منذ ان أبدى العاهل الاردني عبدالله الثاني ملاحظاته على ضعف أداء الإعلام الأردني،عكف المطبخ الأمني والسياسي في الديوان الملكي ، على اعادة قراءة الخريطة الإعلامية الأردنية التي تهاوت بشكل غير مسبوق للخروج من مأزق الوهن الذي لف تلك المنظومة بكافة مفاصلها المقروءة والمسموعة والمرئية، تحت وقع تراجع حاد في مبيعات صحيفة الرأي، أكبر الصحف الأردنية، والانهيار المالي الذي شهدته جريدة الدستور، اليومية الثانية في المملكة والذي استدعى تدخلا حكوميا مباشرا في تعيين إدارة للصحيفة نجحت حتى الآن في إبقاء صحيفة الدستور على قيد الطباعة بعدما كانت على وشك الإغلاق، في حين أغلقت يومية العرب اليوم أبوابها وسط جدل في الشارع حول أسباب إغلاقها، الذي تقول عنه الحكومة ان جاء على خلفية ضائقة مالية يمر بها ناشرها، في حين ترى جهات أخرى ان سبب الإغلاق كان لخط الصحيفة ولسياستها التحريرية التي أزعجت الحكم والحكومة فقررت وضع حد لها.
التلفزيون الأردني الرسمي والإذاعة الاردنية ايضا لم يسلما من التراجع في مستوى المشاهدة والمتابعة مما اقتضى ان تشملها الدراسة التي وضعت ما بين يدي الملك وأصحاب القرار في المؤسسة الأمنية الأردنية ، حيث تشير المعلومات الراشحة ان تغييرات شامله ستطال قريبا تلك المؤسسات والصروح الإعلامية التي اهتزت أساساتها بفعل التعيينات غير المدروسة التي جرت في بعضها في حين تراجع البعض الآخر حينما عجز عن مواكبة ثورة العلم والتكنلوجيا وأبقى على ذات الإدارة التي كانت سائدة قبل عصر الإنترنت والألياف الضوئية.
أولى الخطوات التي اتخذت في هذا الشأن كانت ذات بعد دولي، حيث فتحت عمان ذراعيها للإعلامي العربي الكبير عبد الباري عطوان ليطلق مشروعه الاعلامي منها، وهي تعرف ان كلفة فاتورة وجوده السياسية على الاراضي الاردنية ربما تكون كبيرة ، لا بل كبيرة جدا، ومع هذا تعهد العاهل الأردني الباحث عن أعلام متميز ومختلف بتحملها عن طيب خاطر.
ثاني هذه الإجراءات هي تلك المفاوضات السرية التي تجري بهدوء منذ اكثر من شهر تقريبا، ما بين مستثمر اردني مليء ماليا وجهات حكومية وأمنية لإتمام صفقة شراء يومية " العرب اليوم" بعد ان ضمن المستثمر موافقة الإعلامي الأردني المعروف نايف الطورة المقيم في الولايات المتحدة الأمريكية على تولى إدارة الصحيفة، ضمن معايير وشروط استجاب لها المستثمر الجديد تلبي سقف الطورة الصحفي وسياسته التحريرية .
صفقة العرب اليوم إذا ما تمت فهي بالتأكيد مؤشر على ان سقفا اخر للحريات الصحفية في الأردن على وشك ان يتشكل وترفع اعمدته ، إذ ان عودة رجلين بوزن الطورة وعطوان الى عاصمة الملك الهاشمي " عمان" على رأس مؤسستين اعلاميتين في هذا الوقت بالذات لا يمكن ان تكون عفوية ولابد من وان تكون صفقة ما تقف خلفها، قضت بتقديم ضمانات وطمأنة لهما بتحمل كلفة سقفهما العالي وتبعات ما سينشرانه عن دول الجوار وخصوصا الخليجية منها.