عقل بن إبراهيم الباهلي، يملك رؤية متوازنة ومغايرة لما درج عليه المتحدثون السعوديون، يلمس فيه المتابع الصدق والصراحة والمباشرة، بالإضافة إلى كونه محللا سياسيا تستضيفه القنوات الفضائية للحديث حول قضايا الوطن العربي والشأن السعودي الداخلي.. «العرب» استضافته في حديث مسهب حول شؤون الوطن العربي السياسية والحقوقية إلى جانب الكثير مما يخص بلده السعودية.
بداية الحديث كانت عن الإصلاح في السعودية، كيف تسير عجلته وإلى أين وصلت في ظل هذه التقلبات المحيطة شديدة الحساسية والتوتر؛ وفي هذا الإطار يقول عقل بن إبراهيم الباهلي إن هناك إصلاحا إداريا شهد شيئا من الإنجازات في القضاء والتعليم وتقنية المعلومات (الحكومة الإلكترونية) وأما الإصلاح كما يفهمه أصحابه فيمكن اختزاله في المجال السياسي وهذا لم يحدث؛ منذ 2003 حينما قابل الملك عبدالله مجموعة ممن وقعوا على «وثيقة لحاضر الوطن ومستقبله» خصوصا أن العاهل السعودي تبناها وقال بالحرف الواحد «هذا مشروعي». وتوالت جهود النشطاء السياسيين بالرسائل الجماعية والمشاركة الإعلامية والكتابة في الصحف والجرائد الإلكترونية لحث مجموعة العمل السياسي على الانخراط في مشروع الإصلاح السياسي حيث هو قاعدة الإصلاح الأساسية. مع الأسف الإصلاح السياسي تراجع والوقت لا يسمح بالتأخير والمجتمع يحتقن ولا إصلاح يحدث. المطالب المؤسسية: برلمان منتخب، دستور مكتوب، فصل السلطات، حماية المال العام بقانون واضح بمعنى تفنيذ ما هو للشعب وما هو نصيب الأسرة المالكة من الدخل الوطني. المطالب المعيشية: الإسكان، التأمين الصحي، القضاء على الفقر، مواجهة البطالة وخصوصا في جانب المواطنات!. ربما يكون مشروع الابتعاث هو مشروع الإصلاح الوحيد الذي لم يواجه عقبات أو انتكاسات.
خلاف الأقطاب
تشهد الأوساط السعودية خلافا حادّا بين الأقطاب الثقافية، وهذا الصراع بين القوى الاجتماعية والفكرية؛ يرى الباهلي أنه يعود بالأثر السلبي على المجتمع ونظامه الفكري والسياسي؛ لأن مطالب الناس الأساسية واحدة وإن تميزت أهمية كل مطلب عند أي مجموعة.. لكن في النهاية لا يمكن أن يستجيب صانع القرار إلا إذا كانت القوى الاجتماعية والفكرية متوافقة على الحد الأدنى من مطالبها ومع الأسف ربما هناك من يعمل على تفتيت المجتمع وإضعاف قوة مطالبه.
المطالب المعيشية:
الإسكان، التأمين الصحي، القضاء على الفقر، مواجهة البطالة وخصوصا في جانب السعوديات
الملفات العالقة
هناك ملفات عالقة توفر مادة لخصوم السعودية لتوجيه اللوم، ليس لها موانع شرعية باعتراف الدولة مثل قيادة المرأة للسيارة وعملها في جميع المناشط ومدونة حقوق المرأة وتدوين الأحكام الشرعية، عن الجديد فيها يقول الباهلي: كل القوى المدنية منذ عام 1990 تطرح التخلص من هذه الملفات العالقة. والذي منعها لا يستند على مسوغ شرعي ودوره فقط تشويه ملف المملكة الحقوقي وتعطيل عملية انتقال المجتمع إلى الحياة المدنية لأن المملكة مثل بقية المجتمع الإنساني. لكن لم يتحقق أي تقدم في هذه الملفات. وهناك تساؤل هل التوقف عند تلك الملفات يقصد به منع المجتمع من الانتقال إلى ملفات مطلبية أخرى. وهذا تبرير فاشل لأنه في عام 1990 كان مطلب قيادة المرأة فاقع الظهور والآن تراجع على صعيد الجهد وبرزت مطالب أكثر أهمية مثل البرلمان المنتخب وكتابة دستور وتأسيس مؤسسات المجتمع المدني وبذلك تضاعفت المطالب وزاد الاحتقان.
يعيش تيار ما يسمى بالإصلاحيين مخاضا صعبا في حملة تصنيفهم كمثيري فتنة، كيف يمكن التخفيف من حدة هذا الهجوم بما ينتج خطابا وطنيا متصالحا، وهل تصدق هذه التهمة أحيانا؟ عن هذا السؤال يجيب عقل بن إبراهيم الباهلي موضّحا: على مدى التاريخ كلما تحدث أحد عن حق الشعب في جزء من حقوقه كانت توجّه إليه تهمة الإرجاف والعمالة للخارج والتغريب والتطرف، كل على حسب ظروف بلده. نعم في بداية الحراك ربما هذه التهم تخيف المقصودين لكن مع استمرار تكرارها وجعلها بديلا عن الإصلاح يكشف عوارها وتصبح من وسائل التندر الشعبي.
وفي السعودية سمعنا مثل تلك الحجج وحتى تعرف جدوى استخدامها على أي باحث مراجعة تلك الحجتين في سجلات «تويتر» لتعرف كم خدم استخدام هذه الحجج تيار الإصلاح. ولا يمكن أن يتصالح الناس مع صانع القرار إلا إذا قدم مشروع إصلاح حقيقي واعترف بحق الشعب في المشاركة السياسية.
ما يُقال عن عدم استعداد المجتمع للانتقال للحياة المدنية والديمقراطية وحقوق الإنسان وتحمل قفزات الإصلاح النوعية وإن تركيبة المجتمع الفكرية والثقافية غير مهيئة لذلك، أسطوانة مشروخة رددها منافقو الإعلام. عيب أن نكون من دول الـ20 ونقول مثل تلك الأراجيف.. الديمقراطية ثقافة نتعلمها بالقراءة والممارسة. المرجفون الحقيقيون هم من يكتبون ما يتوافق مع رغبة مجموعة العمل السياسي أو جزء منهم، هؤلاء هم المنافقون فاحذروهم واستمعوا للناصحين. صحيح أنهم يقولون شيئا مريحا لكم، لكنه لن يحميكم من المطالب الحقيقية وأُذكر الجميع بأن شعب المملكة ليس فيه حاقد ولكن فيه مُطالب، وحذار تصديق المتربحين على حساب الوطن.
مسألة أخرى تحدّث عنها وهي الرقابة الشعبية على أداء الحكومات، مشيرا إلى أن البرلمان المنتخب أصبح عدم تأسيسه معيبا في دولة بحجم السعودية وأصبح ضرورة لأن إدارة الدولة لم تعد مسألة فردية يجب أن تنتبه إلى أن الشعب تسلح بالمحاسبة المباشرة ولذلك يجب نقل هذه المحاسبة إلى الحكومة والبرلمان وحفظ مقامات القيادة السياسية في التوجيه وتمثيل المملكة أمام المجتمع الدولي.
العرب – عمر البدوي