لم يخطر ببال أسرة وأصدقاء الطفل عمر همامي الذي ولد ونشأ بين…
ارتبط اسم الأميركي عمر همامي وغيره من أسماء أميركية وأوروبية، مولودة في الغرب واعتنقت الإسلام، بالإرهاب الدولي. ولكن ماذا يدفع من ترعرعوا في أحضان الحضارة الغربية إلى تبني هذا الفكر المتشدد؟
تشعر بالراحة وأنت معه. كنا نعرف أنه يمتلك من صفات القيادة التي تؤهله لأن يكون قائدا
"تشعر بالراحة وأنت معه. كنا نعرف أنه يمتلك من صفات القيادة التي تؤهله لأن يكون قائدا". هكذا وصف تروي غونتر زميله في مقعد الدراسة عمر همامي. تلك الصفات لم تجعله قائدا في مجالات العلم أو الأنشطة الاجتماعية، بل كأحد قادة حركة الشباب الصومالية التابعة لتنظيم القاعدة على بعد آلاف الأميال من مسقط رأسه.
راح همامي يجند الشباب الأجانب للقتال في الصومال، وظهر في أحد مقاطع الفيديو يتحدث بالإنكليزية عن إحدى العمليات. كما استخدم موقع "تويتر" وموسيقى الراب للترويج للحركة المتشددة التي أصبح وجها معاصرا لها.
الأيديولوجيا والنشأة
أثار همامي وغيره اهتمام الباحثين في الغرب ومن بينهم جي بيرغر، صاحب كتاب "أميركيون في حرب باسم الإسلام"، والذي تواصل مع همامي عبر تويتر لفترة طويلة. كتب بيرغر في رسالة إلكترونية لموقع "راديو سوا" أن "المتحولين دينيا متحمسون، وفهمهم للدين يتأثر بشدة بمن حولهم".
فيديو لعمر همامي يغني الراب:
وتقول أستاذة طب النفس السياسي آن سبيكهارك في اتصال مع موقع "راديو سوا" إن "أبناء الجيل الأول من المهاجرين يتأثرون بمحيطهم الثقافي، وكذلك بما يجري في بلدانهم الأصلية". لكن الإرهابي "أيضا ليس شخصا غريب الأطوار"، كما يوضح أستاذ قسم دراسات الإرهاب في جامعة بنسلفانيا جون هورغان، بل هو في الغالب "شخص اجتماعي وذكي وحاصل على تعليم جيد".
فضول فتشدد فجهاد مسلح
كتب بيرغير عدة مقالات عن همامي روى فيها تفاصيل العلاقة بينهما. ولاحظ بيرغر أن التغير في شخص همامي لم يحدث فجأة "وإنما كان عملية تدريجية لشخص متحمس تعرف على الإسلام في 12 من عمره قبل أن تتكون لديه رغبة في لعب دور".
ويوضح بيرغير أنه في بدايات اعتناقه للإسلام أعلن رفضه للجهاد المسلح، ثم جاءت نقطة التحول بتعرفه على السلفي دانيال مالدونادو، الذي لعب دورا في إقناعه بالالتحاق بالمقاتلين في الصومال.
وبعد دخول القوات الإثيوبية الصومال، أدرك همامي أن "الجهاد أصبح واجبا عليه" وكتب في إحدى رسائله "أين الرغبة لأن تنهض وتفعل شيئا مدهشا؟ كفاك تعلقا بالأرض ودع روحك تحلق في السماء".
وترجح أستاذة الطب النفسي آن سبيكهارك أن همامي في هذا الوقت كان يبحث عن هوية، وعندما وجدها في الدين، تعمق فيه وتشدد في تفسيره بل وشجع الآخرين على تبني أفكاره.
أميركيون وأوروبيون في مناطق النزاع
تشير إحصائيات نشرها الكونغرس الأميركي إلى أن 21 أميركيا انخرطوا في صفوف حركة الشباب الصومالية. ويلاحق القضاء الأميركي أشخاصا ساهموا في تمويل هؤلاء وتجنيدهم. ويقدر عدد المقاتلين الأوروبيين في صفوف الجماعات المقاتلة في سورية بحوالي 600 شخص، منهم بلجيكيون وفرنسيون وهولنديون وبريطانيون. وقد كشفت هولندا وفرنسا مؤخرا عن شبكات متورطة في تجنيد مقاتلين هناك.
الأرملة البيضاء
ومثل همامي، سارت على ذات الدرب البريطانية سامنثا لويثوايت الملقبة بـ"الأرملة البيضاء"، وهي أرملة الانتحاري جرماين ليندساي الذي فجر نفسه في قطار لندن عام 2005 ما خلف عشرات القتلى والجرحى.
أصبحت سامنثا، التي ولدت لأسرة مسيحية وكان والدها جنديا في الجيش البريطاني، على قائمة الإنتربول لأهم المطلوبين في العالم على خلفية عملية موباسا في كينيا عام 2011 التي خلفت قتلى وجرحى.،كما يشتبه في تورطها في عملية مركز ويست غيت التجاري الأخيرة في كينيا. كانت سامنثا، حسب عائلتها والمقربين منها، محبة للحياة، مبتهجة، شغوفة بأخبار لاعب كرة القدم البريطاني ديفيد بيكهام، قبل أن تتعرف على زوجها في إحدى غرف الدردشة، الذي أقنعها باعتناق فكره المتشدد. ويرجح بيرغر تأثر سامنثا بفكر زوجها خاصة أنها تعرفت عليه في سن صغيرة. وحسب المعلومات المتوفرة، فقد سافرت "الأرملة البيضاء" إلى الصومال عام 2007 بهدف تجنيد مقاتلين ومقاتلات للحرب ضد "الكفار"، كما حصلت على جواز سفر مزور مكنها من دخول كينيا عام 2011 حيث مارست من هناك أنشطتها. وتورد تقارير إعلامية أنها تعلمت صناعة القنابل بل وكانت تأمل في أن ترى أولادها أشخاصا انتحاريين يوما ما.
المغامرة
لكن الأيديولوجيا ليست العامل الوحيد الذي يدفع أشخاصا إلى الانضمام إلى جماعة النصرة السورية المصنفة أميركيا كأحد أفرع تنظيم القاعدة في سورية. فالأيدولوجيا، حسب البعض، لم تدفع العسكري الأميركي المتقاعد إريك هارون إلى القتال مع الجماعة المتشددة.
وخدم هارون أو "المغامر" كما يطلق عليه، في الجيش الأميركي في الفترة ما بين 2000 و2003 قبل أن يتقاعد جراء إصابة عمل. وترجح بعض المعلومات المتوفرة أن إصابته أثرت على قدراته العقلية وأصابته بحالة نفسية سيئة.
ويرجح بيرغر، أن هارون، الذي جاب الشرق الأوسط لسنوات بعد تقاعده وأثناء ثورات الربيع العربي، هو شخص "مغامر" تماما كهؤلاء الذين سافروا إلى أفغانستان في الثمانينات والتسعينات مدفوعين في البداية بروح المغامرة.
العلاقة بين التشدد والإرهاب
أصدرت شرطة نيويورك دراسة بعنوان" الراديكالية في الغرب"، تبين في موجزها أن الإرهابي يمر بعدة مراحل تبدأ بزيادة مظاهر التدين، لكن بعض الباحثين ومنهم جون هورغان، يعتبر أن افتراض الراديكالية مقدمة للإرهاب هو "وهم".
كما يشير جي بيرغر في كتابه إلى أن الكثير من الإرهابيين لا ينطلقون في أفكارهم من منظور ديني فقط، وأن الأميركيين من كافة الأعراق والأجناس أصبحوا يحاربون باسم الإسلام لتحقيق مفهومهم للعدالة. ويفسر هورغان ذلك بأن بعضهم "يشعرون بأن لديهم واجب تجاه قضية ما، وأن ما يفعلونه هو جزء من شيء أكبر من واقعهم الحالي".
يشعرون بأن لديهم واجب تجاه قضية ما، وأن ما يفعلونه هو جزء من شيء أكبر من واقعهم الحالي
ويقول إن هؤلاء يستخدمون" الدين بهدف التعبئة تجاه قضايا قومية ووطنية".
وتقول أستاذة الطب النفسي المتخصصة في شؤون الجماعات المتشددة آن سبيكهارك، "قدم إريك هارون هذا النموذج، فهو شخص مغامر كان حلمه أن يصبح مقاتلا، ثم تحقق الحلم، ثم تلاشى الحلم، فأصيب بحالة فراغ نفسي، فراح يبحث عن ذاته".
وعندما وجد هارون ضالته في اعتناق الإسلام، "سافر حول الشرق الأوسط وبدأ من هناك يسمع عما يجري في سورية، وتأثر به مثل أي شخص عادي، لكنه قرر أن يفعل شيئا إزاء ذلك، فكان قراره المشاركة في النزاع ضد بشار الأسد".
لكن قضيته "ليست دينية على الأرجح"، كما تقول سبيكهارك. ورغم أنه نشر مقاطع فيديو وصورا له أثناء تواجده مع جبهة النصرة، فهو قد "حرص منذ البداية على تجنب الظهور خشية تعرف تنظيم القاعدة عليه كونه أميركي"، لذلك عندما أنهى مهمته، تقول سبيكهارك، وحقق ما يريد، قرر العودة، فغادر إلى تركيا، ومنها إلى أميركا، حيث كان عملاء مكتب التحقيقات الفدرالي في انتظاره.