موقفها في عملية التفاوض المستقبلية.
وفي سياق ثان، يؤكد مقربون من أمير قطر أنه عمل على التخلص من الورقة الإخوانية التي جلبت لبلاده الكثير من العداوات، لكنه فشل في تحريك الملف خاصة في ظل الدور الذي يلعبه الشيخ يوسف القرضاوي في التأثير على “الأمير الوالد” الذي يستشيره في كل كبيرة وصغيرة.
وكانت تقارير سابقة قد أشارت إلى أن الأمير تميم طالب القيادات الإخوانية بإرجاع مليارات الدولارات التي تسلمتها الجماعة من والده في سياق دعمه لها على تثبيت الوضع في مصر مقابل وعود منها بإعطاء قطر النصيب الأوفر من المشاريع الاستثمارية الكبرى، وخاصة مشروع قناة السويس.
وأضافت التقارير أن وزير المالية القطري علي شريف العمادي طلب من القياديين البارزين بالجماعة عمرو دراج ومحمد على بشر، ضرورة رد هذه المبالغ الضخمة، وأن هذه تعليمات الأمير تميم.
وبالتوازي، عمل الأمير تميم على فتح قنوات التواصل مع القاهرة، متعهدا بوقف الدعم المالي للإخوان وتحويله لفائدة السلطات الجديدة.
وقالت مصادر متطابقة إن الشيخ تميم كلف مدير مخابراته، غانم خليفة غانم الكبيسي، بلقاء شخصيات مصرية على أمل أن تفتح له قنوات تواصل مع القيادة المصرية الجديدة وخاصة وزير الدفاع، الفريق أول عبدالفتاح السيسي.
وأشارت إلى أن الكبيسي تواصل مع قيادات خليجية، وتحديدا من المملكة العربية السعودية والكويت والإمارات العربية المتحدة، لمساعدته في مساعيه لرأب الصدع بين القاهرة والدوحة.
لكن الشخصيات المصرية التي التقى بها الكبيسي اشترطت أولا أن توقف قطر تمويل الإخوان واستقبالهم على أراضيها وفتح قناة الجزيرة أمامهم لمهاجمة مصر وثورة الثلاثين من يونيو.
واعتبر مراقبون أن الضغوط التي تجابه الأمير تميم، وخاصة الأشخاص المقربين من والده، ستدفعه أكثر إلى التمسك بمواقفه الهادفة إلى التوقف عن لعب الأدوار الإقليمية التي لا تتماشى مع حجم بلاده وقدرتها، والتركيز على قضايا الداخل.