اعربت اوساط سياسية واعلامية بحرينية الاثنين عن امتعاضها من صفقة اميركية ايرانية على حساب أمن الخليج والمنطقة العربية، في لعبة مصالح قد ترضي طموحات ايران التوسعية مقابل الحفاظ على أمن إسرائيل وتأمين مصادر الطاقة للولايات المتحدة.
وذهب بعض المعلقين السياسيين الى حد القول بأن واشنطن ربما تعيد للجمهورية الاسلامية دور "شرطي الخليج" الذي كانت تلعبه طهران ابان حكم الشاه قبل العام 1979.
وتسارعت خطوات التقارب بين البلدين منذ تولي الرئيس الايراني حسن روحاني منصبه في أغسطس/آب وتوجت اخيرا باتصال هاتفي جمعه مع نظيره الاميركي باراك أوباما الجمعة، في خطوة معلنة هي الأولى على هذا المستوى من أكثر من ثلاثين عاما.
واعتبر الكاتب البحريني محميد المحميد ان الولايات المتحدة "تود أن تكون البحرين بوابة الخليج العربي هي محطتها التالية وفق صفقة معلنة مع إيران، لأن المصالح هي التي تحكم هنا، فأمريكا تريد النفط الخليجي وإيران تريد التوسع، ولا يهم الضحايا وإن كانوا حلفاء استراتيجيين لأنه كلام إنشائي لا أكثر ولا أقل".
واستذكر المحميد في مقال له الاثنين في صحيفة اخبار الخليج البحرينية، قائلا " قبل خمسين عاما وقف شاه إيران، خلال وضع حجر الأساس للبرنامج النووي وبمناسبة بمرور 2500 عام على تأسيس الإمبراطورية، وقال 'نعم، نحن شرقيون.. ولكننا ننتمي إلى العرق الآري.. ماذا يكون الشرق الأوسط هذا؟ لا أحد يستطيع أن يجدنا هنا.. ولكن في آسيا، نعم! نحن آسيويون ننتمي إلى العرق الآري الذي تعتبر عقليته وفلسفته أقرب إلى الدول الأوروبية'.. ومنذ ذلك التاريخ بدأ دور إيران كعسكري وشرطي للخليج العربي".
وأضاف "بعد سقوط الشاه ووصول الخميني ونظام الملالي وحادثة اقتحام السفارة الاميركية، فترت العلاقة الإيرانية الاميركية في العلن، ولكن مع امتداد الأيام وتقلب الأزمان والسنوات، عادت إيران من جديد بذات العقلية، وأعلنت أميركا التصالح العلني معها، من خلال صفقة واضحة تقوم على: إيران التوسعية المذهبية، وأميركا المصلحة النفطية".
وفي "أخبار الخليج" أيضا، قال المعلق السياسي ابراهيم الشيخ "عندما يتوافق الخطابان الاميركي والإيراني بصورة معلنة، فاعلم أن وراء الأكمة ما وراءها! لقد عوّدانا على التنسيق الخبيث الخفي، كما فعلوها في العراق وأفغانستان، أما اليوم فوظيفة التعري باتت تجذب إليها عاهرات جددا كل يوم".
وأشار الشيخ الى مقابلة أجرتها قناة الجزيرة مع السفير الاميركي السابق في البحرين آدم إيرلي الذي أكد ان هناك تدخلاً إيرانياً واضحاً في البحرين، اكتشفه أثناء عمله.
وأردف قائلا "لمن لا يعرف ذلك السفير، فهو الذي وقف أمام الكونغرس قبل مجيئه إلى البحرين، معلناً أنه آت لإعطاء الشيعة حقوقهم في البحرين"!
واوضح الشيخ "ما يعني أن مهمته كما هي مهمة من بعده، تثبيت النَفَس والتناحر الطائفي في البحرين، وهي التهمة التي وجهها أوباما للبحرين، ثم يرسل لنا سفراءه يديرونها بيننا باحتراف".
أما صحيفة الايام فقد عكست ايضا استياء بحرينيا من خطاب اوباما الذي وضع فيه المملكة على قدم المساواة مع العراق وسوري من حيث التوترات الطائفية.
وقال الكاتب صلاح الجودر في مقال له الاثنين في "الايام" ان الخطاب الرئاسي الاميركي الأخير "أحدث صدمة وخيبة أمل واستياء رسميا وشعبيا على جميع المستويات، فوقوف الرئيس الاميركي باراك أوباما أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الثامنة والستين أدخل اسم البحرين قسراً في موضوع لا يمكن تصديقه أو قبوله ونحن نعيش في قلب الحدث".
وكان اوباما قل الثلاثاء في خطاب له امام الجمعية العامة للأمم المتحدة ان "العمل الشاق من أجل نشوء الحرية والديمقراطية هو مهمة جيل بأكمله، وهذا يشمل المساعي الرامية إلى تسوية التوترات الطائفية التي تواصل الظهور في أماكن مثل العراق والبحرين وسوريا".
وأضاف الجودر ان "البحرين وما تشهده من أحداث إرهابية إنما هي جزء من مخطط إيراني قديم انطلق مع قيام الثورة الإيرانية وعرف من حينها بتصدير الثورة، فالبحرين تعاني من التدخل الإيراني في شؤونها منذ الاستقلال عام 1970، وهي كل عشر سنين تتعرض لمخطط جديد لزعزعة أمنها واستقرارها، ولعل ما يسمى بالربيع العربي كان احدى الفرص الذهبية التي دفعتها لتأجيج الأوضاع في البحرين تحت مفهوم حقوق الإنسان وحقوق الإقليات وحرية الأديان".