تحت عنوان “حماس تفقد شعبيتها بشكل تاريخي وتستعد لاستعادتها عن طريق خطف جندي “شاليط 2” كتب الصحافي الاسرائيلي افي زخاروف في موقع “والله” العبري الواسع الانتشار في اسرائيل، وقال زخاروف إن تنظيم حماس والذي فاز في معظم مدن الضفة بانتخابات العام 2006 تحوّل الان الى وهم مطرود في شوارع رام الله، حيث اقتصاد حماس ينهار وقيادتها مفقودة وحلفاؤها يطلقون عليها لقب “الخائنة”، ولكن حماس تخطط للخروج من هذه الازمة.
وبحسب التقرير، فأن حماس رفعت مؤخرا اعلامها وصور اسراها على جدران بلدة كفر عقب وهي منطقة بين رام الله والقدس تخضع للسيطرة الامنية الاسرائيلية وهي المناطق التي تتواجد فيها حماس الان وليس مناطق السلطة الفلسطينية. كما أن اسرائيل لا تهتم بالاحياء العربية في القدس وتتعمد اهمالها فتقوم حماس بتعزيز تواجدها فيها.
كما ان حماس لا تجرؤ على تعليق اعلامها في مدن السلطة؛ لان السلطة ستعاقبها ان فعلت ذلك. اما الجيش الاسرائيلي والشرطة الاسرائيلية فلا تهتم ابدا بمثل هذه الاحياء ولا تصل اليها. ويرى التقرير انه وبعد جولة في رام الله يتضح أن حماس ممنوعة من اية نشاطات داخل المدينة وهذا هو حالها في باقي مدن ومناطق السلطة. وان التنظيم الذي فاز في العام 2006 في مدن الضفة يعتبر الان تنظيما مطرودا من هذه المدن، بل انه مجرد خيال وفاقد للتأييد الجماهيري.
ويقول التقرير ان هذا الكلام لن يرضى عنه اليمين الاسرائيلي ولن يعجب بنيامين نتانياهو والذين طالما يقولون للجمهور الاسرائيلي انه لولا تواجد الجيش في الضفة لسيطرت حماس، ولكن الواقع ان حماس باتت مطرودة من المدن الفلسطينية. بل ان هذا التنظيم في الدرك الاسفل من ناحية التاييد الجماهيري وبشكل لم يسبق في تاريخ حماس.
ويذهب التقرير اكثر ويقول ان التردي والتدهور الاقتصادي لدى حماس وتضعضع التنظيم عسكريا ليس صدفة. بل ان ذلك نتيجة عمل اسرائيلي فلسطيني مستمر منذ سنوات واغلاق مؤسسات ومراكز مال وضرب قنوات التمويل واعتقال النشطاء. ويقول التقرير ان مكتب نتانياهو لا يقول الحقيقة فليست اسرائيل لوحدها تطارد حماس وانما الاجهزة الامنية الفلسطينية تطاردها مثلما تطارد الجهاد الاسلامي، ومثال على ذلك حملة جنين وتفتيش منزل بسام السعدي احد رموز الجهاد ومنزل جمال ابو الهيجا وهو من رموز حماس واسير في السجون الاسرائيلية.
كما ان ملاحقة الرموز والنشطاء في هذه التنظيمات وخصوصا المعتقلين في السجون الاسرائيلية ليس امرا هينا، بل انها تجر انتقادات كبيرة من الجمهور والسلطة كانت تمتنع عن ذلك. الا ان اجهزة امن السلطة ترى الان ان قواعد اللعبة قد تغيّرت، وفي كل يوم تنشر مواقع الكترونية محسوبة على حماس اسماء نشطاء جرى اعتقالهم ما جعل السلطة واسرائيل تنجحان في تفكيك البنية التحتية للتنظيم في السنوات الماضية وان يدهم طالت كل ناشط ، او اغتالته. وهذا لا يعني ان التنظيم توقف عن محاولة تنفيذ عمليات، بل على العكس ان حماس تحاول وتضاعف جهودها لتنفيذ عمليات خطف جنود واستعراض قوتها، والدليل على ذلك ان الاسرى المحررين في صفقة التبادل شاليط والذين جرى نفيهم الى غزة او الى الخارج حاولوا اعادة تشكيل خلايا سرية لخطف الجنود او اسرائيليين او قتلهم او كلا الهدفين، ولكنهم لم ينجحوا.
ولكن اعتقال النشطاء العسكريين ليس هو الذي يقلق تنظيم حماس وانما ما يقلق حماس هو الضائقة الاقتصادية وغياب القيادات السياسية الجماهيرية المعروفة في الضفة، كما ان الوضع الاقتصادي لحماس في الضفة يتأثر بالوضع في غزة والدعم من الخارج، حيث توقف الدعم من الدول العربية وكذلك سوريا وايران وهما حليفتا حماس سابقا، وهي اسوأ ضائقة مالية تعيشها حماس منذ قيامها كما ان حماس ليس لديها قيادات معروفة في الضفة لانهم معتقلين مثل الشيخ حسن يوسف ومحمود الرمحي. اما القيادات الاخرى فيبدو انها قررت خفض رأسها بل وحتى قطع علاقتهم بحماس مثل نائب رئيس الوزراء السابق ناصر الدين الشاعر والذي يمتنع الان عن الحديث باسم حماس علانية.
كما ان ضائقة حماس في الضفة مرتبطة بضائقة حماس في غزة، لا تمويل ولا بيت ولا صاحب بيت، ولا اية دولة توافق على استضافة حماس ومكتبها السياسي ويواصل خالد مشعل البحث عن مأوى جديد. وحتى العلاقة مع الحلفاء في سوريا وايران باتت ازمة، وقد خرج موسى ابو مرزوق مؤخرا ضد القائد الاول مشعل وقال انه اخطأ حين رفع علم المعارضة السورية او بعبارة اخرى فقد تخلى ابو مرزوق عن مشعل. وحتى مشعل نفسه قال قبل اسبوع انه يؤيد ارادة الشعوب بشرط عدم العنف ولكن هذا لم يعجب بشار الاسد والذي وصف حماس بالخونة الذين تخلوا عن المقاومة.
ويواصل التقرير الاسرائيلي المطول انه لا يمكن تغييب تأثير الاوضاع في الشرق الاوسط على حركة حماس وحركة الاخوان المسلمين والتي تعرضت للاصابات في كل شارع من غزة وحتى السودان والاردن حتى مصر وهكذا. وكيف تحول “الاخوان” المستفيدون الاوائل من الربيع العربي الى كيس رمل يتعرض للضربات من المحور الشيعي من جهة ومن المحور السني الذي يسعى جاهدا للمس بالاخوان من جهة السعودية والكويت والبحرين والامارات ومصر والاردن من جهة ثانية، وهذا ما يمكن ان يفسر محاولة حماس لاستعطاف ايران والمحور الشيعي لان حماس تحتاج المال بشدة بعد اغلاق الانفاق مع مصر وقطع امدادات السلاح ولكن حماس تفقد الحظ ايضا اذ تنشأ قصة غرامية الان بين امريكا وايران ما يعني ان امل حماس في استعادة عطف املحور الشيعي تذهب ادراج الرياح.
ولكن وحتى لا نضلل القارئ- يقول التقرير – ان حماس لا تزال تهنأ من تأييد الجمهور. وصحيح انها فقدت تأييد 2006 بل فقدت كثيرا الا ان رأي الجمهور امر متقلب وليس ثابت. وللتذكير فان وضع حماس كان سيئا بل خطيرا وحرجا في شهر اكتوبر 2011. الا ان اسرائيل وحين قررت منح حماس سلم الانقاذ ووافقت على صفقة شاليط وافرجت عن 1027 اسيرا وجدنا ان الاف من مشجعي حماس خرجوا في شوارع الضفة ليحتفلوا وقد كانوا امتنعوا قبل ذلك عن هذا، اي ان قيادة حماس تفهم الان ان الحركة اذا تحصل على شاليط ثاني او ثالث فان كل ثقة الجمهور ستعود اليها.