لا أجد كلمات مناسبه لنعي الشاعر الفلسطيني الكبير علي الخليلي الذي وافته المنيه الاربعاء الماضي في رام الله بعد صراع مع المرض .. فقد لاقى علي الخليلي في اخريات ايامه ظلما رسميا تماما مثل يحدث لمثقفي بلاد العرب من تجاهل وعدم اهتمام حتى اثناء المرض ..
لقد عرفت وزاملت الشاعر الكبير ايام عملنا في ليبيا منذ سنة 1974 وحتى نزوحه عن ليبيا عام 1977 على ما اذكر متوجها نحو الوطن في مدينة نابلس .. ومنذ ذلك الحين انقطعت اخباره عني سوى ما كان يكتبه ٍ.. فاقرأه بشغف ولم نتواصل سوى مرة واحدة عندما ارسل لي قصيدة نشرتها في حينها ولا اذكر القصيدة او تاريخها .. ولكنها كانت تعبر عن مأساة الشاعر في وطنه ..: مع حبه لمدينة نابلس التي ترعرع فيها ونما وشهد فيها صراعا مع المرض ما بعد قدومه اليها .
كان الخليلي قدوة لنا في اتحاد الكتاب الفلسطيني في ليبيا الذي كان لي شرف رئاسته لسنوات اربع .. عرفت خلالها علي الخليلي معرفة يقينيه .. فقد كانت دماثة خلقه ورقته تأسرني كما كانت تأسر باقي الزملاء .. كان متواضعا ورؤوفا وحنونا وشاعرا مجيدا .. وشعره يعبر عن الوجع الذي تركته اوضاع فلسطين في قامته .. فقد كانت فلسطين حاضرة في كل نأمة وكل كلمة يقولها ..
وعندما غادر الخليلي ليبيا متوجها الى فلسطين بكيت .. وشعرت باني فقدت عزيزا لن اراه مرة اخرى .. وهكذا كان .. فقد انغمس في شعره واموره الحياتية حتى انقطعت اخباره عني .. وكنت كلما رأيت بعض شعره على الشبكة تخرج من صدري زفرة وآهة تعذبني .
موته كان صدمة لي .. مع انني اعلم تماما ان الموت قادم لكل منا ..ولكنك كأنسان لا تشعر بالحزن عندما يغيب عن وجه الارض شخصا لا تعرفه .. ولكنك تتألم عندما تعرف من توفي انه جزء من حياتك .. وموته يعني ان الموت قادم اليك .. فهو يذكرك بكل نأمة او حركة للمتوفي .. وهكذا غرس علي الخليلي حركاته واقواله في ذاكرتي .. ولم استطع الا ان اكتب نعيه ..
علي الخليلي قامة شعرية باسقة .. وعندما تقرأ شعره تشعر بانك تتحول الى غابة مورقة بالاشجار اليانعه .. او بحيرة ملاى بالاسماك من كل لون وصنف .. تتحرك كل الالوان في ذاكرتك ولا تملك الا ان تعبر عن اعجابك بذكر كلمة .. الله .. الله يا علي ..
غاب عنا علي الخليلي .. فهل تقدم سلطة الحكم في رام الله على تخليد ذكرى هذا الشاعر العظيم .. بدفنه الى جانب الشاعر الكبير محمود درويش ..
اني اقترح على تلك السلطة ان تخصص مقبرة لمثقفي فلسطين .. كتابها وشعراءها ورساميها وفنانيها .. سواء كانوا في فلسطين او المهجر .. فلا اجمل من ان تدفن في البلد الذي اوحى اليك بالفكر والجمال .. وامضيت عمرك تتغنى بجماله .
رحمك الله يا علي .. واسكنك فسيح جناته .. فاني والله اشهد انك كنت محبا لفلسطين .. محبا للفلسطينيين .. رائدا في كل ما تكتبه .. وشاعرا عظيما نفتقدك في هذه الايام العصيبة التي يمر بها الوطن ..
و .. انا لله وانا اليه راجعون .
وليد رباح – نيوجرسي