كشف تقرير نشرته صحيفة “وول ستريت جورنال”، اليوم، على موقعها الإلكتروني، أن رئيس المخابرات السعودية، الأمير بندر بن سلطان، قال للمشاركين في اجتماع مع دبلوماسيين أوروبيين هذا الأسبوع إنه يخطط لتقليص التعاون مع الولايات المتحدة لتسليح وتدريب الثوار السوريين احتجاجا على سياسة واشنطن في المنطقة .
وقال التقرير إن تحركات الأمير بندر بن سلطان زادت من التوترات في نزاع متزايد بين سياسات الولايات المتحدة وأحد أقرب حلفائها العرب (السعودية) حول سوريا، إيران ومصر. وترتب على هذا القرار المفاجئ للمملكة العربية السعودية يوم الجمعة برفض مقعد في مجلس الأمن.
فبعد إعداد ونضال لمدة عام من أجل الظفر بعضوية مجلس الأمن، رفضت الحكومة السعودية المعقد، بحجة “عدم فعالية المجلس في حل النزاعات بين إسرائيل والفلسطينيين والصراع في سوريا”.
وقال دبلوماسيون في الرياض إن الأمير بندر، الذي يقود جهود المملكة لتمويل وتدريب وتسليح مجموعات من الثوار السوريين، دعا دبلوماسيين غربيين إلى لقاء في مدينة جدة المطلة على البحر الأحمر خلال عطلة نهاية الأسبوع للتعبير عن إحباط الرياض تجاه إدارة أوباما والسياسات الإقليمية، بما في ذلك قرار بعدم قصف سوريا بعد اتهام الأسد باستخدام الأسلحة الكيميائية في أغسطس.
“كانت هذه رسالة موجهة للولايات المتحدة وليس للأمم المتحدة، كما نقل دبلوماسيون عن الأمير بندر في عرضه لقرار السعودية بشأن رفض عضوية مجلس الأمن.
وقال الكاتب إن القرارات الكبرى في المملكة العربية السعودية تصدر من الملك عبد الله، وليس من المعروف ما إذا عكست تصريحات الأمير بندر قرار الملك، أو محاولة من جانب الأمير بندر للتأثير في الملك.
ومع ذلك، قال الدبلوماسيون إن الأمير بندر أبلغهم أنه ينوي دحر الشراكة مع الولايات المتحدة، والتي بموجبها ساعدت وكالة الاستخبارات المركزية وهيئات أمنية أخرى، سريا، في تدريب مجموعات من الثوار السوريين لمحاربة الأسد.
ونُقل عن الأمير بندر قوله في الاجتماع إن السعودية ستعمل مع حلفاء آخرين بدلا من أمريكا في هذا الجهد، بما في ذلك الأردن وفرنسا.
وقال مسؤولون أمريكيون إنهم قرأوا في رسالة الأمير بندر إلى الدبلوماسيين الغربيين تعبيرا عن سخط موجه لدفع الولايات المتحدة في اتجاه مختلف. “من الواضح أنه يريد منا أن نفعل أكثر”، كما قال مسؤول أمريكي رفيع.
وأفاد التقرير أن وزير الخارجية الأمريكية، جون كيري، التقى يوم الاثنين الماضي في باريس مع وزير الخارجية السعودي سعود الفيصل. وقال مسؤولون مطلعون على الاجتماع إن كيري حث السعوديين على إعادة النظر في قرار رفض عضوية مجلس الأمن، لكنه قال إن الأمير سعود لم يثر مخاوف الأمير بندر، مما قد يوحي، كما قال مسؤولون، بأن هناك انقسامات داخل النظام الملكي حول كيفية الضغط على الولايات المتحدة للتدخل أكثر.
وذكر التقرير أن الولايات المتحدة دعت إلى تبني نهج حذر في تعزيز المعارضة المعتدلة في سوريا، خوفا من أن تصل الأسلحة إلى أيدي تنظيم القاعدة والمجموعات المسلحة القريبة منها في سوريا، وأدى هذا إلى إشاعة حالة من الإحباط في صفوف حلفائها الرئيسيين، بما في ذلك السعودية وتركيا. ويقول مسؤولون سعوديون إنهم يشعرون أيضا بالقلق إزاء تسليح المتطرفين تسليح في سوريا ويعملون مع الكتائب الثورية المعتدلة فقط.
وتزايدت التوترات بين الولايات المتحدة و المملكة العربية السعودية بشكل حاد في الأشهر الأخيرة. وقد أذن الرئيس باراك أوباما لوكالة الاستخبارات المركزية توفير كميات محدودة من الأسلحة لمجموعات معينة من الثوار السوريين، ولكن العملية استغرقت أشهرا لتبدأ.
وفي يوليو الماضي، خالفت السعودية الولايات المتحدة بدعم انقلاب الجيش المصري على الرئيس المنتخب ديمقراطيا.
كما غضب النظام، بشكل خاص، من قرار أوباما بالتخلي عن خطط لقصف سوريا ردا على هجوم بالأسلحة الكيميائية المزعومة في شهر أغسطس الماضي، وزاد الانفتاح المؤقت بين أوباما والرئيس الإيراني الجديد من حدة التوترات بينهما.
وروى دبلوماسيون ومسؤولون على دراية بالأحداث قصتين لم يكشف عنهما سابقا خلال الاستعدادات لإجهاض الضربة الغربية على سوريا، والتي يُعتقد أنها أثرت سلبا في العلاقة بين السعودية والولايات المتحدة.
في الفترة التي سبقت الضربات الأمريكية المتوقعة، طالب قادة سعوديون تفاصيل الخطط الأمريكية بشأن نشر السفن البحرية لحراسة مركز النفط السعودي في المنطقة الشرقية أثناء أي هجوم على سوريا، كما كشف مسؤول على اطلاع بما جرى. وأضاف أن السعوديين فوجئوا عندما قال الأمريكان لهم إن السفن الأمريكية لن تكون قادرة على توفير الحماية الكاملة للمنطقة النفطية.
حينها أبلغ السعوديون، بدافع من الإحباط، الأمريكيين أنهم منفتحون على البحث عن بدائل للشراكة الدفاعية طويلة الأمد، وأكدوا أنهم سيبحثون عن أسلحة جيدة وبأسعار جيدة، أيا كان مصدرها، حسبما ذكر المسؤول.
أما القصة الثانية، وصف دبلوماسي غربي المملكة العربية السعودية بأنها “متلهفة” لأن تكون شريكا عسكريا في الضربات العسكرية التي كان من المفترض أن تقودها الولايات المتحدة على سوريا. وبناء على ذلك، طالب السعوديون أن تُعطى لهم لائحة الأهداف العسكرية للضربات المقترحة. وقال الدبلوماسي إن السعوديين أشاروا إلى أنهم لم يحصلوا على أي من هذه المعلومات.
ونقل التقرير عن مسؤول دفاعي أميركي رفيع المستوى قوله إن الولايات المتحدة تظل “ملتزمة التزاما تاما بالتعاون الأمني” مع السعودية، وتواصل العمل مع المملكة للتخطيط لمختلف حالات الطوارئ الأمنية.
وقال المسؤول إن الحديث عن أننا لن نؤيد تأييدا تاما المملكة في وقت الأزمة “غير دقيق بالمرة” .
“السعوديون مستاؤون جدا، إنهم لا يعرفون وجهة الأمريكيين”، كما صرح دبلوماسي أوروبي كبير.
وقال مسؤول كبير بالإدارة الأمريكية إن الولايات المتحدة والمملكة العربية السعودية لديهما “علاقة قوية ومستقرة” في قضايا الأمن القومي الأساسية .
وأضاف، كما نقلت عنه الصحيفة: “رغم أننا لا نتفق على كل قضية عندما تكون هناك وجهات نظر مختلفة، فإن لدينا مناقشات صادقة ومفتوحة”.
في واشنطن، وخلال الأيام الأخيرة، كما أفاد التقرير، شكا مسؤولون سعوديون لمشرعين أمريكيين أنهم يشعرون على نحو متزايد بالقطيعة إزاء القرار الأمريكي بشأن سوريا وإيران. ووصف مسؤول أميركي كبير الملك السعودي بأنه “غاضب”.
وأضاف مسؤول أمريكي بارز آخر: “مصالحنا ما عادت، وبشكل متزايد، متطابقة”.