هو سامر المصري، أبو شهاب في باب الحارة، أبو جانتي ملك التاكسي في دنيا الكوميديا، الشاب الذي صدح صوته عبر شاشة الفضائية السورية في العام 2005 ليدافع عن بأغنية ” فيق يا بو زهدي فيق .. بلّش يا حبيبي التحقيق” عن النظام في سورية .. تراه اليوم يبحث عن مجرد تجديد لجواز سفره السوري في الإمارات، فلا يجد سبيلا إلى ذلك وكل ذلك بسبب دعايات إعلامية عن أن الرجل معارض للنظام في سورية.
سؤال يطرح نفسه .. إلى أين يذهب سامر المصري، ولو كان معارضا، لتجديد جواز السفر إلا إلى سفارة بلده؟ وما العمل إذا كانت السفارة تمتنع عن تجديد الجواز لسامر أو لغير سامر؟
يذهب سامر إلى سفارة سورية في الإمارات فيفاجأ بعدم الموافقة على تجديد جواز سفره. لا يقال له شيء عن الأسباب.. يسأل.. يذهب يمينا شمالا ليستفسر، فلا يعثر على إجابة.
بالطبع، وبالنظر إلى الواقع السوري الراهن، سيعرف أي قارئ أن الأسباب سياسية ومتعلقة بمواقف لهذا الفنان أو ذاك منعت عنه جواز سفر محدث.
نستعرض مع سامر المصري سلسلة مواقف له متعلقة بالحدث السوري، لعلنا نحصل على ما هو وافٍ من جواب.
عندما خرجت المظاهرات في ريف دمشق، استجمع بعض الممثلين قواهم وتوجهوا إلى أكثر من منطقة في الريف ليفاوضوا المتظاهرين ويقنعوهم بالعودة إلى المنازل، على أن يقوموا بنقل مطالبهم إلى السلطة. كان سامر واحدا من هؤلاء، وشوهد في منطقة دوما الملتهبة آنذاك يحاور متظاهرين غاضبين ويتجادل معهم حول عدم جدوى التظاهر لكونه سيؤدي إلى عواقب وخيمة على سورية من كون الخارج سيستغل الحراك لتحقيق مآرب سياسية على حساب البلد.
اتهم سامر المصري من قبل المعارضين بأنه شبيح ويعمل لصالح النظام، وشتم عبر مواقع التواصل، إلى أن غادر البلد في العام 2011.
هناك، كان سامر واحدا من قلائل جدا خرجوا ولم يعبروا عن موقف سياسي واضح ومعلن.. لم يقل سامر إنه ضد النظام، ولم يدعُ لإسقاطه.. لم يخرج على القنوات المعادية للنظام ويصرح بما يخدم ” الثورة”.. لم يجرِ حوارا صحفيا يقول فيه إنه مع هذا الفريق ضد ذاك.
التزم سامر الصمت واشتغل على مهنته، ولم يقطع علاقته بزملائه الممثلين، موالين ومعارضين، ولم يتهم أي ممثل مؤيد للنظام بأنه شبيح، ولم يمتدح موقف ممثل معارض… لم يكن كأي ممثل آخر قيل إنه معارض.
وعندما وصلت الصواريخ الأمريكية قرب الحدود السورية وحدد الأمريكيون ساعة صفر لضرب المدن السورية ومواقع للجيش، كان لسامر موقف مبدئي .. فقد نشر على صفحته على الفيسبوك بتاريخ 27 آب/أغسطس الماضي مقالا نقتطف منه التالي: ” حين شعرت بجدية الناتو للتدخل في سورية قاربت على البكاء.. فلم أعتد في حياتي على تمني الموت لأي إنسان، فكيف إذا كان المستهدف بلدي وشعبي وأهلي.. سمائي وأرضي ومائي؟”
وتابع في المقال نفسه: “هل ما زال أمامنا متسع من الوقت لندمل الجراح ونلجأ إلى الحوار السوري السوري من أجل أن تبقى سورية حرة بأيدي السوريين…
لذا، إذا اعتبرنا سامر معارضا فلا يمكن أن نصفه إلا بالمعارض الوطني الذي يدعو إلى حوار السوريين ويرفض التدخل العسكري في بلده، ولم يضع يده بيد أي جهة هدفها تخريب الواقع السوري.
في المقابل، إذا اعتبرنا إنتاج المصري لمسلسل “أبو جانتي 2” في الإمارات وبعض الأغاني في العمل، والتي ألمحت إلى أنها تخاطب الواقع السوري.. أو إذا كان المأخذ عليه هو نشر صورة على موقع الفيسبوك يظهر في الصورة وإلى جانبه العلم الذي تعتمده المعارضة… فإنه، وبالقياس إلى مواقف الرجل من الحوار السوري السوري، ومن الضربة الأمريكية لبلده، يكون الرجل، وقولا واحدا، في صف المعارضة الوطنية.
نعود إلى جواز السفر ..
شخص كسامر، يمنع من تجديد جواز السفر دون إيضاح الأسباب.. فما الذي يمكن فهمه؟
في اتصالنا بسامر إلى دبي، يعبر الرجل عن ظروف قاسية يعيشها في ظل عدم تجديد الجواز… فهو من جهة يشعر بعدم طمأنينة لإقامته في دبي.. ومن جهة أخرى، قد يخسر عروضا لمسلسلات سيلعب بطولتها في مصر.
غير ذلك.. أليس اعتبار أي شخص لا تجدد له دولته جواز سفره، هو كأي شخص سحبت منه جنسيته؟!!.. هل يمكننا اعتبار الحكومة في سورية جردت بعض مواطنيها من جنسيتهم السورية بسبب مواقف أو شبه مواقف، أو لعبة إعلامية تم فيها تضخيم موقف أو تصريح أو صورة فوتوغرافية لهذا الفنان أو ذاك المواطن، ليكون هذا كافيا لجعل هذا الشخص يعتبر على قارعة الطريق في تعاطي بلده معه؟؟؟
أسئلة كثيرة لا يمكن الخوض بها كلها في هذه العجالة… لكن ما يمكن التأكيد عليه هنا هو أن الحكومة السورية اتهمت الإعلام الخارجي مطولا بالتلاعب بصور وتصريحات لمواطنين سوريين كي يظهر التصريح أو الصورة بمثابة موقف ضد النظام.. فهل تصدّق الحكومة السوري في حالة سامر أنه كان ضد البلد أو ضد الحكومة، دون أن تثبت موقفا صريحا بلسانه أو لافتة يرفعها ويطالب بضرب البلد؟!! وهل باتت القنوات أو المواقع المغرضة التي حذرت الحكومة مواطنيها منها، مصدرا لمعلومات هذه الحكومة .. وبخاصة بشأن سامر؟
نتمنى حصول سامر وغير سامر، على تجديد الجواز.. قبل أن يصبح عدم التجديد بمثابة فقدان الإنسان لجنسيته.
النشرة الفنية