كل ما يتبادر إلى الأذهان عن المملكة العربية السعودية هذه الأيام هي عدة صور: النفط، الشيوخ، الحملة الأخيرة حول حق المرأة في قيادة السيارة.
ولكن ماذا عن الحبوب المخدرة (الأمفيتامينات)؟ فحسب ما جاء في تقرير المخدرات بالعالم لعام 2013 الصادر من مكتب الأمم المتحدة لشؤون المخدرات والجريمة، أن نسبة 30% من الأميفيتامنيات التي ضُبطت هذا العام بواسطة سلطات مكافحة المخدرات حول العالم، كانت في المملكة العربية السعودية، وهو بلد يعيش فيه أقل من 1% من سكان العالم.
وهذا يعني أحد أمرين: إما أن السعودية لديها شرطة جيدة لمكافحة المخدرات، أو أنها تواجه مشكلة خطيرة جداً مع المخدرات.
وأغلب الأميفيتامنات المستخدمة في المملكة العربية السعودية تأتي على شكل أقراص كبتاجون، وهو الاسم التجاري للفينيثيلين fenethylline ، وهو نوع من المنشطات الاصطناعية يستخدم كعلاج مبكر لاضطرابات نقص الانتباه.
وقد شهد الكبتاجون الذي تم حظره في عام 1986م، ازدهاراً ورواجاً في منطقة الخليج خلال العقد الماضي، حيث إن هناك نسخة مقلدة مصنوعة من أرخص أنواع الأميفيتامنيات وأكثرها فعالية، مما جعله المخدر الأكثر شعبية في السوق السوداء.
وعلى حد قول عبد الله الشريف من إدارة مكافحة وضبط المخدرات في وزارة الداخلية السعودية، فإن السلطات السعودية صادرت ما يقارب 70 مليون حبة كبتاجون خلال العام الماضي.
ويقدر المسئولون أن الكمية التي تم ضبطتها تمثل نسبة 10% فقط من الكمية الإجمالية التي تدخل المملكة العربية السعودية.
وعلى حد قول الشريف، فإن معدلات الإدمان أصبحت تتصاعد بمعدلات جنونية- نصف المرضى على الأقل من الذين يخضعون للعلاج في مراكز إعادة التأهيل، هم من مدمني الكبتاجون.
لكن، مع جميع الأنواع المتاحة أمام أمة ثرية، إلا أنهم بارعون على ما يبدوا في استيراد المغشوشه، لماذا أدمن السعوديون على تعاطي هذه الوصفة المزيفة من الريتالين؟
يقول إيلي الأعرج، المدير التنفيذي لجمعية تخفيف الضرر بالشرق الأوسط وشمال إفريقيا ومقرها في بيروت، إن السعوديين مثل بقية دول الخليج الأخرى، لا يحبون نشر مشاكلهم أمام الملأ، ولذلك فأغلب من يتعاطون المخدرات لا يتابعهم أحد ولا يجدون العلاج، “نحن نعلم أنها مشكلة كبيرة جداً، ولكنها لا تزال تكمن تحت الرماد .. في الخفاء”.
إن تعاطي المخدرات مثل الكحول، محرم قطعاً في الإسلام، ولذلك حتى أولئك الذين هم في أمس الحاجة إلى من يمد لهم يد المساعدة للخروج من دائرة الإدمان يترددون كثيراً، خوفاً من أن يفتضح أمرهم وتكتشف خطاياهم. معظم المعلومات المتاحة عن الكبتاجون مجرد قصص سردية يتداولها الناس، حيث إن بعض سائقي الشاحنات يستخدمون الكبتاجون للبقاء مستيقظين لقطع المسافات الطوال.
ويستخدمها الطلاب على افتراض أنها تساعدهم على بذل المزيد من المذاكرة أيام الامتحانات. وعلى حد قول أحد المقيمين في السعودية، في بلد يسهر فيه الناس للتواصل الاجتماعي حتى ساعات متأخرة من الليل، ثم الذهاب مبكرين إلى أعمالهم ومدارسهم عند ساعات الأولى من الصباح ، يبقى الكبتاجون هو الحل الوحيد حتى يظل هؤلاء مستيقظين طوال النهار بعد سهرهم الطويل في الليلة الماضية.
يقول إيلي الأعرج: “الجهل مصيبة كبرى”، ويشير إلى أن الاعتقاد السابق عن الكبتاجون كوصفة طبية مشروعة، يساهم كثيراً في إضعاف تصور الأذى الجسيم الذي يمكن أن يتسبب فيه. ويضيف قائلا: هناك الكثير من الناس ينظرون إلى الكبتاجون على أنه علاج، وليس مخدر. فعندما يعاني أحدهم من مجرد صداع، يعطيه أحد الأصدقاء حبة من هذا العقار، فيشعر فجأة بالنشاط والحيوية.
ومن السهل أيضاً إخفاء هذا العقار، لكن كما هو حال الهيروين والكوكايين، فإن حيازة وترويج الكبتاجون قد تصل عقوبتها إلى الإعدام. ومع ذلك فمن الصعب التعرف عليه.
يقول الأعرج: “رجل الشرطة العادي لا يمكنه أن يفرق بين البندول (وهو أحد العقاقير المسكنة) والكبتاجون، حيث إن التعرف على الكوكايين سواء كان حقن أو مسحوق أسهل بكثير من التعرف على الكبتاجون”.
ويقول الشريف: “ولكن آثار التعاطي في كلا العقارين هي نفسها، الإدمان والفشل العضوي، وتدمير الجهاز العصبي، وهو ما دفع الحكومة إلى تنظيم حملة توعوية موجهة إلى الشباب في كافة أرجاء البلاد. هذا هو السبب وراء بذل الأجهزة الأمنية المزيد من الجهود لوقف تدفق هذه العقاقير المخدرة. فلو استمر تدفق هذه السموم إلى بلادنا، فسنجد أنفسنا أم جيل مدمر كليا .. يعج بالملايين من مدمني المخدرات”.
رابط المقال الأصلي:
بقلم: أرين بيكر
ترجمة موقع إسلام ديلي
Conservative Saudi Arabia Is Becoming a Hotbed for Amphetamines