قَدرُ اللاجئين السوريين، خصوصا الفتيات الصغيرات، اللواتي هجّرتهنّ الحرب الدائرة بين الجيش النظامي والجيش الحرّ، أن تلحقهنّ المعاناة، حتى بعد مغادرتهن لسوريا، إلى حيث يوجدن داخل مخيّمات اللاجئين في الأردن ولبنان، حيث يتمّ استغلالهنّ من طرف وسطاء لـ”بيعهنّ” إلى خليجيين، للزواج بهنّ، وهنّ ما يزلن في مرحلة الصّبا.
“عندي رجل سعوديّ عُمره 70 سنة، يريد الزواج من فتاة صغيرة لا يتعدّى عمرها 13 سنة، من منكنّ تريدُ التعرّف عليه؟”. تقول “أمّ ماجد”، التي تعمل وسيطة أو “بائعة” للطفلات السوريات الصغيرات للخليجيين، مخاطبة ثلاث طفلات سوريات داخل بيتها، فتردّ إحدى الطفلات، اللواتي يرتدين جميهنّ النقاب، “أنا”، ثمّ تطأطأ رأسها وتفرك أصابع يديها بتوتّر.
قناة NT-V الألمانية، التي سلّطت الضوء على هذا الموضوع، في ربورتاج خاصّ، أوْردت أنّ “الشيوخ” السعوديين يستغلّون هؤلاء الطفلات الصغيرات، حيث يتزوّجون بهنّ، ويفعلون بهنّ ما يريدون، ثم يطلّقونهنّ بعد ذلك”.
“أنا لست خائفة منه ولكني قلقة لأنها المرّة الأولى التي أضحّي بحياتي من أجل أمي وإخوتي”، تقول إحدى الطفلات التي تختفي ملامح وجهها تحت النقاب، لمراسلة القناة الألمانية، وهي منهمكة في غسل الأواني داخل المطبخ، وتقول طفلة أخرى “أنا كرهت نفسي، ولا أريد رجلا أبدا في حياتي، ولا أتمنّى لأيّ فتاة أن يحصل معها ما حصل معي، لكن يجب عليّ أن أتزوّج، لأنّ عائلتي عليها ديون”.
الوسيطة “أمّ ماجد”، أو “بائعة الطفلات السوريات اللاجئات”، كما سمّتها القناة الألمانية، تعثر على الفتيات الصغيرات داخل مخيم اللاجئين السوريين في كل من الأردن ولبنان، ومن هناك تصحبهنّ إلى بيتها، وتعرض عليهنّ لائحة “الرجال” الراغبين في الزواج من طفلات صغيرات، والذين يتشكلون في الغالب من كبار السنّ، وغالبا ما يُوافقن، هربا من المعاناة داخل مخيّم اللاجئين، وضغط عائلاتهنّ، لكنهنّ سرعان ما يسقطن في براثن معاناة من نوع آخر، داخل “بيوت الزواج”.
من بين النماذج التي أوردتها القناة الألمانية، الطفلة “غزال”، التي قالت القناة إنّها أجبرت على الزواج من شيخ سعودي، بدون رغبتها، بعد أن “بيعت” له، وبعد “الزواج” تعرّضت للضرب والاغتصاب لمدّة شهرين، رغم أنّ سنّها لا يتعدى 12 عاما”.
استغلال الطفلات السوريات اللاجئات في مخيّمات اللاجئين بالأردن ولبنان، من طرف “شيوخ” الخليج، وتناول الموضوع من طرف وسائل الإعلام الغربية، قد يفاقم من النظرة السلبيّة التي ينظر بها الغربيون إلى الإسلام، ففي الربورتاج الذي أعدّته مراسلة قناةNT-V الألمانية، أوردت المراسلة أنّ منظمات حقوق الإنسان في مخيمات اللاجئين بالأردن وسوريا تحاول أن توقف تجارة الفتيات، لكنّ هذه المنظمات فشلت في هذه المهمّة، “بسبب أنّ الشريعة الإسلامية تسمح بتزويج الفتيات الصغيرات إذا وافق وليّ الأمر على الزواج”، قبل أن تستدرك “ومع ذلك ينظر إلى هذا الزواج القسري على أنّه استثناء متطرّف في الشريعة الإسلامية”.
هسبريس – محمد الراجي