ما يهم الولايات المتحدة وإسرائيل في سورية أمران: السلاح الكيميائي، والفوضى التي تحمل معها “الإرهاب الإسلامي”. أما معاناة الشعب السوري، بما في ذلك من استخدام السلاح الكيماوي فلا تعنيهم فعلا.
لقد سلم النظام السوري السلاح الكيميائي بنجاعة وحماس لدرجة استحق معها إشادة أميركية. أما “الإرهاب الإسلامي”، فالنظام يقدم نفسه في الغرب منذ ما قبل الثورة على أنه أفضل حليف في الصراع ضده، وأنه حاربه قبل أن يفطن إليه الغرب.
هذا كان خطابه في الغرب خلافا لطريقة تقديم نفسه على الساحة العربية قبل الثورة. وحينما كان النظام يدعم الجهاديين في العراق إنما كان يفعل ذلك ليفهم الغرب أنهم خطر، وأنه القادر على محاربة هذا الخطر.
فلا يستغربن أحد إذا جرت علمية إعادة تأهيل للأسد بعد أن سلم السلاح الكيماوي بصفته قادرا على الوقوف في وجه “الإرهاب الإسلامي”.
ولا يمكن إفشال ما يجري والتخلص من الاستبداد إذا لم تدرك قوى الثورة السورية ما يلي:
1. أنه لا بد من تغيير موازين القوى على الأرض بتنظيم نفسها فعليا خلف إستراتيجية قتالية موحدة، فالنظام ضعيف ولكنه قوته تنبع أساسا من الفوضى التي تشوب العمل المسلح، ومما ترتكبه تلك القوى “الجهادية” غير المنضوية تحت أهداف الثورة، التي تزوده بحجة وجوده.
2. عليها أن تطرح بديلا ديمقراطيا سياسيا قويا للنظام.
3. أن عليها أن تخاطب الرأي العام العربي والغربي كثورة ضد الاستبداد، وليس كأي شيء آخر.
* تواضع السفاح:
حين يظهر دكتاتور عربي، هو في الواقع سفاح دولي في محطات تلفزة غربية تحاول أن تلمعه بعد أن أدى المطلوب منه، ويقول فيما يقول : “وقعت أخطاء فردية، حتى الرئيس يخطئ فهو ليس معصوما عن الخطأ”. فلا تحسبوا ذلك تواضعا. حتى حين يتظاهر السفاح بالتواضع أمام الأجانب لا يفلح. ليس في هذا القول أي نوع من النقد الذاني ، بل هو من أسوأ تعبيرات الغرور، وجنون العظمة.
كل ما يقوله في الواقع هو فقط أنا لست إلها، انا أقل من الإله بقليل. فقط الله لا يخطئ، وانا ارتكب خطأ هنا وهناك، ولكن لا تسألوه عن خطأ واحد محدد، فهو لا يذكر أي خطأ محدد ارتكبه، فضلا عن الجرائم.
د. عزمي بشارة