تعاني أربعة من بنات العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبد العزيز، سحر ومها وهالة وجواهر، منذ اثني عشر عاما من معاملة همجية بعد أن وضعن في الإقامة الجبرية في فلل منفصلة في مدينة جدة، بحسب رولان دوما، وزير خارجية فرنسا الأسبق، وفيليب كوبي، وهما محاميان لدى محكمة الاستئناف في باريس.
سجينات القصر الملكي
فقد نقل المحاميان عن أم الأميرات الأربع، اللاتي تتراوح أعمارهن بين سبعة وثلاثين واثنين وأربعين عاما، أنهن محتجزات في القصر الملكي في جدة منذ عام 2001، عندما كان الملك وليا للعهد وتزوج أمهن في إطار “زواج مدبر” وهي في سن الخامسة عشرة من بين زوجات أخريات، وانفصلا في عام 1983. وغادرت أمهن المملكة العربية السعودية في عام 2003.
وتعاني الأميرات الأربع من الحرمان من الحرية لأسباب تعسفية لا يمكن تفسيرها، إذ تم وضعهن تحت مراقبة دائمة ومشددة لفريق من الحرس الوطني الذي يسهر على هذه العملية من أبراج عالية. وتم رمي النفايات في مياه البحر تحت نوافذهن وتم تثبيت شبكات لمنع أي محاولة فرار. كما لم تتمكن ثلاث منهن من إكمال دراستهن إلا من خلال المراسلة.
وتعاني أميرتان من المرض، إحداهن مرضها خطير. ومنذ اثني عشر عاما، يرغمنهن الأطباء الذين يسهرون على علاجهن وسجانيهن على تناول مواد ضارة وعقارات يضعونها في الطعام بدل أدوية للعلاج. وتم رفض كل عناية طبية حقيقية وفعالة، مما أدى إلى تدهور حالتهن الصحية. كما لا يسمح لهن بأي اتصال مع العالم الخارجي.
لكن كل إخوتهن وأخواتهن غير الأشقاء يعيشون حياة طبيعية. تزوجت أغلب أخواتهن غير الشقيقات وأصبحن أمهات ونساء أعمال ويسافرن ويتمتعن بجميع حقوقهن المدنية. وبالتالي فإن الأميرات الأربع تعانين من معاملة تمييزية لا يمكن أن يعاني منها الرجال بأي حال من الأحوال.
ويقول المحاميان عبر صحيفة لوموند الفرنسية أن ثلاثة إخوة غير أشقاء، من بينهم الأمير متعب – الخليفة المحتمل للملك عبدالله والمستثمر الدولي الذين اشترى مؤخرا فندق دي كريون في باريس – تم تعيينهم لمراقبتهن وللإشراف على هذه المعاملة الرهيبة.
ويضيف المحاميان “من خلال أمهن، أخطرنا هيئات المفوضية السامية لحقوق الإنسان التابعة للأمم المتحدة في جنيف، عبر شكوى قدمناها نيابة عنهن. في الواقع، إنه السبيل الوحيد الذي يمكنهن اللجوء إليه، لأنه سيكون من الوهم الاعتقاد أنه يمكن رفع القضية أمام محكمة محلية في سعودية”.
فالمرأة السعودية تعاني من سطوة الإخوة الذين يستبيحون أحيانا حقوقهنّ المكفولة بنص قرآني. فغالبا ما يقوم أخ بالاستيلاء على حصة أخته من الميراث، وأحيانا بالتواطؤ مع بعض القضاة ويسلب حقوقها تحت مظلة “الشريعة”.
وأحيانا، لا تسلم حتى الأميرات من هذا الاحتيال.
وبالطبع، لا تتجرأ الأخت برفع دعوى قضائية ضد أخيها لاسترجاع حقها، لأن نظرة المجتمع لهذه الفتاة، إن هي أقدمت على ذلك، تلحق بها وبأهلها وذويها العيب واللّعنة.
مصادقات … فقط من حيث المبدأ
ويقول المحاميان “نريد تنبيه الرأي العام الدولي إزاء وضعهن. فإذا تعرضت أربع بنات للملك لهذه المعاملة، فماذا يحدث للفئات الأخرى؟ الجواب معروف وخطير. ينبغي احترام حقوق الإنسان، التي تتضمن حقوق المرأة وتعد أحد تفرعاتها الرئيسية، دون قيود وبغض النظر عن الجنسية أو السن أو العرق أو الوضع الاجتماعي”.
ويجتمع حاليا مجلس حقوق الإنسان التابع للأمم المتحدة في إطار مجموعة عمل في جنيف لمناقشة الاستعراض الدوري الشامل. وتنكب هذه الدورة خاصة على احترام حقوق الإنسان في المملكة العربية السعودية. وسيتم رفع تقرير المجلس يوم 1 نوفمبر.
وقد وقعت المملكة العربية السعودية وصادقت على اتفاقيتين دوليتين تم اعتمادهما في إطار الأمم المتحدة، “الإعلان العالمي لحقوق الإنسان” (1948) و”اتفاقية القضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة” (1979). كما وقعت وصادقت على “ميثاق حقوق الإنسان” لجامعة الدول العربية (2004) التي دخلت حيز التنفيذ في 15 مارس 2008.
السعوديات على طريق الحرية
ومع ذلك، فقد أحرزت المرأة في السعودية – وهي الدولة الوحيدة في العالم التي تحظر على النساء قيادة السيارات- على بعض الحريات… منحها إياها الملك عبدالله.
فقد منحها الملك الحق في شراء ملابس داخلية من بائعات نساء، والحق في العمل على خزينة الأسواق الكبرى.
كما سمح لمحاميات بالمرافعة أمام المحاكم، بأمر من الملك، علما بأن المرأة في السعودية لا يحق لها أن تشغل منصب قاضٍ، لكن من حق القاضي الكشف عن وجه المتقاضية للتأكد من هويتها.
وبأمر من الملك، دخلت ثلاثون امرأة، من بينهن اثنتان من الأسرة المالكة، مجلس الشورى الذي هو عبارة عن هيئة استشارية غير منتخبة تفحص التشريعات ولكن لا تتمتع بأية سلطة ملزمة.
وقد أفشل المجلس مؤخرا توصية عضوات بالسماح للمرأة بقيادة السيارة.
وعقب اندلاع “الربيع العربي”، كان قرار الملك عبدالله “التاريخي”، في سبتمبر 2011، منح المرأة حق التصويت في الانتخابات البلدية بحلول … سنة 2015.
لكن بعض كبار علماء الدين حذروا آنذاك من أن إشراك المرأة في السياسة ربما يكون بمثابة فتح باب عظيم من أبواب الشر.
باريس – حبيب طرابلسي